المملكة المغربية بعد استردادها كامل السيادة عل الصحراء المغربية من حقها استرجاع الصحراء الشرقية بالقانون والسياسية والدبلوماسية.
عمر المصادي : إن قضية استكمال الوحدة الترابية للمملكة المغربية قضية وطنية عميقة تمتد جذورها في التاريخ والسياسة،
وتشكل أحد الثوابت الوطنية غير القابلة للتنازل.
لقد تمكن المغرب في العقود الأخيرة، بفضل الرؤية الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبالعمل الجاد للدبلوماسية المغربية، من بسط سيادته على كامل الصحراء المغربية بالسياسة الدبلوماسية، حيث اعترفت العديد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، كما تم فتح عشرات القنصليات في مدن العيون والداخلة، تأكيدا على دعم المجتمع الدولي لوحدة المغرب الترابية، لقد عاصرت بصفتي من مواليد 1962 معركة الصحراء المفتعلة منذ 1974، وشهدت براعة المغرب ونجاحه في استرجاع صحرائه عام 1975 في عهد المغفور له الحسن الثاني قائد المسيرة الخضراء.
واليوم أشهد معركة دبلوماسية هادئة وجديدة تحت القيادة الحكيمة والرشيدة لقائد مسيرة التنمية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والتي أسفرت عن نتائج بديعة، يمكن أن تدرس في مراجع الدبلوماسية.
غير أن هذه المعركة الوطنية لم تنتهي بعد عند حدود الصحراء الجنوبية المغربية، فهي فقط مسألة وقت، لأن هناك ملف آخر لم يفتح بعد بما يكفي من الزخم السياسي والإعلامي، وهو قضية الصحراء الشرقية المغربية، وهي أراض مغربية اقتطعت خلال الفترة الإستعمارية، خصوصا بموجب اتفاقيات غير عادلة بين المستعمر الفرنسي والسلطات الجزائرية بعد إستقلالها.
1.الخلفية التاريخية:
تعود السيادة المغربية على الصحراء الشرقية إلى قرون مضت، حيث كانت قبائل هذه المناطق مثل توات، تندوف، بشار، وكلوم بشار، تدين بالولاء للعرش العلوي، وتؤدي البيعة لسلاطين المغرب.
توجد وثائق تاريخية، وخرائط فرنسية وإسبانية ومخطوطات تؤكد أن هذه المناطق كانت تحت الحكم المغربي، وتم استغلال الإحتلال الفرنسي لتغيير الواقع الجغرافي والسياسي.
مع استقلال الجزائر سنة 1962، طالبت المملكة المغربية باسترجاع هذه المناطق في إطار وحدة شمال إفريقيا، لكن النزاع تطور لاحقا إلى ما سمي بـ”حرب الرمال” سنة 1963.
2.الموقف القانوني والدولي:
المغرب لم يوقع على أي اتفاق نهائي بالتخلي عن هذه الأراضي، بل تم تجميد الملف حفاظا على العلاقات الثنائية والأمن الإقليمي.
اليوم، وفي ظل المتغيرات الجيوسياسية الجديدة، وتقدم المغرب على مستوى الدبلوماسية الإقليمية والدولية، من حقه أن يعيد طرح هذا الملف على الطاولة، ولكن بمنهج قانوني وسلمي ودبلوماسي، بعيدا عن التصعيد.
3.أهمية المقاربة الدبلوماسية:
المغرب اليوم يمتلك رصيدا مهما من الحلفاء، ويعتمد على دبلوماسية واقعية وهادئة وناجعة.
من الممكن أن يتم الترافع عن هذا الملف عبر المؤسسات الدولية، وتكثيف الأبحاث الأكاديمية والخرائط التاريخية التي تؤكد مغربية هذه المناطق.
كما يمكن للمغرب أن يطالب بإعادة فتح الملف عبر الحوار الثنائي مع الجزائر، في إطار احترام سيادة الدول، ولكن أيضا في إطار تصحيح مظالم تاريخية وقعت زمن الإستعمار.
وفي الأخير، فإن استكمال الوحدة الترابية ليس فقط مطلبا سياسيا أو جغرافيا، بل هو واجب وطني يقع على عاتق جميع المغاربة: دولة، ومجتمعا مدنيا، ومثقفين، ومؤرخين.
وإن كان المغرب قد تمكن من تعزيز سيادته على الصحراء المغربية بفضل الدبلوماسية والشرعية، فإنه لا بد له من إعادة فتح ملف الصحراء الشرقية، بروح سلمية، ولكن بإرادة حازمة، مستندا على التاريخ، وعلى القانون الدولي، وعلى دعم شعبه والتفافه حول قائد مسيرة التنمية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وقضاياه العادلة.