د.الحسن عبيابة: مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة بدون عنوان للمرحلة المقبلة | حدث كم

د.الحسن عبيابة: مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة بدون عنوان للمرحلة المقبلة

0
10/07/2025

إن المجلس الوطني للصحافة منذ تأسيسه خلق جدلا سياسيا، وتعديله خلق جدلا إقتصاديا ودستوريا ، لاشك أن المغرب الديموقراطي في ظل دستور 2011, يحتاج إلى مثل هذا المجلس ليس فقط للإشراف المباشر على قطاع الصحافة ببلادنا وتدبيرها ، وإنما كنموذج ديموقراطي داخليا وخارجيا، لإعطاء صورة حقيقية عن تطور حرية الصحافة والإعلام، إن المجلس الوطني للصحافة سيتحول من مؤسسة لتطوير قطاع الصحافة ببلادنا إلى مؤسسة لتوزيع المقاعد والنفوذ والصراع عليهما،وكلنا يعلم أن قطاع الصحافة والإعلام أصبح جزءا من دينامية المجمعات الثقافية والاجتماعية، والجميع يتأثر بالإعلام ويؤثر به ، كما أن المعارك السياسية والاقتصادية والاجتماعية كلها تدار بالصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي،

أردت بهذه المقدمة بأن أذكر بأن المجلس الوطني للصحافة يجب أن يكون من مخرجات الدستور المغربي وعنوان المرحلة المقبلة التي ستكون مليئة بالإحداث والتغييرات المختلفة محليا إقليميا ودوليا

في ظل الظروف الراهنة التي يعرفها العالم بأسره ، وعليه لابد من ذكر الملاحظات التالية :

الصيغة : إدارية مقاولاتية

الصيغة التي تمت بها تقديم التعديلات القانونية للمجلس الوطني المقبل غاب عنها عنوان المرحلة المقبلة ( وهو الإستعداد والتعبئة من أجل القضية الوطنية والدفاع عنها ، وكذلك الإستعدادات الجيدة لتنظيم كأس العالم ، وكذلك المشهد السياسي الذي سيدبر المرحلة المقبلة إلى حدود 2035, بكل ماسيحدث فيها ،

نحن في المغرب نتميز عن العديد من الدول بتجاوز عدة قضايا وطنية بالإجماع الوطني ، وهي ميزة ميزت المغاربة عبر التاريخ، وأهم ألية تقنية وعملية لتوحيد الإجماع الوطني هي الصحافة الوطنية بكل مكوناتها ، فلا يمكن خلق صحافة متصارعة مع نفسها ومع المجتمع ، لأن توحدها يمكنها من  أن تعلب دور الخطاب الموحد ، وضرب الإجماع الصحفي سيمس بالإجماع الوطني في كثير من القضايا ، وبالتالي لا بد من إستحضار هذه الأفكار والآراء عند صياغة مثل مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة .

 بنية المشروع :

من المفروض أن يبنى مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة على المرجعية الدستورية والديموقراطية وتكافؤ الفرص والتوازن بين جميع مكونات الصحافة ،

كما أن بعض المقتضيات فيه مخالفة لما ينص عليه الدستور المغربي في مادته 28 حول الديموقراطية والاستقلالية في تشكيله،

حيث ينص الدستور في هذا الفصل (….. حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية،

وينص أيضا في نفس الفصل (……تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة،بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به، كما أن إعتماد”الإنتداب” لفئة الناشرين، مقابل “الإنتخاب” لفئة الصحفيين يكرس التمييز بين المهنيين ،

ولا يخدم الأهداف التي نص عليها مشروع القانون في الفصل الثاني منه :

. توفير إعلام متعدد وحر وصادق ومسؤول ومهني

. ضمان الحق لكل صحفي في الإعلام أو التعليق أو النشر

. تطوير حرية الصحافة والنشر والعمل على الإرتقاء بقطاع الصحافة

 المقاربة الإقتصادية غير واقعية  :

المقاولات الصحفية أكثر من  90%, منها غير مربحة تجاريا ، وبالتالي فهي تعيش بالدعم الحكومي، وبالتالي فهي لاتمثل مقاولة حقيقية وفق معايير المقاولة التجارية ، فالمقاولات الصحفية هي أقرب إلى مقاولات إجتماعية منها إلى مقاولات تجارية وعليه فتميزها تجاريا غير حقيقي ، لأن إعطاء الناشرين التميز على الصحفيين المهنيين هو في حدد ذاته تحكم في حرية الصحافة بحكم أن معظم الصحفيين هم مستخدمين عند الناشرين ، وهذه إشكالية ستعيق العمل الصحفي المهني عن أداء مهامه ، كما أن دعم الناشرين سيتحول من دعم مالي إلى دعم إنتخابي في تشكيل المجلس وإدارته .

 المهام  :

إعتبارا لما جاء في المذكرة التقديمية للمشروع وكذلك ماجاء في مهام المجلس ، وإعتبارا لماء جاء في بعض الفصول من إجتهادات فإن بعضها يعتبر مقبولا ، لكن عملية تشكيل المجلس حسب الفئات وحسب الكوطة وبناء رقم المعاملات التجارية فإن هذا لايتوافق مع طبيعة المجلس الوطني للصحافة،

لأن رمزية المجلس عنوانها الكبير هو تكافؤ الفرص والديموقراطية ، ويضرب المساواة بين الصحفيين ، ويضرب بالأساس المرجعية الدستورية في الفصل 28, لكن بعض العقوبات يمكن إدراجها في قانون الصحافة والنشر بعيدة المجلس حتى لاتتداخل الإختصاصات ، وحتى لايصبح المجلس سلطة قضائية مستقلة .

 عملية إنتخاب المجلس :

. يبدو من خلال التفاعلات المتعددة المصادر والجهات بأن عملية إختيار الناخبين حسب فئات مختلفة وتصنيفهم إلى معينين ومنتخبين لم يتم قبولها لاديموقراطيا ولا واقعيا ، ويجب أن نتفهم الرفض لكون الصحافة والديموقراطية متلازمان ، حيث توجد أحدهما توجد الأخرى ، كما أن هذا الوضع سيضفي على المجلس صفة التعيين والتحكم بطريقة أو بأخرى ، وبالتالي سيتم تهميش المجلس الوطني للصحافة من طرف الصحفيين والعاملين بقطاع الصحافة عموما ، مما سيجعل من المجلس مصدر للمشاكل وليس مجلس لحلها .

ذ الأستاذ الحسن عبيابة.. وزير الثقافة والإتصال والشباب والرياضة والناطق الرسمي باسم الحكومة سابقا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.