مدريد ـ عبد العلي جدوبي: تشكل معضلة إيجار شقة في إسبانيا خلال السنوات العشر الأخيرة أزمة إجتماعية ، خصوصا في العديد من المدن الإسبانية الكبرى كمدريد وبرشلونه وفالنسيا واشبيلية ومالقا ؛ و الضرر الكبير نزل على عاتق المهاجرين وأصحاب الدخل المتوسط ؛ ففي تقرير صادر عن بنك إسبانيا مما جاء فيه ان ما يقرب من 40% من الإسبان والأجانب ينفقون ما متوسطته من دخلهم من الايجار 42% ، وهي نسبة أعلى بكثير من متوسط الإتحاد الاوروبي ..
في هذا الصدد قال رئيس مرصد الاسكان( اجناسي مارتي) : نحن الآن نتحدث عن حالة ” طوارئ سكنية ” وهذا يعني أن الناس يواجهون العديد من الصعوبات في إيجاد سكن والبقاء فيه .. فإسبانيا تقع في الطرف الأدنى من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ، حيث أقل من 2% من جميع المشاكل الراهنة، هي المساكن العامة ، بينما يبلغ متوسط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نحو 7% وتبلغ النسبة في فرنسا 14% وفي بريطانيا 16% وفي هولندا 34%
هذا ويشكل الاستثناء المتزايد بشان الاسكان ضغطا متزايدا على الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم ، وكان رئيس الوزراء الاسباني قد عقد مؤخرا لقاء ( قمة الاسكان) حضره مسؤولون حكوميون وجمعيات اصحاب العقارات، لكن إتحاد المستاجرين في برشلونه قطعوا اللقاء واعتبروه بمثابة ” دعوه لعلاج الاورام الخبيثة ، وعوة في نفس الوقت لشركة التبغ للمشاركه فيه !! “
و الإجراء الأهم _ حسب تقرير لصحيفة ( 20 دقيقة ) هو الذي اتخذته الحكومه المركزية بحديد سقف الايجار الذي عرضته على الحكومات الإقليمية ، بناء على مؤشر الاسعار الذي وضعته وزارة الاسكان ، وكان عدد كبير من الإسبان قد خرجوا نوفمبر الماضي في برشلونه في مظاهرات حاشدة احتجاجا على أزمة السكن وارتفاع تكلفة ايجار الشقق في المدينة.. ونقلت وكاله الانباء الإسبانية عن عمدة المدينة ، أن الأزمة نتجت عن قيام عدد من ملاك الشقق بتقسيم شققهم إلى غرف صغيرة، وجعلها متاحة للايجار للسياح خلال فترات قصيرة ،بدلا من ايجارها للعائلات لان تلك الوسيلة تدر على اصحابها مبالغ مالية مضاعفة عشرات المرات من ايجارها شهريا ، وزاد قائلا : أنه بحلول العام 2028 ستلغي برشلونة تراخيص تلك الشقق البالغ عددها 1100 شقة ، والمعتمدة حاليا للإيجار قصير الأجل ..
ويمكن الإشارة إلى أن هذه الأزمة لا تخص المواطن الاسباني فقط ، بل وتؤثر بشكل كبير على المهاجرين الذين يواجهون تحديات إضافية .. هذا وترى جمعيات المستاجرين أنه يجب على الحكومة الإسبانية العمل على تطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة هذه الأزمة المستعصية ، وذلك بتقديم دعم للمستاجرين وحمايتهم وضمان عدم استغلالهم من طرف أصحاب الشقق؛ وكانت رئيسة المفوضة الأوروبية( اورسولا فون دير لاين) قد قالت بأن مشكلة السكن اصبحت قضية عابرة للحدود ، ووعدت بإتخاد اجراءات عاجلة بشأن هذه المسألة في الهيأة التشريعية الجديدة .
وتشير أحدث بيانات ( يورو ستات) لعام 2023 أن أسعار المساكن ترك اثره السلبي على جيوب المواطنين ، وأن 9.3% من السكان يعيشون في منازل وهم مهددون بالإفراغ إما لتأخرهم في سداد اقساط الرهن العقاري ، أو الايجار ، وتضيف بيانات يور ستات أن إسبانيا هي البلد الذي انخفظت فيه عدد تاشيرات العمل بأكبر من أية دولة اخرى منذ العام 2007 بنسبة تزيد على 78% !!
هذا وقد أصدرت الحكومة المحلية لفالنسيا مؤخرا قانونا يصادر من خلاله الشقق المملوكة لشركات عقارية ، أو لأفراد لديهم شقق غير مؤجرة لمدة سنة ، واعطائها لعائلات تبحث عن سكن .
التعليقات مغلقة.