شباب “جيل زد” في الشوارع.. وبعض الوزراء يصطفون على أبواب “القنوات العمومية” في انتظار يوم الحسم.. !!
في خضم الحراك الاجتماعي الذي يعرفه المغرب منذ يوم 27 شهر شتنبر 2025، والمتمثل في خروج آلاف الشباب من فئة “جيل زد” إلى الشوارع للمطالبة بإصلاحات عميقة في قطاعات الصحة والتعليم والتشغيل، هرع عدد من الوزراء الى القنوات العمومية لشرح منجزات الحكومة في عدة مجالات، وخاصة منها الصحة العمومية والتعليم، بعد صمت مريب لعدة سنوات خلت بسبب “الخوف” من أسئلة الصحفيين ومن البث المباشر في بعض الأحيان، تجنبا للسقوط في المحضور، كما حصل في هذه الأيام لاغلب الوزراء الذين قيل لهم اخرجوا للعلن، وتكلموا على مشاريع الحكومة في القنوات العمومية، وفي الاعلام الموالي، لمحاولة اسكات شباب “جيل زد” الذي لم ينفع معه لا.. ولا.
وقد تحولت القنوات الحكومية والمنابر الموالية، فضاءا للتعبير عن الموقف الرسمي للحكومة من هذا الحراك. حيث حملت تصريحاتهم في طياتها دلالات سياسية عميقة، تعكس طريقة تعامل حكومة اخنوش مع موجة احتجاجية التي يقودها جيل جديد يستخدم وسائل التواصل الحديثة كأداة للتعبئة والتأثير
من خلال متابعة الخطاب الرسمي في القنوات العمومية والبرامج الحوارية ، يتضح أن تصريحات الوزراء والمسؤولين ركزت على الدعوة إلى التهدئة والتأكيد على أن الحكومة “تتفهم المطالب الاجتماعية” و“مستعدة للحوار”، وهذه العبارات المتكررة لم تأتِ صدفة، بل جاءت ضمن استراتيجية تواصلية تهدف إلى احتواء الغضب الشعبي وطمأنة الرأي العام، مع محاولة الحفاظ على صورة الحكومة امام الراي العام المغربي والدولي.
وفي المقابل، غابت في كثير من الأحيان التفاصيل الدقيقة حول طبيعة الحلول أو الإجراءات العملية التي تنوي حكومة اخنوش اتخاذها مستقبلا رغم ان عمرها الان لا يتعدى اشهر، لخوض انتخابات 2026، وهو ما جعل فئة واسعة من المتابعين تعتبر أن هذه التصريحات تندرج ضمن “الخطاب المهدئ” أكثر من كونها خطة عمل واضحة..
وفي ذات السياق ، عمدت بعض التصريحات إلى تحميل الأوضاع الحالية لما سُمي بـ”تراكمات السنوات السابقة”، وأن الحكومة الحالية تواجه إرثًا ثقيلًا من الملفات العالقة، وهو ما فُُهم من طرف بعض المراقبين على أنه محاولة لتبرير بطء الإصلاحات والتخفيف من حدة الانتقادات الموجهة إلى السلطة التنفيذية..
والمتتبع لتغطية الإعلام العمومي يلاحظ أن هذا الأخير حاول تقديم قراءة موحدة للأحداث، تتجنب تضخيم الاحتجاجات وتقلل من حدتها، من خلال التركيز على صور الانضباط والسلمية في بعض المدن، والتأكيد على “احترام الدولة لحق التظاهر في إطار القانون”. غير أن هذا الخطاب الموجه، في نظر العديد من الشباب المحتجين، بدا بعيدًا عن الواقع ، مما جعل الفجوة تتسع بين الخطاب الرسمي وصورة الدولة في عيون فئة عريضة من المواطنين.
كما ان الرسائل التي حملتها تصريحات بعض الوزراء، واختفاء الاخرون، لم تكن موجهة فقط إلى الداخل، بل أيضًا إلى الخارج، حيث ان بعض المراقبين اعتبروا أن “اللغة” التي استُعملت في الإعلام الرسمي تهدف إلى طمأنة الشركاء الدوليين، وإبراز أن المغرب بلد مستقر قادر على إدارة أزماته بالحوار وليس بالعنف.
وهذا البعد الدبلوماسي في الخطاب الرسمي يعكس إدراك الدولة لحساسية المرحلة ولأنظار الإعلام الدولي الموجهة نحو المغرب، في وقت تتسع فيه رقعة المطالب الاجتماعية ويزداد حضورها على المنصات العالمية.
غير أن هذه المقاربة الإعلامية الرسمية، القائمة على التهدئة والتفسير، تظل محدودة ما لم ترافقها إجراءات ملموسة في الميدان، فتصريحاتهم مهما بلغت ، لن تكون كافية لاستعادة ثقة الشباب الذين يشعرون بالتهميش وضعف العدالة الاجتماعية، لإن الجيل الجديد الذي يقود الحراك لا يبحث عن وعود بقدر ما ينتظر قرارات عملية تمس حياته اليومية، وتمنحه الأمل في مستقبل أفضل داخل وطنه، يوم الجمعة المقبل!.
ا.ح