في الاجتماع الـ30 لمنتدى الفوبريل:محمد ولد الرشيد يدعو إلى إنشاء منتدى للحوار البرلماني بين المغرب.. أمريكا الوسطى والكراييب
دعا رئيس مجلس المستشارين، محمد ولد الرشيد، اليوم الأربعاء بالرباط، إلى إنشاء منتدى للحوار البرلماني بين المغرب، أمريكا الوسطى والكراييب، تعقد دوراته بالتناوب بين الجانبين.
وقال السيد ولد الرشيد في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع الاستثنائي الثلاثين لمنتدى رؤساء المجالس التشريعية بأمريكا الوسطى والكراييب والمكسيك (الفوبريل)، الذي يستضيفه البرلمان المغربي، إن منتدى الحوار الم قترح سيسمح بمزيد من التعرف على على تاريخ، وقيم وحضارة، وحاضر، ومؤهلات البلدان الأعضاء في منتدى (الفوبريل)، كما سيشكل فرصة لتتعرف شعوب البلدان المنتمية له “على عراقة تاريخ المملكة المغربية، وما حققته في مسارها التنموي”.
وفيما يلي نص الكامل لكلمة التي القاها رئيس مجلس المستشارين:
“يشرفني في البداية أن أرحب بكم في أرض السلم والتعايش والحوار وتلاقح الحضارات، بلدكم الثاني المملكة المغربية، وأن أعبر عن اعتزازي بالمساهمة في افتتاح أشغال هذا اللقاء الرفيع والهام.
وفي الحقيقة، فإن اعتزازي اليوم، هو اعتزاز متعدد الأبعاد والاعتبارات، فلقاؤنا ينعقد وأنتم تخلدون الذكرى الثلاثين لتأسيس منتداكم الجهوي الهام الذي انطلق منذ سنة 1994، وينعقد أيضا بعد مرور عشر سنوات على انضمام برلمان المملكة المغربية، بصفة عضو ملاحظ دائم لدى مؤسستكم البرلمانية الصديقة في أكتوبر 2014.
وقبل هذا وذاك، فان اعتزازي الأكبر والأعمق، هو أن نستضيف دورتكم هاته، في شهر ذي رمزية ودلالة عميقتين لدى الأمة المغربية شهر نونبر الذي تجتمع فيه مناسبتان تاريخيتان، ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة كأعظم الملاحم في مسار استكمال وحدة الأرض وسلامة التراب، وذكرى الاستقلال المجيد، كذكرى وطنية متأصلة في تاريخ ووجدان المغاربة نستحضر معها قيم العطاء والتضحية، والوطنية الصادقة، وملاحم خالدة في الدفاع عن الوحدة الترابية، والكفاح من أجل الحرية والاستقلال، في تلاحم منقطع النظير بين الشعب والعرش العلوي المجيد.
وكما قال صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في خطابه السامي للأمة بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة: “إن التضحيات التي قدمها جيل المسيرة، تحفزنا على المزيد من التعبئة واليقظة، قصد تعزيز المكاسب التي حققناها، في ترسيخ مغربية الصحراء، ومواصلة النهضة التنموية، التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية”.
حضرات السيدات والسادة
إن هذه النهضة التنموية، التي تحققت بفضل الأوراش والمشاريع المهيكلة غير المسبوقة، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، على مختلف الأصعدة، لَيَعْكِسُهَا بحق، حجم التطور والتقدم في مختلف القطاعات الحيوية، كالصحة والتعليم والطاقة الشمسية والريحية وتحلية مياه البحر ومدن المهن والكفاءات والمركز الاستشفائي الجامعي بمدينة العيون، كقطب صحي متقدم في خدمة ساكنة جهات الأقاليم الجنوبية للمملكة، وميناء الداخلة الأطلسي، كأحد أضخم مشاريع البنية التحتية في إفريقيا.
ومما لا شك فيه، أن المكانة التي تحتلها الأقاليم الجنوبية كمركز ريادي للتنمية والازدهار، ووجهة جذابة للاستثمار والمستثمرين وللمشاريع الكبرى لا تجعلها فقط، نقطة التقاء لربط المغرب بعمقه الإفريقي، وجسرا حضاريا بين إفريقيا وأوروبا، بل أيضا منارة تربط حاضر المغرب بمستقبله المشرق.
وباعتباري واحدا من أبناء هذه الربوع الغالية، المزداد بمدينة العيون حاضرة الصحراء المغربية ومن موقعي كرئيس لمجلس المستشارين، وكنائب أول لعمدة مدينة العيون، ومستشار بمجلس جهة العيون الساقية الحمراء إضافة إلى باقي المنتخبين الصحراويين بالبرلمان ومختلف المجالس الترابية نحن هم الممثلون الشرعيون والحقيقيون لساكنة الصحراء، ويتملكنا الفخر والاعتزاز بالنهضة التنموية المنقطعة النظير التي تشهدها الأقاليم الجنوبية مؤكدين على أن مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، والذي يحظى بالإشادة الأممية وبالدعم الدولي الصريح، يبقى الحل الوحيد المقبول لإنهاء هذا النزاع المفتعل.
حضرات السيدات والسادة
إن مشاعر الاعتزاز التي عبرت عنها في بداية هذه الكلمة، لا يوازيها في قوتها وصدقها، إلا التقدير لِمَا تـمكن برلمانيو الفوبريل من بنائه وتحقيقه بالوحدة والتوافق، خلال هذه العقود الثلاثة، ضمانا لتكامل شعوبهم، ومن أجل أمريكا وسطى وكراييب أكثر اتحادا واندماجا وانفتاحا على العالم.
ولئن كان المجال اليوم لا يتسع لاستعراض كل ما تحقق خلال هذه السنوات العشرة، غير أن ذاكرتنا المؤسساتية، تحتفظ وستظل، بمضامين الاجتماع الاستثنائي السابع عشر (17) لمنتداكم بمقر برلمان المملكة المغربية، والتضامن القوي والمواقف الأخوية النبيلة التي عبر عنها أعضاء المنتدى ردا على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، المعادية لقضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
والمواقف الأخوية النبيلة نَفْسُهَا، سبق أن عبر عنها منتداكم في نونبر 2017، حين احتضن البرلمان المغربي، بمجلسيه، أشغال دورتكم العادية الخامسة والثلاثين (35)، والتي توجت بإصدار “إعلان الرباط” الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية.
كما ستظل ذاكرتنا الجماعية، فخورة ب”جائزة إِسْكِيبُولاس للسلام” التي منحها منتداكم لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في ماي 2022، والتي أكدتم أنها جاءت تكريما وتقديرا لحكمة وتبصر جلالة الملك حفظه الله، وسعي جلالته الدؤوب لإحقاق السلم بين الشعوب.
نفس هذا الزَّخم على مستوى علاقاتنا الثنائية، عرفتها مبادراتنا المشتركة، والتي توجت بإنشاء “المنتدى البرلماني لبلدان إفريقيا وأمريكا اللاتينية والكراييب” (أفرولاك)، و”منتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب لمجالس الشيوخ والمجالس المماثلة والاتحادات الجهوية والإقليمية بإفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكراييب”، وهي المبادرات التي نتعهد بمواصلة تعزيزها وتطويرها لتكون محافل وفضاءات برلمانية مؤسساتية لإسماع صوت شعوب الجنوب، وطرح قضاياها المشتركة.
حضرات السيدات والسادة
إن هذا المسار المتميز، الغني والأخوي النبيل، القائم على روح الاحترام المتبادل، يطوقنا اليوم، بمسؤولية تعزيزه ونقله إلى فضاءات أرحب من التعاون المثمر لما فيه صالح بلداننا وشعوبنا، ذلكم أن تضمين جدول أعمال هذه الدورة، لقرار ارتقاء برلمان المملكة المغربية إلى “صفة شريك متقدم”، وما يفتحه هذا القرار من أفق كبير للعضوية الكاملة لمؤسستنا التشريعية المغربية بمنتداكم الصديق وفق منطوق الفقرة “دال” من المادة 57 من القانون الداخلي لمؤسستكم الصديقة، يحتم علينا التفكير الجماعي من أجل إضفاء المعنى على هذا الحدث ومأسسة علاقاتنا، وفق منظور مؤسساتي جديد.
واسمحوا لي في هذا الباب، أن اقترح عليكم إنشاء منتدى برلماني نسميه “منتدى الحوار البرلماني: (المغرب – أمريكا الوسطى والكراييب)”، نعقد نسخة منه بالمملكة المغربية، ثم نسخة ببلد عضو بمؤسستكم الصديقة، لتكون الدورة المنعقدة بمنطقتكم مقاما، يسمح لنا بالمزيد من التعرف على تاريخ، وقيم وحضارة، وحاضر، ومؤهلات بلدانكم الصديقة، وفرصة كذلك، لتتعرف شعوبكم على عراقة تاريخ المملكة المغربية، وما حققته في المسار التنموي. هي فكرة أطرحها عليكم لندقق في ميكانيزمات اشتغالها وآليات وآجال عقدها.
حضرات السيدات والسادة
إن تواجدكم معنا اليوم، وإصرارنا على المزيد من الصداقة والتعاون معكم، نابع من قناعات أصيلة وراسخة لدى كافة مكونات الشعب المغربي، وأهمها إيماننا المطلق بأهمية دعم كل المبادرات التضامنية، وكل المشاريع الاندماجية، وخصوصا المرتبط منها بالتعاون جنوب- جنوب، لما له من أهمية قصوى في تعزيز الحوار والتضامن وتحقيق التنمية المشتركة.
كما أن مسار علاقاتنا المتميزة يؤطره تجسيدنا لقناعة المغرب الراسخة بأهمية الدور الطلائعي الذي تلعبه اليوم التكتلات الإقليمية والجهوية في عالم متنامي التحولات والتغيرات، وهو قبل كل هذا وذاك، قرار ينسجم مع الخيار الاستراتيجي لبلادنا تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بتعزيز التعاون جنوب-جنوب، وهو ما جسدته الزيارة التاريخية لجلالته لبلدان أمريكا اللاتينية سنة 2004، وما سبقها ولحقها من دبلوماسية ملكية مباشرة ومبادرات تنموية تضامنية في قارتنا الإفريقية منذ اعتلاء جلالته لعرش أسلافه المنعمين.
وحين نتحدث عن المبادرات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده من أجل تعزيز التعاون جنوب-جنوب، لابد أن نُذَكِّرَ، بكل فخر واعتزاز، بالمبادرة الملكية الرائدة على الصعيد الدولي، والتي تهدف إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل الإفريقي إلى المحيط الأطلسي، وتسعى إلى إنشاء إطار مؤسساتي قوي يربط بلدان القارة الإفريقية الـ 23 المطلة على المحيط الأطلسي، وهو ما من شأنه أن يجعل الواجهة الأطلسية للمغرب منطلقا لتعزيز الربط اللوجيستي بين المغرب وإفريقيا وبلدانكم الصديقة، لتطوير المبادلات التجارية، وتأهيل آليات التدفقات الاستثمارية.
حضرات السيدات والسادة
في الختام، إذ أجدد شكري العميق وامتناني الصادق لكم جميعا على حضوركم ومساهمتكم، أدعوكم للعمل جنبا إلى جنب لتعزيز علاقاتنا المشتركة ولفتح آفاق جديدة للتعاون المثمر، ولبناء شراكة نموذجية تُجسد طموحات شعوبنا، وتضمن لهم مستقبلا مشرقا، تُظِلُهُ قيم الأمن، والاستقرار والتنمية المستدامة والعيش الكريم.
أجددي شكري لكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.”
وتجدر الاشارة الى أن منتدى الفوبريل تأسس سنة 1994 بهدف دعم آليات تطبيق وتنسيق التشريعات بين الدول الأعضاء، وكذا إحداث آليات استشارية بين رؤساء المؤسسات التشريعية لمعالجة مختلف المشاكل التي تواجهها المنطقة، إلى جانب دعم الدراسات التشريعية على المستوى الجهوي.
ويضم المنتدى رؤساء المجالس التشريعية للدول الأعضاء التسع وهي: غواتيمالا، بيليز، السلفادور، الهندوراس، كوستاريكا، بنما، جمهورية الدومينيكان، المكسيك وبورتوريكو. كما يضم أعضاء ملاحظين وهم: برلمان أمريكا اللاتينية (برلاتينو)، وبرلمان أمريكا الوسطى (برلاسين)، ومجلس النواب الشيلي، فضلا برلمان المملكة المغربية الذي ارتقى إلى صفة “شريك متقدم” للمنتدى.
س.ح
التعليقات مغلقة.