نص الكلمة التي القاها الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة في أشغال الجلسة الافتتاحية للدورة التكوينية التي ينظمها للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
افتُتحت يومه الاثنين 23 يونيو الجاري الدورة التكوينية التي ينظمها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، حول موضوع ” الإدارة القضائية والقيادة والمهارات الشخصية”، حضرها الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية،، محمد عبد النباوي وعدد من المسؤولات القضائيات في المناصب القضائية القيادية .
وبالمناسبة القى أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، هشام بلاوي،كلمة عبر من خلالها على دور المرأة القاضية و حنكتها وجديتها وكفاءتها القانونية المتينة والرصينة ودورها الفعال في ترسيخ قيم العدالة والإنصاف، وفيما يلي نصها:
“يشرفني أن أشارك معكم في أشغال الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة التكوينية التي ينظمها المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتنسيق مع المعهد العالي للقضاء وبشراكة مع اللجنة الأوروبية لفعالية العدالة حول موضوع ذي راهنية يتعلق ب ” تقوية المهارات الخاصة بالقيادة والإدارة القضائية” والتي تغير إلى تأهيل السيدات نائبات المسؤولين القضائيين في مجال الإدارة القضائية.
وبهذه المناسبة أود أن أشكركم السيد الرئيس المنتدب على دعوتكم الكريمة، كما أود بنفس المناسبة أن أهنئكم على هذه المبادرة غير المسبوقة والتي تعكس اهتمامكم البالغ بمقاربة النوع في التكوين الخاص بمجال الإدارة القضائية.
حضرات السيدات والسادة؛
لا يخفى على حضراتكم أن المرأة المغربية قد حققت مكسبات هامة بفضل العناية والرؤية الملكية السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده مما ساهم في تقوية وتعزيز مشاركتها الفعلية في الحياة العامة وتمكينها من احتلال المكانة التي تستحقها في مختلف المجالات، وهو ما أكد عليه جلالة الملك حفظه الله في العديد من خطبه السامية، من بينها الرسالة الموجهة إلى المشاركين في أشغال القمة العالمية الثانية لمبادرة ” نساء في إفريقيا” بتاريخ 27 شتنبر 2018 بمراكش بالقول ” لا يمكن لأي بلد أو أي اقتصاد أو أي مجتمع أن يرفع تحديات العصر ويمارس استثمار كل الطاقات التي يزخر بها بمعزل عن دور المرأة” انتهى النطق الملكي السامي.
حضرات السيدات الفضليات؛
إن سياق التحولات التي تعرفها بلادنا اليوم في هذه المرحلة والتي تتميز بالتطلع إلى تحقيق نموذج تنموي جديد يتطلب أن تكون المرأة فاعلة ومساهمة أساسية في تحقيق التطور الذي يمكن أن يعرفه المجتمع في كافة المستويات.
وأعتقد أن الظرفية الحالية التي تشهدها بلادنا والتي تعرف إصلاحات هيكلية كان لها وقع على المناخ الحقوقي بصفة عامة وعلى حقوق المرأة بصفة خاصة، حيث أضحت تتبوأ مناصب قيادية في مختلف المجالات ومنها بينها مجال قطاع العدالة، حيث تشكل نسبة القاضيات حوالي 27% من مجموع القضاة وهي نسبة آخذة في الارتفاع سنة بعد أخرى . فإلى جانب عملها إلى جانب زميلها الرجل في المحاكم، فقد أبانت المرأة القاضية حنكتها وجديتها وكفاءتها القانونية المتينة والرصينة ودورها الفعال في ترسيخ قيم العدالة والإنصاف، وهي صفات ترسَّمت معالهما كذلك على مستوى تقلد المهام المسؤولية القضائية بمختلف محاكم المملكة،
فإذا كان تعيين أول رئيسة لمحكمة ابتدائية يرجع إلى سنة 1998، فقد تواصل تعزيز الثقة في المشهد القضائي بنسائه مما جعل عدد القاضيات المسؤولات في ارتفاع مطرد، حيث بلغ عددهن الحالي بالنيابات العامة 15 مسؤولة قضائية، وعلى نفس المنوال عرفت رئاسة المحكمة على مستوى محاكم الدرجة الأولى والثانية، ورئاسة الغرف والأقسام بمحكمة النقض تزايدا في عدد المسؤولات اللواتي تقلدن هذه المناصب عن جدارة واستحقاق، وهو ما يعكس اهتمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية في إطار مخططه الاستراتيجي بتعزيز مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في مناصب المسؤولية القضائية وهو اهتمام نُسَجِّلُهُ بكل اعتزاز السيد الرئيس المنتدب منذ توليكم الرئاسة المنتدبة للمجلس والتي تعكِسُ حرصكم الشخصي على تحقيق المزيد من المكتسبات في هذا المجال وهو ما نلمسه في نتائج المجلس دورة بعد أخرى، فلكم السيد الرئيس المنتدب جزيل الشكر على كل ما تبذلونه في هذا الجانب .
حضرات السيدات؛
زميلاتي القاصيات؛
إن تنظيم هذه الدورة التكوينية اليوم دليل على مُضِي المجلس قدما في تنزيل مخططه الاستراتيجي في هذا الباب، والذي أبى إلا أن تكون هذه الدورة خاصة بنون النسوة لفائدة نائبات المسؤولين القضائيين بمجموعة من محاكم المملكة والإدارة ساعيا من وراء ذلك تأهيلهن في مجال الإدارة القضائية وتحضيرهن ليكن في مواقع المسؤولية مستقبلا.
وبهذه المناسبة أدعوكم السيدات المشاركات إلى الاستفادة ما أمكن من المداخلات التي ستؤثث أشغال هذه الدورة التكوينية والتفاعل معها، فتدبير المحاكم لا يقتصر على إجادة تعليل الأحكام والقرارات وحسن استنطاق نصوص القانون، فالمسؤول القضائي اليوم لم يَعُدْ عمله يقتصر على تتبع النشاط القضائي بالمحكمة وتدبير الجلسات فحسب، بل أصبح دوره يشبه إلى حد كبير صاحب المقاولة الذي يضطلع بمهام تدبيرية بالأساس، تتطلب منه استحضار معايير الجودة والشفافية والحكامة الجيدة وحسن تدبير الموارد البشرية والمالية المتاحة وتَمَلُّك آليات التواصل وجعل العدالة قريبة من المواطنين والتشبع بالقيم والأخلاقيات والتقاليد القضائية وتدبير الأزمات وحسم الخلافات وتكريس سياسة الباب المفتوح، هذه مقومات تنضاف إلى أخرى من شأنها أن تساعد المسؤول القضائي في النجاح في مهمته التدبيرية.
ختاما، لا يسعني السيد الرئيس المنتدب إلا أن أُجدد لكم عبارات الشكر والتقدير مؤكدا لسيادتكم دعم رئاسة النيابة العامة وقضاتها لكل المبادرات الهادفة إلى تعزيز الحضور النسوي في مناصب المسؤولية القضائية حتى تتبوأ المرأة القاضية المكانة التي تستحقها.
متمنيا لأشغال هذه الدورة التكوينية كامل التوفيق والنجاح وأن تساهم في خلقِ جيل جديد من المسؤولات القاضيات قادرات على المساهمة في الارتقاء بعدالة بلادنا.
وفقنا الله لما فيه خير العباد والبلاد.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.