الدخول الاقتصادي 2025: تعزيز النمو لدعم مسار المغرب الصاعد | حدث كم

الدخول الاقتصادي 2025: تعزيز النمو لدعم مسار المغرب الصاعد

0
15/09/2025

تتصدر مسألة وضع اللبنات الأساسية لنهضة المغرب الاقتصادية قائمة أولويات الدخول الاقتصادي لسنة 2025، في سياق نمو متين بفضل صمود القطاعات الاستراتيجية وزخم دينامية التحول العميق.
وترتكز هذه الطموحات على مقومات صلبة حظيت بإشادة الهيئات الدولية، وتجسد انتقال المغرب نحو اقتصاد أكثر تصنيعا ومرونة وشمولية.
ويترجم هذا التوجه أساسا من خلال تسريع وتيرة الأوراش الكبرى للبنيات التحتية، وتعزيز مكانة الطاقات المتجددة، وتطوير الهيدروجين الأخضر، إلى جانب تحديث مناخ الأعمال. وهي كلها روافع تعزز جاذبية المملكة للاستثمارات الوطنية والأجنبية، وتدعم دورها كقطب جهوي للتكامل الاقتصادي والتعاون الدولي.

اقتصاد صامد أمام التقلبات الداخلية والدولية.

أظهر الاقتصاد المغربي، خلال النصف الأول من سنة 2025، صمودا ملحوظا في مواجهة التحديات الدولية والإكراهات الداخلية. وتشير معطيات المندوبية السامية للتخطيط إلى أن الناتج الداخلي الخام حقق نموا بنسبة 4,8 في المائة خلال الفصل الأول، و4,6 في المائة خلال الفصل الثاني، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، وهو ما يعزز استمرارية وتيرة نمو تفوق ما كان عليه الوضع قبل الجائحة في قطاعات حيوية.
وترجع هذه الدينامية بالأساس إلى الأنشطة غير الفلاحية، خاصة قطاع الخدمات الذي واصل نموه بوتيرة قوية، وقطاع البناء المدعوم بتسارع الأوراش الكبرى للبنيات التحتية العمومية والخاصة.
أما القطاع الفلاحي، فقد سجل نموا بنسبة 4,5 في المائة خلال الفصل الأول و4,7 في المائة خلال الفصل الثاني، مساهما بـ 0,5 نقطة في النمو الإجمالي، على الرغم من الظروف المناخية المتباينة. ويعكس هذا الاستقرار في القطاع الأولي، رغم التقلبات، نجاعة تدابير الدعم والتأقلم التدريجي مع التغيرات المناخية.
كما تحقق قطاعات أخرى نتائج جيدة، خاصة السياحة التي ت عد محركا رئيسيا للاقلاع الاقتصادي. ويتوقع أن يتجاوز عدد السياح في المغرب 15 مليون شخص سنة 2025، مع تدفقات ينعشها تنظيم كأس أمم إفريقيا وتوسع العرض السياحي.
ويعمل المغرب أيضا على تعزيز “عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة، من أجل تثبيت مكانته كقطب إقليمي للاستثمار المستدام والطاقة. وهو ما يؤكد مسار المغرب نحو اقتصاد واعد ومنفتح على المستقبل.
أما سوق الشغل، فيرسم صورة متباينة، حيث بلغ معدل البطالة 12,8 في المائة خلال الفصل الثاني، مسجلا تراجعا بـ0,3 نقطة مقارنة بسنة 2024، بفضل تراجع البطالة بالوسط القروي (ناقص 33 ألف شخص). غير أن بعض الفئات لا تزال هشة، إذ شهد معدل بطالة الشباب المتراوحة أعمارهم بين 25 و34 سنة والنساء ارتفاعا طفيفا ، في حين ارتفع معدل نقص التشغيل على المستوى الوطني من 9,6 في المائة إلى 10,6 في المائة، مما يعكس استمرار الفجوة بين عرض العمل وحاجيات القطاعات الأكثر دينامية.
وإدراكا لهذه التحديات، جعلت الحكومة من الولوج إلى مناصب شغل ذات جودة محورا أساسيا في سياساتها وبرامجها القطاعية. وتندرج خارطة طريق التشغيل ضمن هذا التوجه، حيث تهدف إلى تحسين إدماج الشباب والنساء في سوق الشغل، وتكييف الكفاءات بشكل أفضل مع حاجيات السوق. وتشكل هذه الإجراءات رافعة أساسية لجعل مسار الإقلاع الاقتصادي أكثر شمولا وتقاسما .
وعلى مستوى التضخم، يبقى الضغط على الأسعار معتدلا، إذ سجل مؤشر أسعار الاستهلاك ارتفاعا بـ0,5 في المائة خلال شهر يوليوز 2025 مقارنة بالسنة الماضية، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية (زائد 0,9 في المائة) وغير الغذائية (زائد 0,2 في المائة).
وتواجه المالية العمومية ديناميات متباينة. فقد بلغ عجز الميزانية، المقاس وفق وضعية تحملات وموارد الخزينة 55 مليار درهم عند نهاية يوليوز، مقابل 40,2 مليار درهم في نفس الفترة من سنة 2024. ويعزى هذا الارتفاع إلى زيادة النفقات (زائد 43,4 مليار درهم) بوتيرة أسرع من نمو الإيرادات (زائد 28,7 مليار درهم)، التي استفادت مع ذلك من ارتفاع ملحوظ في المداخيل الجبائية (زائد 27,7 مليار درهم).
وعلى المستوى الخارجي، بلغ عجز الميزان التجاري حوالي 195 مليار درهم في الأشهر السبعة الأولى من السنة، مع تغطية لا تتجاوز 58,5 في المائة. وهو ما يبرز أهمية تقوية الصادرات وتنويع الشركاء. وفي المقابل، ارتفعت الاحتياطات الرسمية لتصل إلى 375,5 مليار درهم سنة 2024، وهو ما يغطي أكثر من 5 أشهر من الاستيراد، مما يؤكد صلابة الوضعية المالية الخارجية للمغرب.

توقعات 2025: مسار نمو مضبوط

تظل التوقعات الخاصة بالنمو الوطني مع نهاية السنة إيجابية، وإن كانت حذرة بحسب المؤسسات الدولية. وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط تحقيق نمو بنسبة 4,4 في المائة خلال سنة 2025، مدعوما بتعزيز الأنشطة غير الفلاحية وارتفاع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بحوالي 5 في المائة، أخذا بعين الاعتبار محصول حبوب يناهز 44 مليون قنطار.
ومن جهته، يتوقع بنك المغرب تسارعا ملحوظا للنمو ليصل إلى 4,6 في المائة سنة 2025، في حين يعتمد كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تقديرات أكثر حذرا ، عند 3,9 في المائة و3,6 في المائة على التوالي.
وعلى مستوى التضخم، تظل التوقعات معتدلة، حيث يقدر بنك المغرب نسبته بحوالي 1 في المائة، فيما يتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل إلى 2,2 في المائة بالنسبة لمجموع السنة.
ولا يتعلق الأمر بتباين حقيقي في التقديرات بقدر ما يعكس مقاربة حذرة، حيث تتفق جميعها على تأكيد مسار نمو قوي يضع المغرب على طريق الدول الصاعدة.

مشروع قانون المالية 2026: نحو مستقبل مغرب صاعد

في ظل النتائج الإيجابية والتوقعات المشجعة لسنة 2025، يحدد مشروع قانون المالية 2026 الخطوط العريضة للعمل الحكومي، مواكبا التوجيهات الملكية السامية، من خلال أربع أولويات رئيسية: تعزيز النمو الاقتصادي، تحقيق التوازن بين التنمية والعدالة الاجتماعية والمجالية، تقوية الدولة الاجتماعية، وتسريع الإصلاحات الهيكلية مع الحفاظ على توازن المالية العمومية.
ويركز المشروع على الاستفادة من مكتسبات 2025، عبر تفعيل أدوات النمو والاستثمار لدعم التشغيل، الحد من الفوارق الجهوية، وتطوير الخدمات الاجتماعية الأساسية. كما تشمل الإصلاحات الكبرى تحديث الإدارة العمومية، ورقمنة الخدمات، وتعزيز التنمية الترابية المتكاملة بهدف تحسين كفاءة السياسات العمومية وتقريب الدولة من المواطنين.
وعلى المستوى الكلي للاقتصاد، يحدد مشروع قانون المالية أهدافا محددة. إذ ي توقع أن يبلغ معدل النمو حوالي 4,5 في المائة في سنة 2026، بينما ي توقع أن ينخفض عجز الميزانية إلى 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مع ضبط معدل المديونية عند 65,8 في المائة من الناتج الداخلي.
وتسعى هذه الإجراءات إلى توطيد نتائج 2025 ووضع المغرب على طريق تنمية مستدامة ومتوازنة وشاملة، مما يعزز مكانته كبلد صاعد.

حدث/ومع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.