
والثابت أن هذه المنهجية وما يتبعها من وضوح والتزام، هي ما سيكفل المراجعة البناءة في ضوء التوافق ، لأنه يطال المجتمع المغربي باعتبار الأسرة هي عماد البناء ، وكلما كان الاطار الاخلاقي والقانوني والمعنوي فاعلا في تحديث العلاقات الأسرية، كلما تأتى للمجتمع أن ينهض باعبائه ومسؤولياته على أحسن وجه ؛ واللافت في هذا الاطار أن كل انواع الجدل حول القيم والمعايير والممارسات المجتمعية تتوقف عند إثارة قضايا المرأة من منطلق النهوض بنصف المجتمع هو ما يضمن المساواة ويطور العلاقات ، لذلك فإن جلالة الملك لدى توجيه المجلس الاعلى، ومن مركزه الديني ، رجح فيها جلالته الخيارات التي تنسجم مع مقدمة المرجعيات والغايات المحددة : ضابط ” عدم تحريم حلال ولا تحليل حرام ” كما جاء في مضمون الرسالة الملكية الموجهة الى رئيس الحكومة . .
إن الهدف الاساسي من التقرير الذي رفعته الهيأة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة إلى جلالة الملك هو تقديم التقعيد الشرعي الضروري لإيجاد حلول مطابقة للشرع ، وإبراز قدرة الاجتهاد البناء على استنباط الأحكام الشرعية. ووسطية اعتدال المدرسة الفقهية المغربية ، مستمدة أسسها من الثوابت الدينية للمملكة _ كما جاء في كلمة احمد التوفيق بصفته عضوا بالمجلس الأعلى المكلف مراجعة مدونة الأسرة .
والثابت أيضا أن التركيز على مضمون العقيدة الإسلامية السمحاء القائمة على الوسطية والاعتدال يقود الى بناء مجتمع متضامن يسوده الالتزام بالثوابت والإنخراط في قيم العصر ، والإنفتاح في ضوء الطابع الكوني لحقوق الانسان المستمد من اتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ، وتحديدا عندما يتعلق الامر بأوضاع حقوق المرأة ، وتنظيم العلاقات الأسرية وسيادة قيم المساواة ، وتحفيز الهمم النابعة من الدين الاسلامي .
جلاله الملك اضاف الى الى هذه المهام منطلقات مبدئية تكمن في مراعاة مقاصد الشريعة ، وإنصاف المرأة وتكريمها من خلال تفعيل القوانين الجاري بها العمل ، وتطوير ما يحتاج منها الى تطوير لمواكبة التحولات الإجتماعية ، وتحديث المفاهيم والعلاقات .. وزاد جلالته على ذلك في رسم معالم الطريق أمام مهام الهيأة من خلال توجيهاته السديدة ، وهذا يعني فتح باب الاجتهاد الايجابي الذي يروم حقائق العصر ويظل مهتديا بثوابت العقيدة ، وبتقاليد التضامن الأسري.. وبهذه المنهجية الرائدة سيتأتى استخلاص أفضل القناعات التي تضمن حقوق المرأة والرجل على حد سواء .
التعليقات مغلقة.