انطلقت اليوم الاثنين بالسجن المحلي بتامسنا أشغال المؤتمر الدوري السابع لجمعية إدارات السجون بإفريقيا، تحت شعار “التكنولوجيا في إدارة المؤسسات السجنية في إفريقيا”.
ويتوخى هذا المؤتمر، الذي تنظمه المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بشراكة مع جمعية إدارات السجون بإفريقيا، بمشاركة وفود من 36 بلدا إفريقيا، بحث سبل تحسين الإدارة السجنية وتقاسم التجارب والممارسات الفضلى.
وأكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في كلمة خلال افتتاح أشغال المؤتمر، أن المملكة المغربية حريصة على تقاسم تجربتها مع أشقائها الأفارقة في مختلف المجالات، ومن ضمنها تجربة تدبير المؤسسات السجنية.
وأوضح رئيس الحكومة، في كلمة تلتها نيابة عنه وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن استضافة هذا المؤتمر الافريقي تجسد عمق التعاون والتنسيق بين المغرب وبلدان القارة في إطار الرؤية الملكية لنموذج التعاون جنوب-جنوب، لافتا إلى أن هذا الحدث ينظم في مرحلة يشهد فيها العالم تحولات تكنولوجية ورقمية شاملة وغير مسبوقة.
وأبرز أن الزحف السريع لأنظمة الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي ماض نحو إحداث تغييرات شاملة على الأنماط التدبيرية السائدة وانتظارات مختلف الفاعلين، ولا سيما في مجال تطوير وتجويد المرفق السجني وأنظمة العدالة، مسجلا أن هذه الأخيرة ستجد نفسها مطالبة بمواكبة هاته التحولات وإيجاد الحلول الملائمة للإشكاليات التي ستطرحها.
وبعدما استعرض الأهمية التي يوليها المغرب لورش تطوير الإدارة الإلكترونية تماشيا مع الخطب والتوجيهات الملكية والقوانين والتشريعات، أكد السيد أخنوش أن توظيف التكنولوجيا لاسيما بالمرفق السجني أصبح أمرا حتميا ورافعة أساسية لتأهيل المؤسسات السجنية وتحسين ظروف الإيواء وتعزيز الأمن وضمان التسيير الرشيد إلى جانب دعم برامج التأهيل وإعادة الإدماج.
واعتبر أن هذا اللقاء يشكل محطة جديدة ومتجددة من المحطات الرامية إلى تعزيز الشراكة والتعاون بين الدول الإفريقية وتبادل الخبرات، ورفع التحدي للانخراط بشكل فعال ضمن منظومة التكنولوجيا التي يشهدها العالم.
من جانبه، أكد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، أن المندوبية من خلال سعيها إلى إرساء أسس إدارة سجنية وتأهيلية ناجعة، أدمجت الإدارة الالكترونية والرقمنة كمحاور رئيسية ضمن مخططها الاستراتيجي، مبرزا تطوير برامج معلوماتية تخص عددا من الجوانب التدبيرية بالمؤسسات السجنية وبالمصالح المركزية تهم، على الخصوص، تنفيذ العقوبة والموارد البشرية وأموال المعتقلين.
وبعدما استعرض مظاهر عصرنة الخدمات التربوية والتعليمية الموجهة إلى نزلاء المؤسسات، على غرار إرساء المدرسة الرقمية، سجل السيد التامك أن المحاكمة عن بعد، التي اعتمدتها وزارة العدل، تشكل أحد أبرز آليات النجاعة القضائية من خلال اعتماد التكنولوجيا اعتبارا لما تتيحه من سرعة وفعالية في البت في القضايا المعروضة على المحاكم وتقليص المخاطر المرتبطة بنقل المعتقلين إلى المحاكم وترشيد الموارد البشرية
وأبرز المندوب العام أن هذا المؤتمر يعد فرصة للرفع من مستوى أداء جمعية إدارات السجون الإفريقية وتطوير المهام المناطة بها، لافتا إلى أن إحداث مقر وسكرتارية دائمة لها سيمكن من خلق دينامية خلاقة في عملها من خلال تطوير آليات تنسيقية في مجالات تدخلها.
من جانبه، شدد رئيس جمعية إدارات السجون بإفريقيا، أليو سيس، على الحاجة الملحة للسجون الإفريقية إلى التحول الرقمي، مبرزا الدور المحوري الذي ينبغي أن تضطلع به التكنولوجيا في تحسين الأمن وإعادة الإدماج الاجتماعي والتدبير الإداري.
وأوضح أن جمعية إدارات السجون بإفريقيا، التي تعمل على تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء حول استراتيجيات السجون المشتركة، تضع التكنولوجيا في صلب أولوياتها الهيكلية.
واعتبر السيد سيس أنه وفي سياق يتسم بالتعقيد المتزايد للتحديات الأمنية، أصبح اللجوء إلى الحلول الرقمية ضرورة حتمية، مشيرا إلى استخدام تدابير رقمية مثل المراقبة بالفيديو والطائرات بدون طيار والأساور الإلكترونية لتعزيز المراقبة وإضفاء الطابع الإنساني على الاحتجاز.
وفي مواجهة الإكراهات التي يفرضها نقص موارد المالية وتدريب الموظفين، دعا السيد سيس إلى اتباع نهج متضافر يشمل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ووضع برامج تكوين مستمر وزيادة التعاون المؤسساتي.
ويتضمن برنامج هذا المؤتمر، الممتد على مدى أربعة أيام، مناقشة عدة محاور، منها “الدفع قدما بالتكنولوجيا في تدبير الأنظمة السجنية بإفريقيا” و”الابتكار التكنولوجي من أجل زراعة وأمن غذائي مستدام في السجون: تجربة السجون والإدارة الإصلاحية لجمهورية زيمبابوي”، و”تنزيل برنامج مسند بالبيانات لفائدة النساء في تماس القانون بجمهورية ناميبيا”.
وشهدت الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر، التي حضرها وزراء ومسؤولون رفيعو المستوى وسفراء وممثلو بعثات ومنظمات دولية، عرض فيلم مؤسساتي يسلط الضوء على المؤسسات السجنية، فضلا عن تقديم كورال غنائي من أداء نزيلات ونزلاء أفارقة.
يذكر أن جمعية إدارات السجون بإفريقيا تعمل على تشجيع البلدان الإفريقية على الانخراط في قضايا السجون، من خلال تبادل الخبرات والمهارات وإجراء البحوث ونشر النتائج عبر شراكات والتعاون مع مختلف الفاعلين، بهدف تكوين المهنيين في القطاع وتحويل أنظمة الاحتجاز في القارة.
ح/م