كلمة محمد ولد الرشيد رئيس مجلس المستشارين في افتتاح الندوة الوطنية تحت شعار: “البرلمان المغربي وقضية الصحراء.. نحو دبلوماسية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي “
كما اشرنا الى ذلك في موضوع سابق، فقد تراس يومه الاثنين رئيس مجلس المستشارين أشغال ندوة وطنية حول موضوع “البرلمان المغربي وقضية الصحراء المغربية: من أجل دبلوماسية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي فعال”، والتي تندرج في اطار برنامج عمل مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول قضية الوحدة الترابية للمملكة المحدثة وفقا لمقتضيات النظام الداخلي لمجلس المستشارين والذي يشمل أيضا تنظيم سلسلة من الفعاليات والأنشطة المختلفة من قبيل جلسات استماع، وورشات عمل داخلية، وتتبع المساهمات المتنوعة والإنتاجات الأكاديمية لهيئات وفعاليات مهتمة بقضية الصحراء المغربية، إضافة إلى الانكباب على دراسة رصيد وثائقي غني يغطي مختلف الجوانب ذات الصلة بالموضوع.
وقال رئيس مجلس المستشارين محمد ولد الرشيد في كلمته بالمناسبة، “بان هذه الندوة ليست مجرد مناسبة للتفكير الجماعي وتبادل الرؤى، بل هي تعبير عن الوعي العميق لمجلس المستشارين بمسؤوليته الوطنية، وحرصه الدائم على التفاعل مع التحولات الكبرى التي تشهدها قضيتنا الأولى، سواء على مستوى الاعتراف الدولي المتنامي بمغربية الصحراء، أو على صعيد الدينامية التنموية المتسارعة التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية، أو من خلال المكانة المتقدمة للمغرب ضمن محيطه الجيوسياسي، الإقليمي والدولي.
مضيفا بان هذه الندوة تنسجم مع التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، كما وردت في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة، والتي شدد فيها جلالته على أهمية الديبلوماسية البرلمانية والدور الفاعل الذي ينبغي علينا أن ننهض به “..في كسب المزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء، وتوسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد لهذا النزاع الإقليمي” فقد بادر مجلس المستشارين إلى ترجمة هذه التوجيهات الملكية الرصينة من خلال عدد من المبادرات ،لا سيما منها قرار تفعيل آلية مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة لتقديم الاستشارة حول القضية الوطنية الأولى، وذلك لأول مرة منذ إحداث هذه الآلية في النظام الداخلي للمجلس.
وأشار محمد ولد الرشيد الى أن قرار تفعيل وهيكلة مجموعة العمل الموضوعاتية، يروم بالأساس توفير الاستشارة اللازمة حول هذا الموضوع من أجل تعزيز تموقع البرلمان ضمن المنظومة الوطنية للترافع حول قضية الوحدة الترابية، وإنتاج أرضيات عمل جماعية استشارية، تعزز من أداء المجلس في الدفاع عن قضايانا الوطنية.
وليس من باب المصادفة، أن تعد هذه الندوة الوطنية إحدى ثمار هذه الدينامية، إذ تعتبر تجسيدا لخيار المجلس بالانفتاح وتوسيع المشاركة وذلك ضمن رؤية استراتيجية تروم ترسيخ المكانة الاعتبارية لمجلس المستشارين في الاضطلاع بالدبلوماسية البرلمانية، وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية، وخدمة القضية الوطنية في مختلف أبعادها.
مؤكدا بان المقاربة الدبلوماسية المغربية، انتقلت خلال السنوات الأخيرة، إلى منطق المبادرة والاستباق، مرتكزة على شرعية تاريخية راسخة، وحجج قانونية قوية، ومشاريع تنموية طموحة، وقد أثمرت هذه المقاربة عن مكاسب وازنة، لعل أبرزها الدعم المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، التي أضحت تحظى باعتراف دولي واسع باعتبارها الحل الوحيد لانهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وهو ما تؤكده مواقف وازنة من شركاء أساسيين كـالولايات المتحدة الأمريكية، وإسبانيا، وفرنسا، وعدد من الدول الإفريقية والعربية الشقيقة والأوروبية الصديقة.
وفي مقابل هذه الدينامية الخارجية المتنامية ـ يقول رئيس مجلس المستشارين ـ ثمت جبهة داخلية متماسكة، يجسدها الإجماع الوطني الصلب حول القضية الوطنية بقيادة جلالة الملك نصره الله وأيده، والذي تحصنت خلفه كل مكونات الأمة، وهو إجماع يجد ترجمته في الانخراط الجماعي والمسؤول في الدفاع عن قضية الوحدة الترابية، ويشكل رافعة أساسية لتعزيز مصداقية الترافع المغربي ونجاعته داخل مختلف الفضاءات الوطنية والدولية.
مشيدا بالدور المحوري الذي ما فتئت تضطلع به القوى الوطنية الممثلة داخل البرلمان، من أحزاب سياسية وتنظيمات نقابية ومنظمة مهنية للمشغلين ، والتي ظلت، في طليعة الصفوف المدافعة عن قضية الصحراء المغربية، بما راكمته من مواقف صلبة ومبادرات وازنة ومرافعات مؤسسية مشرفة، في الداخل كما في الخارج.
كما ابرزا ولد الرشيد الرصيد الترافعي، الذي يشكل اليوم ركيزة أساسية في تحصين المكتسبات الدبلوماسية، ويمنح مجلس المستشارين قدرة اقتراحية وتأثيرية متقدمة في مسار الدفاع عن وحدة المملكة وسيادتها، ويعزز صدقية حضوره ومكانته ضمن مختلف الفضاءات البرلمانية الإقليمية والدولية. على امتداد هذا المسار الترافعي، يبرز البعد التنموي كأحد أبرز معالم الرؤية المغربية في ترسيخ مغربية الصحراء، إذ تشهد الأقاليم الجنوبية للمملكة تحولات نوعية بفعل المشاريع الملكية التنموية المهيكلة التي تحتضنها، هذا فضلا عن المبادرات ذات الامتداد الإفريقي، كمشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، والمبادرات الأطلسية، وانها ليست فقط مشاريع للبنية التحتية، بل مقومات استراتيجية لإعادة تشكيل الأدوار الجيوسياسية للمملكة، عبر جعل الصحراء المغربية فضاء للاستقرار والنمو، ومنصة للربط بين شمال القارة الإفريقية وجنوبها، بما يعزز التكامل الإقليمي ويكرس ريادة المغرب في محيطه.
وقال رئيس مجلس المستشارين” “ان الدبلوماسية البرلمانية تكتسي أهمية مضاعفة، باعتبارها شريكا أساسيا في إبراز هذه الدينامية على المستوى الدولي، والتعريف بنجاعة النموذج التنموي المغربي في أقاليمه الجنوبية، والدفاع عن أبعاده الاستراتيجية، بما يعزز صورة المملكة كفاعل موثوق في محيطه الإقليمي و القاري، وأن هذا الزخم الغير المسبوق، فرض علينا كذلك في مجلس المستشارين، الاضطلاع بمسؤوليتنا الوطنية والدستورية، والتعبئة الجماعية من أجل استصدار القرارات البرلمانية الداعمة للوحدة الترابية للمملكة، ولمبادرتها المقدامة للحكم الذاتي ، إلى جانب تكريس الدور الريادي لبلادنا في رفع رهانات التنمية المشتركة وتعزيز ودعم التعاون جنوب-جنوب”.
ومن أجل بلوغ هذا المسعى وتحقيق هذا الطموح، يضيف السيد الرئيس، بان المجلس واصل تمتين تموقعه الاستراتيجي لدى الاتحادات البرلمانية الجهوية والإقليمية، كما وطد مأسسة علاقاته الثنائية من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وتنظيمه واحتضانه للعديد من التظاهرات المتعددة الأطراف، كان لها الاسهام الكبير في ابراز الموقع الريادي لبلادنا في محيطها الإقليمي والجهوي، كما توجت العديد من هذه المبادرات بتوقيع إعلانات مشتركة بمدينة العيون، كان عنوانها العريض، دعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها على كافة أراضيها.
وفي ختام كلمته اضاف قائلا: “إننا نتطلع جميعا من خلال هذه الندوة ومن طموح أرضيتها التأطيرية وتقاطع وتكامل محاورها الخمس وتعدد وتنوع المساهمين والمشاركين في تنشيطها، إلى إبراز التحديات والرهانات الحالية والمستقبلية المرتبطة بتقوية الأداء البرلماني في معركة الترافع والدفاع عن الوحدة الترابية، ومن جهة أخرى، إلى بلورة مداخل مبتكرة لتأطير جهود الدبلوماسية البرلمانية، بما يخدم توجهها المرتكز على أخذ المبادرة، والاستباق والاستهداف والفاعلية، والتكامل مع الدبلوماسية الرسمية، والمستند على المعطيات والحقائق القانونية والتاريخية والسياسية والإنسانية التي تؤطر مغربية الصحراء، وتعزز التراكم الوطني في الترافع السياسي والمدني والمؤسساتي”.
س,ح/ح