د.الحسن عبيابة: الجيوسياسية الجديدة .. الحرب مقابل السلام في الشرق الأوسط | حدث كم

د.الحسن عبيابة: الجيوسياسية الجديدة .. الحرب مقابل السلام في الشرق الأوسط

0
24/06/2025

+ د.الحسن عبيابة: يبدو أن الحروب أحيانا لم تبق مصدر تخوف من الدول النافذة دوليا ، وإنما أصبحت إحدى الحلول المناسبة لفض النزعات الدولية ، وهذا ماحصل في الحرب بين إسرائيل وايران في مدة 12 يوما فقط ، عنوانها البارز “لاغاب فيها ولا مغلوب”، حسب الدرسات الإجتماعية والجيوسياسية والتاريخية فإن التغير يكون بالفكر السياسي والثقافي وأحيانا بالديني ، وهذا النوع من التغير كان يتطلب الكثير من الوقت والتكوين وتربية أجيال بكامها ، لكن اليوم في ظل التطور التكنولوجي والرقمي والعسكري أصبح التغير لايتعدى أيام أو أسابيع أوبضعة شهور ، وهو ماحصل في هذه الحروب السريعة بين إسرائيل وايران ، كانت في الماضي الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للحروب تحدث بعد مدة طويلة من الحروب أم اليوم فقد تفقد الحروب الحالية مقدرات دولة بكاملها في أسابيع قليلة بسبب الحروب التكنولوجيا المتطورة، سياق هذا الكلام هو كيف لدولة إسرائيل التي لاتتجاوز مساحتها نحو 22,072
كيلومتر مربع، وعدد قليل من سكانها لايتعدى 10 مليون بحلول نهاية عام 2025، بأن تتفوق على ايران وعلى دول منطقة الشرق الأوسط بكامها عربا وعجما عسكريا بسرعة غير متوقعة،مع العلم أن ايران تحمل تاريخاً عريقا وحضارة عميقة بصمت الشرق الأوسط كله ، لكن تخليها عن هذا التاريخ وتبني المواجهة بإسم الدين الإسلامي جعلها تفقد قيمتها، وللإشارة فإن مساحة إيران تبلغ نحو 1,648,195 كيلومتر مربع ، وتساوي حوالي 72 مرة مساحة إسرائيل، وهذا يشير إلى أن القوة الإقليمية بمفهومها الحديث ليست هي حجم المساحة كما تدعي ايران وحليفتها الجزائر، ولكن القوة الإقليمية هي القوة العسكرية المتطورة تكنولوجيا والمدعمة دوليا، ظهرت الحرب الإيرانية الإسرائلية كفلم قصير أصرّ مخرجوه على المفاجأة للرأي العام المسلح بالثراث المشكوك فيه وبالعلم الذي لاينفع، وبأجيال لاتقرأ ولاتسمع ، وبأجيال تعيش ليلا ونهارا مع وسائل التواصل الاجتماعي الذي شغل الجميع بجروب وثورات افتراضية ، وبعالم آخر غير متحكم فيه،
بالرغم من أن الفلم قصير لحرب سريعة جدا، لكن القصة كبيرة جدا وتاريخية ،
تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من تحقيق كبير لإحتواء حرب قد تتوسع ويصعب السيطرة عليها،
حيث كانت الحرب قائمة بين الطرفين وكانت المفاوضات جارية على قدم وساق بإشراف الولايات المتحدة الأمريكية
في سرية تامة لكن بلغة الحرب مقابل السلم، وكان أيضا لابد من إخراج نهائي للفلم القصير إرضاء للرأى العام الإيراني لمساعدة إيران في التحكم الداخلي عن طريق السرديات العسكرية اليومية للإنتصارات الوهمية، وكذلك إرضاء للرأى العام في إسرائيل للشعور بأنتصار معلق حتى إشعار آخر ، هذا الإخراج كان بمساعدة دولة صديقة للجميع بها قواعد عسكرية أمريكية لضربها من طرف إيران ، حيث قصفت ايران قاعدة العديد الجوية التي تقع على مساحة 24 هكتارًا من الصحراء خارج العاصمة القطرية الدوحة، وفق تنسيق معين بدون أي ضرر لأحد ، وبعدها إعلان الإتفاق بطريقة الإعلانات المتقطعة لنهاية الحرب بعد 24 على أبعد تقدير، ولأول مرة يتم في حرب عسكرية إخبار الجميع بما سيقع وأين يقع تلافيا لأي ضرر، نحن نصف فقط ماحدث ليس بالضرورة أن نزكيه أو نرفضه ، لكن قد نتوقع مشاهدة أفلام قصيرة مثل ماوقع في مناطق أخرى من العالم ، إن ماحصل يتطلب منا التفكير بشكل دقيق كيف نتعامل مع المستقبل .

+د.الحسن عبيابة:  وزير سابق واستاذ جامعي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.