أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، اليوم الأربعاء، بالتأطير القانوني للأشكال اللانمطية للتشغيل بما يضمن تنافسية المقاولة ومعايير العمل اللائق.
وشدد المجلس، خلال لقاء تواصلي نظمه بالرباط لتقديم مخرجات رأيه حول موضوع “الأشكال اللانمطية للتشغيل والعلاقات المهنية: تحديات جديدة وفرص ناشئة”، على أهمية الاعتراف القانوني بالأشكال اللانمطية للتشغيل وضمان معايير العمل اللائق فيها، وتمكين العاملات والعاملين اللانمطيين من الولوج إلى التكوين المستمر.
كما أوصى بإدراج التشغيل اللانمطي وتحولات سوق الشغل ضمن مواضيع الحوار الاجتماعي سواء على المستوى الوطني أو القطاعي، بما يتيح بلورة سياسات عمومية تشاركية، وتمكين العاملات والعاملين اللانمطيين من المفاوضة الجماعية مع المشغلين وممثليهم بمختلف مستوياتهم، وإحداث آليات الرصد واليقظة وإعداد دراسات استشرافية بوتيرة منتظمة.
وبهذه المناسبة، دعا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، السيد عبد القادر أعمارة، في كلمة بالمناسبة، إلى تحقيق التوازن بين تنافسية المقاولات وحقوق العاملات والعاملين عبر الأشكال الجديدة للتشغيل.
وأوضح أن إرساء بيئة عمل مرنة قادرة على إدماج الأشكال الناشئة للتشغيل، يقتضي الحرص على تحقيق نوع من التوازن بين تنافسية المقاولة وحاجيات السوق/ الطلب، وبين معايير العمل اللائق التي يتعين تكريسها لفائدة العاملات والعاملين عبر هذه الأشكال اللانمطية.
ورغم ما تحمله هذه الأشكال الجديدة من مزايا وفرص بالنسبة لطرفي العلاقة الشغلية، يضيف اعمارة، فإنها لا تخلو من تحديات وإشكاليات في ما يتعلق بالتأطير القانوني الملائم، والهشاشة الأ ج ر ية، والولوج إلى خدمات الحماية الاجتماعية كليا أو جزئيا، وغيرها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملات والعاملين. وأشار إلى أن سوق الشغل يشهد تطورات متسارعة في السنوات الأخيرة، تتجلى أساسا في ظهور أشكال جديدة للتشغيل، التي لا تقوم بالضرورة على نفس علاقات الشغل الدائم والقار والمأجور.
من جانبه، أكد عضو المجلس محمد موستغفر، خلال تقديمه لخلاصات هذا الرأي، أن انبثاق الأشكال اللانمطية للتشغيل في المغرب، بتداعياتها على علاقات العمل، يشكل فرصة بالنسبة للمملكة لجذب الاستثمارات في هذه القطاعات الجديدة، وخلق المزيد من مناصب الشغل بالنسبة للشباب والنساء، وتعزيز أداء وتنافسية المقاولات في إطار بيئة مهنية تتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات.
ويسعى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، من خلال هذه الإحالة الذاتية، إلى مقاربة ديناميات الأشكال اللانمطية للتشغيل (لا سيما العمل عن بعد، والعمل عبر المنصات والتطبيقات الرقمية والعمل لبعض الوقت) كما ت ط ر د في عدد من الأنشطة الاقتصادية والخدمات العمومية، والبحث في سبل مواكبة هذه الأشكال بما تستدعيه من تقنين وتنظيم من أجل خلق فرص شغل جديدة، ورفع مستوى إنتاجية المقاولة وتنافسيتها، وتطوير الاقتصاد الوطني، مع مراعاة شروط العمل اللائق لفائدة العاملات والعاملين.وفي ما يلي النقاط الرئيسية للتوصيات التي اقترحها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في رأيه حول موضوع “الأشكال اللانمطية للتشغيل والعلاقات المهنية.. تحديات جديدة وفرص ناشئة” الذي قدم مخرجاته خلال لقاء تواصلي، اليوم الأربعاء بالرباط:
الاعتراف بالأشكال اللانمطية للتشغيل، وذلك من خلال:
– إدراج أحكام صريحة وواضحة للعمل لبعض الوقت في مدونة الشغل، تحدد حقوق ومسؤوليات كل من المشغل والعامل(ة)، والتنصيص على إمكانيات وكيفيات الانتقال من العمل طيلة الوقت إلى العمل لبعض الوقت أو العكس، بإرادة الطرفين؛
– تحيين المقتضيات القانونية المتعلقة بالعمل خارج مقرات المقاولة، ولا سيما المادة 8 من مدونة الشغل، وذلك لتشمل الأجراء الذين يشتغلون عن بعد، من منازلهم أو من أماكن أخرى، باستعمال أدوات وتكنولوجيات الاتصال الحديثة؛
– اعتماد تعريف قانوني دقيق للعلاقة الشغلية مع مقاولات المنصات الرقمية، وتحديد أشكال التعاقد الممكنة بوضوح (أجير، مستقل، مقاولة من الباطن..)، وذلك حسب خصوصيات كل نشاط، لضمان الحماية القانونية للعاملات والعاملين في هذا القطاع الاقتصادي سريع التطور والانتشار.
* ضمان معايير العمل اللائق في الأشكال اللانمطية للتشغيل، وذلك من خلال مراجعة شروط الولوج إلى خدمات الحماية الاجتماعية، بما يتناسب مع خصوصية هذه الأنماط الشغلية، وكذا توفير شروط الصحة والسلامة المهنيتين ضمن أنماط العمل الجديدة بإدراج الحوادث والأمراض المهنية المستجدة المرتبطة بظروف الشغل اللانمطي.
* تمكين العاملات والعاملين اللانمطين من الولوج إلى التكوين المستمر سواء كانوا أجراء في القطاع الخاص أو عاملين مستقلين، وذلك تنفيذا للإطار القانوني الجاري به العمل بشأن التكوين المستمر، ولا سيما عبر آلية العقود الخاصة للتكوين لفائدة المقاولات.
* إدراج التشغيل اللانمطي وتحولات سوق الشغل ضمن مواضيع الحوار الاجتماعي سواء على المستوى الوطني أو القطاعي، الأمر الذي سيساهم في بلورة سياسات عمومية تشاركية ومبنية على التشاور، وتقريب الرؤى بين الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين حول التحديات المستقبلية المتعلقة بالمرونة والتنافسية والعمل اللائق.
* تمكين العاملات والعاملين اللانمطيين من الحق في المفاوضة الجماعية مع المشغلين وممثليهم بمختلف مستوياتهم، وذلك من خلال الحق في التنظيم والتمثيلية النقابية والمهنية، في أفق إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية الخليقة بضمان حقوق ومصالح هذه الفئات.
* إحداث آليات الرصد واليقظة وإعداد دراسات استشرافية، بوتيرة منتظمة، توفر المعطيات الكفيلة باستباق التحولات الطارئة على سوق الشغل وتوجيه سياسات التشغيل المستقبلية، وتحدد المهن والمهارات المطلوبة لوظائف الغد، وذلك من خلال تعزيز قدرات وموارد المرصد الوطني لسوق الشغل، مع إشراك المؤسسات الإحصائية والبحثية والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.
ح/م