رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية يشيد بالدور المحوري للمملكة المغربية في مجال تكوين جراحي الدماغ الأعصاب الأفارقة.. ويسلم ذرع التكريم للبروفيسور عبد السلام الخمليشي
افتتح رئيس دولة جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس-أنتوان تشيسيكيدي Félix-Antoine Tshisekedi، يوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 في كونغو في كينشاسا، المؤتمر الخامس للجمعية القارية الأفريقية لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب – CAANS 2024.
وفي خطابه اثناء جلسة افتتاح المؤتمر، عبر رئيس الدولة عن سعادته بالتقدم الذي حصل في المجال الطبي بجمهورية الكونغو الديمقراطية، إذ لم يكن في جمهورية الكونغو الديمقراطية قبل 35 عامًا سوى جراحين اثنين للدماغ والأعصاب، وارتفع عددهم اليوم إلى 24 جراح.
وهذا التقدم الذي أشاد به رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، راجع بشكل كبير إلى التعاون المتين في مجال تكوين جراحي الدماغ والأعصاب الأفارقة، الذي تم إرساؤه منذ أكثر من عقدين بين المملكة المغربية وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
ومنذ حوالي عشرين عامًا، تم اعتماد شعبة جراحة الدماغ والأعصاب في جامعة محمد الخامس بالرباط من قبل الفيديرالية العالمية لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب (WFNS) لتكوين الأطباء الشباب من دول أفريقيا جنوب الصحراء في مجال جراحة الدماغ والأعصاب.
وقد بدأ هذا البرنامج التخصصي الدقيق المعروف باسم “المركز المرجعي الدولي بالرباط لتكوبن جراحي الدماغ والأعصاب الأفارقة” عام 2002، عندما وصل أول طبيب افريقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية ليبدأ تكوينه في جراحة الدماغ والأعصاب في الرباط.
وتم إنشاء هذا البرنامج من قبل البروفيسورعبد السلام الخمليشي، أستاذ جراحة الدماغ والأعصاب في جامعة محمد الخامس بالرباط، بعد دراسة أنجزها ما بين 1996 و1998 والتي سلطت الضوء لأول مرة على الوضع المقلق لجراحة الدماغ والأعصاب في بلدان افريقيا جنوب الصحراء، حيث ان 80% من سكان هذه المنطقة كانوا يعانون من نقص كبير في جراحي الدماغ والأعصاب، وأقل من جراح 1 / 3 بالنسبة لـ 20 مليون نسمة رغم ان (المنظمة العالمية للصحة توصي بجراح واحد للدماغ لكل 100,000 نسمة).
وبناءً على هذه الدراسة، اعتمدت الفيديرالية العالمية لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب (WFNS) شعبة جراحة الدماغ والأعصاب بجامعة محمد الخامس بالرباط كالمركز المرجعي الدولي بالرباط لتكوبن جراحي الدماغ والأعصاب الأفارقة.
كما التحقت شعب أخرى لجراحة الدماغ والأعصاب مغربية إلى هذا البرنامج، حيث انضم حاليًا 9 أقسام لجراحة الدماغ والأعصاب تابعة لـست جامعات مغربية في كل من الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس، تشارك كلها في تحقيق نجاح هذا التكوين.
ويعتبر هذا التكوين اختصاصا كاملا في جراحة الدماغ والأعصاب، الذي يستغرق 5 سنوات، ويتم في نفس الظروف التي يخضع لها زملاؤهم المغاربة بنفس التداريب في المستشفيات، والامتحانات، والشهادة في نهاية الدورة التكوينية.
وخلال فترة عقدين من الزمن، بدأ هذا المركز نشاطه، حيث تم قبول أكثر من 100 جراح أفريقي، 64 منهم حصلوا على شهاداتهم ، و37 آخرون لا يزالون يواصلون تكوينهم حاليًا، فيما عاد المتخرجون الـ 64 إلى بلدانهم، ويعملون في المستشفيات العمومية ويُنشؤون مراكز محلية للتكوين في جراحة الدماغ والأعصاب على المستوى المحلي. وهؤلاء الجراحون ينحذرون من 24 دولة أفريقية جنوب الصحراء (بنين، بوركينا فاسو، بوروندي، الكاميرون، تشاد، الكونغو برازافيل، جيبوتي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، الغابون، غانا، غينيا بيساو، غينيا كوناكري، ساحل العاج، مالاوي، مالي، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، رواندا، سيراليون، الصومال، تنزانيا، توغو، أوغندا).
ويندمج هذا البرنامج في إطار التعاون جنوب-جنوب الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، حيث يقدم المغرب تكوينا جراحيا تخصصيا في مجال دقيق، مجانا الجامعات المغربية التي يتم فيها هذا التكوين.
وأثناء فترة تدريبهم في المغرب، يستفيد معظم هؤلاء الشباب من منح دراسية من عدة مؤسسات، بما فيها الوكالة المغربية للتعاون الدولي، والفيديرالية العالمية لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب (WFNS Foundation) ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو”.
ويصنف هذا البرنامج التدريبي، إلى جانب برامج أخرى في العلوم العصبية الأساسية، المغرب في طليعة الدول الداعمة للتكوين والبحث في مجال العلوم العصبية على المستوى الأفريقي، وذلك بمناسبة انعقاد المؤتمر الخامس للاتحاد الأفريقي لجمعيات جراحة الأعصاب (CAANS) في كينشاسا بجمهورية الكونغو الديمقراطية، من 25 إلى 28 نوفمبر 2024، حيث شارك المغرب شارك بوفد هام يتكون من حوالي 20 جراحا وجراحة للدماغ والأعصاب في أعمال هذا المؤتمر، حيث عبر المشاركون عن اعترافهم بالدور المحوري للمملكة المغربية في تطوير جراحة الدماغ والأعصاب الأفريقية.
وقد حضي البروفيسور عبد السلام الخمليشي بشرف تسليمه من طرف رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، درع تكريمي ، اعترافا وتقديرًا لجهوده وجهود جميع جراحي الدماغ والأعصاب المغاربة في هذا التكوين لفائدة جمهورية الكونغو الديمقراطية بصفة خاصة والأفارقة بصفة عامة ، حيث تم تدريب 22 جراحا في المغرب من جمهورية الكونغو الديمقراطية في إطار هذا البرنامج.
وتجدر الإشارة الى ان جراحي الدماغ والأعصاب الأفارقة المشاركين في المؤتمر، انتخبوا جراحا للدماغ والأعصاب مغربيا، البروفيسور عبد الصمد الوهابي، رئيسًا للاتحاد الأفريقي لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب (CAANS) للسنتين المقبلتين.
وهذا التكريم يُشرف كافة الأطباء المغاربة، وهو بمثابة اعتراف بالجهود المبذولة من قبل الجامعات المغربية والمراكز الاستشفائية الجامعية التي تسهر على تكوين هؤلاء الأطباء. وبهذه المناسبة، توجه الجمعية المغربية لجراحة الدماغ والأعصاب شكرها وامتنانها للوزارة الوصية ولكل المؤسسات المشار إليها أعلاه لدعما لهذا البرنامج الذي يشكل نموذجا ناجحا للتعاون جنوب-جنوب.
التعليقات مغلقة.