تفاقم ظاهرة التسول في شهر رمضان أمام المساجد بحي يعقوب المنصور بالرباط .. (مسجد المسيرة نموذجا) | حدث كم

تفاقم ظاهرة التسول في شهر رمضان أمام المساجد بحي يعقوب المنصور بالرباط .. (مسجد المسيرة نموذجا)

0
09/03/2025

إن ظاهرة التسول أصبحت في السنوات الأخيرة من الظواهر الإجتماعية التي تستدعي اهتماما كبيرا في العديد من الأحياء المغربية، ومن بينها حي يعقوب المنصور في العاصمة الرباط، في هذا السياق يتم رصد هذه الظاهرة المتفاقمة أمام المساجد في هذا الحي، وهي ظاهرة لها أبعاد اجتماعية، اقتصادية، ودينية لا يمكن إغفالها.

أسباب ظاهرة التسول أمام المساجد:
التسول كظاهرة اجتماعية:
يعتبر البعض أن المسجد يعد مكانا مناسبا للتسول نظرا للإقبال الكبير للناس على الصلاة والتبرعاتفي شهر رمضان الكريم.
وعلى الرغم من كونها حركة تضامنية تحمل جانبا إنسانيا، إلا أن التسول أصبح يمثل نوعا من الإستغلال غير المشروع لهذا الإحساس بالرحمة في نفوس المصلين، إذ أصبحت المساجد وجهة رئيسية لبعض الأفراد (خاصة النساء المرفقات بأطفال صغار)، الذين يفضلون التسول في هذه الأماكن بدلا من البحث عن حلول مستدامة لحاجاتهم.

غياب التوعية والتأطير الإجتماعي:
عدم وجود برامج توعية للأشخاص الذين يمارسون التسول، وكذلك غياب الإجراءات الفعالة من قبل الجهات المعنية، يزيد من استفحال هذه الظاهرة، ومن بين الأسباب الرئيسية هو غياب دور المؤسسات الحكومية في توجيه هؤلاء الأفراد نحو حل مشاكلهم الإقتصادية والإجتماعية بشكل أكثر جدية.

آثار ظاهرة التسول أمام المساجد:
تشويه صورة المكان المقدس:
تعتبر المساجد أماكن للعبادة والتأمل الروحي، وتحولها إلى فضاءات للتسول وانتشار الباعة المتجولين، يمكن أن يشوّه صورتها كأماكن مقدسة، هذه الظاهرة تؤثر سلبا على الإحترام الذي يجب أن يحظى به المسجد كبيت الله.

استغلال عواطف الناس:
بعض المتسولين قد يتخذون من المساجد مكانا لاستدرار العطف والرحمة، وهو ما يفتح الباب أمام استغلال مشاعر المصلين، ما يعمق الأزمة الأخلاقية في المجتمع.

غياب الحلول طويلة الأمد:
التبني المتزايد لظاهرة التسول بدلا من العمل على إيجاد حلول عملية لتأمين حياة كريمة للمتسولين يجعل المجتمع يواجه مشاكل طويلة الأمد في معالجة الأسباب الحقيقية للفقر.

وهكذا يمكن معالجة هذه الظاهرة من خلال:

التوعية والتأطير الإجتماعي:
من الضروري توفير برامج توعية في المساجد حول كيفية التعامل مع المتسولين، وتشجيع الناس على تقديم المساعدة عبر قنوات منظمة وموثوقة مثل الجمعيات الخيرية المعتمدة.

التعاون مع الجمعيات الخيرية:
يمكن للمساجد أن تكون شريكا فاعلا في توجيه الدعم إلى الجمعيات التي تقدم مساعدات للفقراء والمحتاجين، من خلال توزيع المساعدات بشكل منظم وبطريقة تضمن وصولها لمن يستحقها.

دعم البرامج الإجتماعية والإقتصادية:
يجب على الدولة والمؤسسات المعنية والسلطات المحلية إحصاء المتسولين وتوفير برامج دعم فعالة لتأهيلهم، وتوفير فرص لمساعدتهم في إيجاد سبل حياة مستقرة بعيدا عن التسول.

إيجاد حلول تشريعية وتنظيمية:
من المهم أن تعزز القوانين التي تجرم التسول، وأن يتم تشديد العقوبات على الممارسين له في الأماكن العامة والمساجد، مع توفير بدائل لهم عبر إجراءات اجتماعية.

في الأخير يجب التأكيد على أن ظاهرة التسول أمام المساجد بحي يعقوب المنصور في الرباط تمثل تحديا اجتماعيا يستدعي تضافر الجهود من مختلف الأطراف المعنية: المواطن، الجمعيات الخيرية، والسلطات المحلية، فلا يمكن التصدي لهذه الظاهرة بشكل جزئي أو موسمي، بل يجب العمل على تطوير حلول شاملة تستند إلى التكافل الإجتماعي والعدالة الإجتماعية، حيث يمكن من خلال التعاون والتنسيق إحداث تغيير إيجابي ومستدام، يضمن لكل فرد من المجتمع حياة كريمة بعيدا عن العوز والتسول.
عمر المصادي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.