الضمانات القضائية للمحاكمة العادلة محور ندوة علمية برواق المجلس الأعلى ‏للسلطة القضائية بمعرض الكتاب بالرباط‏ | حدث كم

الضمانات القضائية للمحاكمة العادلة محور ندوة علمية برواق المجلس الأعلى ‏للسلطة القضائية بمعرض الكتاب بالرباط‏

0
25/04/2025

 شكلت الضمانات القضائية للمحاكمة العادلة موضوع ندوة علمية برواق المجلس ‏الأعلى للسلطة القضائية، بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي ينظم بالرباط ‏تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وذلك يوم ‏أمس الخميس 24 أبريل 2025، استعرض المتدخلون من خلالها حصيلة المجلس ‏في تتبع أداء القضاء الجنائي، وضمانات المتهم أثناء المحاكمة، والعدالة الإجرائية ‏في المادة المدنية، ومستجدات قضاء تطبيق العقوبات، فضلا عن الحماية القضائية ‏لحقوق الدفاع. ‏
وفي هذا السياق، أكد السيد حكيم وردي، رئيس قطب القضاء الجنائي بالمجلس ‏الأعلى للسلطة القضائية، أن تحقيق الفعالية والفاعلية في أي مهمة لا يقف عند ‏حدود الهيكلة التنظيمية وتوزيع المهام وتوفير الموارد، وإنما يمتد إلى تفعيل آليات ‏المراقبة للوقوف على مكامن الخلل وإيجاد الحلول المناسبة لها، من خلال اعتماد ‏المسؤول القضائي لوحة قيادة واضحة ودقيقة وشاملة، وهو ما عمل قطب القضاء ‏الجنائي بالمجلس على تحقيقه من خلال اعتماد مقاربة تشاركية أفضلت إلى لوحة ‏قيادة موحدة في المادة الزجرية، أصبحت معروفة لدى جميع المحاكم كإطار ‏مرجعي لتقييم وتتبع الأداء. ‏ولإجراء تقييم شامل لمدى تلبية المحاكم شرع قطب القضاء الجنائي يضيف ‏المتحدث في عرض ألقاه بالنيابة السيد نوفل تامسنا، رئيس شعبة تتبع القضايا ‏الجنائية الخاصة، شرع قطب القضاء الجنائي في تنزيل مجموعة مختارة من ‏المؤشرات، تتعلق بقياس المردودية، ومؤشرات الزمن القضائي، ومؤشرات ‏خاصة بالإجراءات القضائية، ومؤشرات تتعلق بالرقمنة، أفضت إلى أرقام دقيقة ‏في عملية التشخيص. ‏
فعلى مستوى مؤشرات الزمن القضائي، يضيف المتحدث، استقرت نسبة القضايا ‏الزجرية المحكومة داخل الآجال الاسترشادية، دون احتساب قضايا التحقيق ‏وقضايا الرادار الثابت، متم سنة 2024 في نسبة 75 بالمائة، حيث تم تسجيل نسبة ‏‏67 بالمائة بمحاكم الاستئناف، و77 بالمائة بالمحاكم الابتدائية، و79 بالمائة ‏بالمراكز القضائية. ‏
من جهة أخرى أكد السيد حكيم وردي أن تأسيس قطب القضاء الجنائي سنة ‏‏2023 تزامن مع الارتفاع الملحوظ الذي عرفته معدلات الاعتقال الاحتياطي، ‏حيث بلغت نسبة 42.33 بالمائة، ما تطلب إجراءات وجهود استندت على ‏المعطيات الإحصائية التي وفرتها إدارة السجون رهن إشارة المجلس، وتواصلا ‏مع المحاكم، وعملا تشاركيا من خلال اللجنة المركزية المكونة من ممثلي ‏المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وهي الجهود التي أفضت ‏إلى خفض معدل الاعتقال الاحتياطي لأول مرة إلى 35 بالمائة، في فبراير ‏‏2024، واستمر الانخفاض ليصل إلى 32.46 بالمائة في يوليوز 2024.‏
وفي مداخلة حول موضوع ضمانات المتهم أثناء المحاكمة، اعتبر السيد حسن ‏جابر، رئيس المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، أن استقلال القاضي الذي ‏دائما كان يطالب به الجميع لم تكن إطلاقا الغاية ‏منه تحصين القاضي وجعله في ‏معزل عن أي مساءلة ‏بل إن هذا الاستقلال شرع لفائدة المتقاضي عموما و من ‏بينه ‏المتهم بطبيعة الحال ، بحيث إنه من حق هذا الأخير أن يمثل ‏أمام هيئة ‏مستقلة والاستقلال هنا لا يجب حصره في تلقي ‏التعليمات المباشرة أو غير ‏المباشرة من الرؤساء الأعليين بل ‏من كل ما من شأنه أن يؤثر في القرار ‏القضائي. ‏
وأكد السيد جابر أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية يحرص على متابعة أداء ‏‏القضاة من خلال وسيلتين مهمتين و هما التفتيش القضائي ‏بشقيه التسلسلي ‏والمركزي وكذا من خلال المديرية العامة ‏للشؤون القضائية، وتحديدا قطب ‏القضاء الجنائي، كما أن ‏المجلس حريص عبر هذه الآليات على مراقبة الآجال ‏وتأخير ‏الملفات وتحريرها، تلافيا لأي تأخير غير مبرر يمس بوضعية ‏المتهم، ‏لاسيما المعتقلين الاحتياطيين وهو ما دفعه مؤخرا الى ‏تأسيس لجان محلية ‏وجهوية ووطنية لمتابعة وضعية الاعتقال ‏الاحتياطي و كذا إًصدار قرار بشأن ‏الآجال الاسترشادية، ‏
وخلص السيد جابر إلى أن القاضي ليس حرا في عدم تمتيع ‏المتهم بالضمانات ‏المقررة لفائدته سواء منها القانونية أو ‏القضائية فهو مراقب من أعلى جهة قضائية ‏مهمتها الأساسية ‏الحرص على التطبيق السليم للقانون. ‏
من جهته أكد السيد سمير آيت أرجدال، رئيس المحكمة الابتدائية المدنية بالدار ‏البيضاء، في مداخلة حول موضوع العدالة الإجرائية في المادة المدنية، أن البنية ‏الدستورية وتغير القيم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يسائل بإلحاح الوظائف ‏الكلاسيكية للعدالة في ارتباطها بالمعايير الدولية ذات الصلة، مضيفا بأن المحاكمة ‏العادلة المدنية هي اهتمام أزلي وكوني للأنظمة القانونية والقضائية والتي تتأثر ‏بعدة بنيات منها ما هو ذو طبيعة تشريعية ومنها ما له ارتباط باعتماد الرقمنة في ‏مسار الإجراءات القضائية.‏
وفي سياق حديثه أشار السيد آيت أرجدال إلى المرجعيات الناظمة للمحاكمة المدنية ‏والتي أجملها في المرجعية الدستورية والملكية، ثم المرجعية الكونية والقانونية ‏فالمرجعية القضائية ومرجعية التتبع والتخطيط التفاعلي. ‏
وعرج المتحدث على المعايير الدولية للعدالة الإجرائيةً مؤكدا بأن السلطة القضائية ‏تسعى جاهدة إلى تبديد الصعوبات الإجرائية في مسار الدعاوى المدنية، من خلال ‏اعتماد مبادئ النجاعة القضائية، ومجموعة من المبادئ التوجيهية التي اعتمدها ‏المجلس الأعلى للسلطة القضائية سواء في مخططه الاستراتيجي(2021-2026) ‏أو في المقرر المحدد للآجال الاسترشادية أو من خلال مختلف الدوريات ‏الصادر عنه والدورات التكوينية التي ينظمها لتأهيل القدرات المعرفية والمهنية ‏للقضاة الممارسين، إلى جانب القواعد القضائية المقررة من طرف محكمة النقض ‏والقواعد التأديبية المقررة من طرف المجلس في مجال المحاكمات التأديبية. ‏
وأشار السيد سمير آيت أرجدال إلى أن الدور القيادي للمجلس الأعلى للسلطة ‏القضائية في مواكبة وتتبع النشاط القضائي ونجاعة أداء المحاكم ساهم في تجاوز ‏مجموعة من الإكراهات ذات الصلة بإدارة الملفات بشكل جعل مسار المحاكمات ‏المدنية في طريق التصحيح والتحسن.‏
وفي سياق متصل قال السيد عادل بوحيي، رئيس شعبة نجاعة القضاء الجنائي، إن ‏المشرع المغربي قام بإحداث مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات‎ ‎وأوكل لها مراقبة ‏قانونية ‏تنفيذ العقوبة‎ ‎والإكراه البدني، وكذا مراقبة مدى ملاءمة تنفيذ العقوبة السالبة ‏‏للحرية مع ظروف وشخصية المحكوم عليهم، وضمان ظروف عقاب مناسبة ‏‏وإنسانية، وهذا ما ترجمته الاختصاصات التي أوكلت لقاضي تطبيق العقوبات ‏‏بموجب المادة 596 من قانون المسطرة الجنائية. ‏
وأضاف السيد بوحيي أن المشرع المغربي قد أكد على الدور المحوري الذي تلعبه ‏مؤسسة قاضي ‏تطبيق العقوبات في مراقبة تنفيذ العقوبة، وذلك من خلال ‏الصلاحيات الجديدة ‏التي منحها له القانون 43.22، حيث جعلها مؤسسة فاعلة ‏ومحورية لا يمكن ‏تنفيذ العقوبة البديلة إلا من خلال المرور عبرها، سواء عبر ‏إصدار المقرر ‏التنفيذي للعقوبة البديلة أو تلقي تقارير شهرية‎ ‎عن تنفيذها وانتهائها ‏أو ‏التوقيف المؤقت لتنفيذها، وكذا الفصل في كل منازعة أو غموض في تنفيذ ‏‏العقوبة البديلة، أو إصدار أمر بالرجوع إلى العقوبة الأصلية، أو استبدال ‏العقوبة ‏السالبة للحرية بعقوبة بديلة، كلها صلاحيات تؤكد الدور المحوري ‏الجديد لقاضي ‏تطبيق العقوبة في مجال العقوبات البديلة، وتعزز مكانة هذه ‏المؤسسة أثناء مرحلة ‏تنفيذ العقوبة الزجرية بصفة عامة، والعقوبة البديلة ‏على وجه الخصوص.‏
‏وخلص المتحدث أن مشروع قانون المسطرة الجنائية جعل من قاضي تطبيق ‏العقوبات مؤسسة قضائية ‏مستقلة باختصاصات وكتابة خاصة بها، إذ نصت الفقرة ‏الأخيرة من المادة ‏‏596 من المشروع السالف الذكر على أنه: “يتوفر قاضي ‏تطبيق العقوبات ‏على كتابة لمسك المستندات والسجلات. وتوضع رهن إشارته ‏الوسائل ‏اللازمة للقيام بمهامه”، كما منحه القانون المتعلق بالعقوبات البديلة ‏‏ومشروع مرسومه التطبيقي اختصاصات كثيرة.‏
من جهته قال السيد عبد الإله فونتير بنبراهيم، المحامي بهيئة الرباط، إن حقوق ‏الدفاع تعتبر ركنا أساسيا من أركان تحقيق العدالة وكل مساس بهذه الحقوق أو ‏عدم مراعاتها في أي محاكمة، يجعلها باطلة، وغير محققة لمناط العدالة في ‏النزاعات المعروضة على القضاء، مضيفا أن المواثيق الدولية المؤطرة للمنظومة ‏الحقوقية في جيلها الأول، كرست خلال ثمانية عقود خلت مبدأ حق الإنسان في ‏الدفاع عن مصلحته أو عن حقه، مهما كانت وضعيته وموقعه، ومركزه القانوني ‏ضمن أطراف النزاع المعروض على القضاء، وذلك من خلال تقديم كل الوسائل ‏والدفوعات والمطالب والاثباتات والحجج والبينات الداعمة والمثبتة لحقوقه أو ‏المؤكدة لموقفه إثباتا أو نفيا، حسب طبيعة وسياق النزاع المعروض. ‏
وأكد السيد فونتير أن القضاء بنص الدستور يعتبر الملاذ الأول والأخير لحماية ‏الحقوق سواء في النزاعات القائمة بين الأفراد والجماعات، أو النزاعات القائمة ‏بين الدولة والمواطن، مضيفا أن حق التقاضي وحق الدفاع عن الحقوق ‏والمصالح، هما حقان يحميهما القانون كما جاء في الدستور الذي جعل أساس حق ‏التقاضي هو حماية حق الدفاع، فكما للقاضي أن يحكم انطلاقا من اقتناعه، ومن ‏واجبه بالتطبيق العادل للقانون، فإن من واجبه أن يمتع كل طرف من أطراف ‏الدعوى من حق الدفاع عن نفسه.‏

ج.ع/ح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.