“من قناعاته بأدبيات ماركس ! وبحرب العصابات لعبد الكريم الخطابي! وتشي غيفارا! وبأفكار هو تشي منه! الى خبير في الاصالة والمعاصرة! “عبد الواحد خوجة ” يحدثكم من “الفيتنام!” – حدث كم

“من قناعاته بأدبيات ماركس ! وبحرب العصابات لعبد الكريم الخطابي! وتشي غيفارا! وبأفكار هو تشي منه! الى خبير في الاصالة والمعاصرة! “عبد الواحد خوجة ” يحدثكم من “الفيتنام!”

 “فيتنام في اربعة مشاهد: يستشعرالأستاذ عبد الوحيد خوجة (خبير في مجال السياسات الإجتماعية) في هذهالشهادة، عظمة شعب وبلاد “هو تشي منه” عبر مشاهد التقطها في أول زيارة لهلفيتنام، تارة بالعين المجردة، وتارة أخرى بمشاعره الجياشة وقناعاتهالفكرية والإيديولوجية ، خصوصا وانه ينتمي إلى ذلك الجيل اليساري، الذي تأثربأدبيات الفكر الماركسي الثوري، وبأحلام حرب العصابات لعبد الكريم الخطابيوتشي غيفارا، وبأفكار الزعيم التاريخي”هو تشي منه” أو كما يحلو لأبناءبلدته نعته بـ”العم اللطيف الذي هزم الأمريكان”، واخيرا.. خبير في “الاصالة والمعاصرة”!، وفي ما يلي نص الشهادة، التي توصل الموقع بنسخة منه:

ارتبط فيتنام بكلمتين رئيسيتين، الأندوشين و “هو تشي منه”. لم أتصور أبدا أن أصليوما إلى هذه الأصقاع البعيدة بعد السماء عن الأرض. وأنا أنزل من الطائرةانتابني إحساس غريب، هو مزيج بين الفرحة والإندهاش، مصدر الفرحة أني أطأأرض الثوار وما أدراك ما الثوار الذين قضوا مضجع الفرنسيس والأمريكان،ومصدر الإندهاش أنني وجدت أمامي وأنا أخرج من المطار جحافل من البشر لا تعدولا تحصى.. فهمت بعدها أن الطائرة هي الوسيلة الأساسية للتنقل بين مدن هذاالبلد العظيم.

المشهد الاول: السطوح

فوق سطوح كل البيوت سخانات المياه تعمل بالطاقة الشمسية ولا وجود إطلاقا لأيلاقط هوائي.. إنه الإختيار الواضح والصريح بين المسلسلات والاقتصاد.

المشهد الثاني: الهاتف

رمقتوأنا في بهو الفندق لدى طبيب وضعته السلطات الفيتنامية رهن إشارتنا هاتفابغلاف جميل، سألته عن محل بيعه، أجابني بفرنسية المبتدئين أن الغلاف لايباع ولكنه يصنع عند الطلب، ومدني بعنوان المحل. صباح اليوم الموالي، أخذتسيارة أجرة، أخذتني على بعد عشرة كيلومترات وسط زحام منظم، أنزلتني فيمايمكن أن أشبهه بـ”درب غلف” “هو تشي منه”، مكان عريض فسيح ومحلات تجاريةضيقة جدا. هنا يباع كل شيء، أخذ مني سائق الطاكسي ثمن الرحلة، أديت مقابلها 10 دراهم، ودعني بلطف بفاتورة الأداء. بحثت عن المحل التجاري ووجدته بعدهياط ومياط.. كان المحل صغيرا جدا وفي زقاق ضيق.. أثار انتباهي وجود أحديةفي باب المحل، فهمت أن الدخول إليه مشروط بنزع الأحدية(قدسية المقاولة)،كلمت شابا في مقبل العشرينات، وأخرجت هاتفي، وسألت عن غلافه.. قال لي بلطفشديد: لا أبيعه بل أصنعه. قلت كم يكفيك من الوقت لذلك؟ قال ساعة كاملة. نبهته أنني مغادر فيتنام مساء اليوم. قال عد إذن بعد نصف ساعة. فتحالكومبيوتر، وفي ثوان شرع في تصميم الغلاف، وكنت أشاهد على الشاشة الغلاففي ابعاده الثلاث، اخترت اللون.. وانصرفت أقتل الوقت في هذا السوق الكبيرالعريض المزدحم. لم ينتبه لوجودي أي أحد.. لم يعرض علي أحد سلعته.. ولميسألني أحد عن إسمي أو سر مقدمي.. رجل غريب عن المكان يطوف شوارع مدينةهانوي”. دون أن أخاف من أي شيء أو أي أحد. لم يعترضني متسول ولم يقدم ليخدمة بائع متجول. شوارع جد نظيفة وأزقة نقية نقاء معابدهم. بعد انتهاء نصفساعة عدت إلى المحل التجاري لأخذ غلاف الهاتف، أديت الثمن( بدون شطارة) وانصرفت في هدوء أبحث عن وسيلة نقل تعيدني إلى الفندق. في السيارة لميسألني السائق لا عن أصلي ولا فصلي ولا عن سر وجودي .. يسوق السيارة بهدوءمتحاشيا آلاف الدراجات النارية، عند وصولي إلى الفندق، سألته عن الثمن،فكانت المفاجأة أنه أقل من تذكرة الرحلة الأولى، سألته عن السبب وأخرجتالفاتورة، ابتسم في وجهي وقال لي بمكر: إن هذه السيارة إيكولوجية، وتستهلكبنزينا أقل، وأثار انتباهي إلى بطئ سيرها في الشوارع، مما يقلل من استهلاكالوقود، فتنبهت آنذاك إلى أن لون السيارة كان أخضرا، وأن لون رابطة العنقكان أخضرا كذلك.

المشهد الثالث: الزحام.

تجوبالشوارع عشرات آلاف من الدراجات النارية. وللتغلب على الأمر وضعت السلطاتفي خدمة كل وفد شرطيا دراجا وراءه شرطي يستعين بعصا لإبعاد السياراتوالدراجات عن الطريق.

المشهد الرابع: المكافأة.

وفرالمنظمون لنا سيارة تنقلنا الى المطار.. في الطريق اقترح علي رفيقي أننتخلص مما بقي في جيوبنا من عملة محلية بإعطائها للسائق. وبمجرد اكتشافهلنوايانا، أنزلنا وأقفل راجعا أو قل هاربا.

داخلالمطار طلبة متطوعون في خدمة الوفود.. مررنا كالسهم على كل الإجراءات.. ذكرني رفيقي بما تبقى في حوزتنا من العملة الوطنية.. تناقشنا مع الطلبة فيكل المواضيع ( عطالة الشباب، قلة فرص الشعل…) وفي لحظة ما اقترحت علىاكبرهم ان يأخذ مني هدية عبارة عن ما تبقى عندنا من “دنغات”، رفض بلياقة،اعتقدنا معها ان الأمر لا يعدو أن يكون ممانعة. قال بلطف: كم بقي عندكم؟قلنا مأتى الف دنغ( 100 درهم)، أصفر وجهه وقال: لا هذا كثير، يمكنكم انتأخذوا بها هدايا من المطار.. ودعونا بلطف كبير، وقال اكبرهم: هل يمكن اننطلب هدية؟ أجبنا بالإيجاب، قال هل يمكن ان نأخذ معكم صورة تذكارية. وقفنا.. 

ابتسمنا.. وتحسسنا “الدنغات” في جيوبنا.”

ع.خ

 

التعليقات مغلقة.