أوردت صحيفة “بيزنيس تيك” أن مقاولات كبرى بجنوب إفريقيا، تعمل في قطاعات التصنيع والاستغلال المعدني، باتت مهددة بخطر الإغلاق بسبب “الارتفاع غير المحتمل لأسعار الكهرباء بالبلاد”.
وأوضحت الصحيفة أن “المقاولات توجد على شفير الانهيار بعد سنوات من ارتفاع الفاتورة، وانقطاع الكهرباء وعدم استقراره عند إسكوم (الشركة العمومية للكهرباء)، كما أن مجموعة منها قلصت أنشطتها وألغت عددا من مناصب الشغل”.
وذكرت أن أحدث مثال على ذلك هو شركة غلينكور، أحد أكبر المنتجين العالميين للمواد الأولية، والتي باشرت مسلسل تسريحات عدد من مستخدميها بمصنع الفروكروم في روستنبرغ وتقليص أنشطتها المتعلقة بالفاناديوم، بسبب ارتفاع الكلفة الكهربائية والضغوط الاقتصادية.
وتتوفر جنوب إفريقيا على زهاء 80 بالمئة من احتياطيات الكروم العالمية، مما يجعلها فاعلا محوريا في مجال الفروكروم، الأساسي في إنتاج الفولاذ المقاوم للصدأ.
وأبرز التقرير أن شركة “غلينكور” اضطرت، بسبب كلفة الكهرباء أساسا، إلى تعليق الإنتاج في عدد من المصاهر، من قبيل بوشويك، و ونديركوب، و لاين، وإغلاق أخرى في روستنبورغ، و لايدينبورغ، خلال السنوات الأخيرة.
ولفت الرئيس التنفيذي لشركة (غلينكور ألويز)، غابي فولارد، إلى أن مشاكل الطاقة دمرت بشكل تدريجي صناعة الفروكروم، لفائدة منافسين آخرين استفادوا من الكهرباء واليد العاملة الرخيصة، ما أدى إلى انتقال جزء كبير من سلسلة توريد الفولاذ المقاوم للصدأ إلى الخارج.
وكانت مجموعة مستخدمي الطاقة المكثفة في جنوب إفريقيا قد دعت هيئة تنظيم الطاقة (نيرسا) إلى مراجعة خطة أسعار إسكوم الحالية بعد سوء تقدير في الحسابات كلف 54 مليار راند نتج عنه ارتفاع مطرد في الفواتير، علما بأن الكهرباء يمثل بالنسبة للعديد من الشركات الكبرى ما يربو على 40 بالمئة من كلفة الإنتاج.
وأكدت ذات المجموعة أن الارتفاع المستمر في أسعار الكهرباء وتقلباتها وغياب الاستقرار كلها عوامل تسببت في إغلاق بعض الأنشطة وكبح الاستثمارات الجديدة في البلاد.
واعتبر الرئيس التنفيذي لشركة (إكسا غلوبال ترايد أدفيزور)، دونالد ماكاي، أن “غلينكور ليست سوى الجزء المرئي من مشكلة أكثر تعقيدا، إذ أن جميع قطاعات التصنيع التي تستهلك الكثير من الطاقة باتت مهددة بسبب وضع إسكوم”.
وتنتج إسكوم، التي تعمل حاليا بمحطات توليد تعتمد في الغالب على الفحم، حوالي 95 بالمئة من الكهرباء المستهلكة في جنوب إفريقيا، لكن الصعوبات التي تواجهها عرقلت النمو الاقتصادي للبلاد لأكثر من عقد من الزمن.
وذكر دونالد ماكاي أن الأزمة الحالية تعتبر نتاج سنوات عديدة من الجمود وسوء التدبير، مبرزا أن “هذه المشكلة امتدت لفترة طويلة دون أن تعيرها الحكومة أي اهتمام”.
وارتفعت فواتير إسكوم بنسبة 937 بالمئة، مابين 2007 و2024، في مقابل 155 بالمئة في نسبة التضخم برسم نفس الفترة، ما أثقل كاهل الصناعات الكبرى في جنوب إفريقيا بفواتير لا تطاق.
وأعلنت شركة (كوكا كولا بيفيريجيز ساوث أفريكا) عزمها إلغاء 680 منصب شغل وإغلاق بعض مصانعها بجنوب إفريقيا، لتلتحق بذلك بعدد من الشركات العالمية التي قلصت أنشطتها بالبلاد.
وتأتي هذه التسريحات في سياق إلغاء آلاف مناصب الشغل من قبل عدد من الشركات المتعددة الجنسيات بجنوب إفريقيا، على غرار شركة فورد موتور (474 منصب شغل)، وجوديير (900)، وشركة التعدين العملاقة جلينكور (3000).
الح:م