سلط أمس الخميس بفيينا، الضوء على المبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، وذلك في إطار فعالية موازية نظمت على هامش الدورة الـ 34 للجنة الأمم المتحدة المعنية بمنع الجريمة والعدالة الجنائية.
وأوضح السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في فيينا، عز الدين فرحان، أن هذه المبادرة تهدف إلى فتح آفاق جديدة للتعاون والتنمية الاقتصادية لفائدة بلدان الساحل، من خلال تسهيل ولوجها إلى المحيط الأطلسي وتعزيز فرص التبادل التجاري والاقتصادي.
وذكر السيد فرحان، خلال هذا الحدث المخصص لقسم غرب إفريقيا والساحل ضمن مبادرة “كونيكت” (CONNECT) لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس استقبل، خلال الشهر الماضي بالرباط، وزراء الشؤون الخارجية لكل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر، مجددا التأكيد على الدعم الكامل للمغرب لتحالف دول الساحل ولجهوده المشروعة من أجل استعادة السلم والاستقرار.
وخلال هذا الاستقبال، نقل وزراء خارجية التحالف إلى جلالة الملك امتنان رؤساء دولهم للاهتمام الدائم بمنطقة الساحل، وكذا المبادرات الملكية لفائدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدان المنطقة وساكنتها.
من جهة أخرى، جدد السيد فرحان دعم المغرب الثابت لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ولقسمه المكلفة بكافحة الإرهاب، مشيدا بمبادرة “كونيكت” ودعامتها الإقليمية في غرب إفريقيا والساحل، “باعتبارها برنامجا ملائما ومبتكرا لكسر الرابط الخطير بين الجريمة المنظمة والإرهاب”.
وأشار الدبلوماسي، خلال هذه الفعالية الموازية التي أقيمت على شكل جلسة نقاش قامت بتسييرها سفيرة بوركينا فاسو، بمشاركة متدخلين رئيسيين وهم، سفراء المغرب واليابان وغانا، ورئيس قسم مكافحة الإرهاب بمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى أن المغرب ما فتئ يحذر من هذا التهديد وعمل جاهدا على التخفيف من تداعياته المدمرة.
وأضاف أن المملكة تعتبر مبادرة “كونيكت” منصة أساسية لتحسين التنسيق العملياتي، وتسهيل تقاسم المعلومات، وبناء أنظمة عدالة جنائية قادرة على الصمود في منطقة الساحل وخارجها.
واستطرد: “نعتقد أن دعم بلدان الساحل ليس فقط ضرورة إقليمية، بل مسؤولية عالمية”، معتبرا أن التهديدات الناشئة عن هذه المنطقة تتجاوز الحدود وتتطلب استجابة جماعية ومنسقة.
وتابع بالقول “ندعو بالتالي جميع الشركاء إلى دعم والمشاركة في رعاية مبادرات مثل (كونيكت)، وتعزيز الدعم التقني والمالي لفائدة الدول المتأثرة بالأزمة في الساحل”.
وشدد على أن مبادرة “كونيكت” ينبغي أن تحظى بالدعم وتتعزز وتستدام من خلال خلق أوجه للتآزر والدينامية في إطار تنفيذ الاتفاقيات الدولية، على غرار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (TOC)، والاتفاقية الدولية لقمع أعمال الإرهاب النووي (ICSANT)، والاتفاقية بشأن الحماية المادية للمواد النووية (CPPM) وكذا بصيغتها المعدلة، المتعلقة بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وتجلياته، داعيا إلى تفعيل هذه الآليات الدولية من خلال تنظيم تمارين ميدانية وتدريبات لبناء القدرات الوطنية في إفريقيا.
من جهة أخرى، أوضح السيد فرحان أن المغرب، وفي إطار التزامه من أجل السلام والتنمية، اعتمد استراتيجية متعددة الأبعاد واستباقية ترتكز على الوقاية، واليقظة الأمنية، والإدماج الاجتماعي، والتعاون الإقليمي، قبل أن يسلط الضوء على مساهمات المملكة في جهود مكافحة الإرهاب بالقارة الإفريقية.
وفي هذا الصدد، ذكر بأن المغرب يحتضن بالرباط، منذ سنة 2021، مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا، والذي يركز على وضع وتنفيذ برامج ومبادرات تكوينية في مجال مكافحة الإرهاب لفائدة الدول الإفريقية الأعضاء.
وأشار السيد فرحان إلى أن المكتب قام بتكوين أزيد من 1500 خبير إفريقي، مما عزز قدرة القارة على مواجهة هذا التهديد.
وأبرز أن المغرب انخرط أيضا على المستوى الثنائي مع عدة دول وفي محافل مختلفة، خاصة في إطار الأمم المتحدة ضمن المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وكذا ضمن التحالف الدولي ضد “داعش”.
وذكر بأن المغرب ترأس بشكل مشترك، منذ سنة 2016، المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب لثلاث ولايات متتالية مع كل من هولندا (من 2015 إلى 2019)، وكندا (من 2019 إلى 2022)، والاتحاد الأوروبي (منذ شتنبر 2022).
وبخصوص التحالف الدولي ضد “داعش”، لفت السفير إلى أن المغرب تطوع لتولي الرئاسة المشتركة لمجموعة التفكير حول إفريقيا، إلى جانب كل من إيطاليا والنيجر والولايات المتحدة.
وحسب السيد فرحان، فإن أهداف هذه المجموعة تتماشى تماما مع معايير الانخراط الفعال في مكافحة الإرهاب بإفريقيا، والمتمثلة في دعم الجهود الإفريقية على المستوى دون الإقليمي، ودعم تملك إفريقيا لسياسات مكافحة الإرهاب، وتعزيز وتنسيق جهود بناء القدرات بالقارة، وتبني مقاربة شمولية تضمن الأمن والتنمية.
وخلص إلى التأكيد على أن المغرب يظل متشبثا بالعمل متعدد الأطراف، ويعتبر أن التضامن والتعاون والتنمية المستدامة هو السبيل الوحيد لمكافحة الإرهاب ومسبباته الجذرية بشكل فعال.