رئيس مجلس المستشارين في اللقاء الدراسي حول مشروع القانون رقم 26.25: هذا اللقاء ينعقد في سياق وطني ودولي يعرف تحولات عميقة ومتسارعة وخاصة في مجال الإعلام والصحافة
أكد المشاركون في لقاء دراسي نظمته لجنة التعليم والثقافة والاتصال، اليوم الاثنين بمجلس المستشارين، أن مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة يشكل آلية أساسية للارتقاء بمهنة الصحافة، وتعزيز استقلاليتها، والرفع من كفاءتها
وأوضحوا في مداخلاتهم، خلال هذا اللقاء الذي خصص لمناقشة مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، أن هذا المشروع يمثل محطة هامة لمراجعة تجربة التنظيم الذاتي التي انطلقت قبل سنوات، وتقييم سبل تقويتها بما يواكب التحولات العميقة التي يعرفها المشهد الإعلامي على المستويين الوطني والدولي.
واكد رئيس مجلس المستشارين في الكلمة الافتتاحية، التي تلاها النائب الرابع المستشار لحسن حداد، على أهمية هذا اللقاء الذي ينعقد في سياق وطني ودولي يعرف تحولات عميقة ومتسارعة وخاصة في مجال الإعلام والصحافة، وما يرافق ذلك من تحديات تتعلق بحرية التعبير، والممارسة المهنية والأخلاقية.
وأضاف السيد الرئيس، بأن موضوع حرية الصحافة يتجاوز كونه حقاً دستورياً إلى كونه ركيزة أساسية للديمقراطية، ووسيلة لبناء الثقة بين المواطن والدولة، وترسيخ الشفافية ومحاربة الفساد.
مشيراً إلى أن دستور المملكة في فصله الثامن والعشرين يضمن حرية الصحافة ، ويمنع الرقابة القبلية، في إطار احترام القانون وأخلاقيات المهنة، كما أن المغرب ملتزم بالمواثيق الدولية التي تكفل حرية الرأي والتعبير.
وأشار إلى أن المجلس الوطني للصحافة، الذي أُحدث سنة 2018 كآلية للتنظيم الذاتي للمهنة، شكّل محطة مهمة في مسار إصلاح قطاع الصحافة والنشر، لكنه واجه مجموعة من الإشكالات العملية والتنظيمية، سواء فيما يتعلق بالحكامة وآليات اتخاذ القرار، أو تمثيلية مختلف الفاعلين، ما استدعى مراجعة الإطار القانوني المنظم له لتجويد أدائه وضمان استقلاليته وفعاليته..
وشدد رئيس مجلس المستشارين، على أن تطوير هذا الإطار التشريعي الجديد يجب أن يحقق التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية المهنية، وأن يعزز الثقة في الصحافة الوطنية، من خلال حماية المهنة من كل أشكال الانحراف والتوجيه المصلحي، وضمان احترام الحقيقة وحقوق الأفراد والمؤسسات.
كما نوه بالمقاربة التشاركية التي اعتمدتها لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية، من خلال الاستماع لمختلف الفاعلين والمؤسسات المعنية، داعياً إلى الاستفادة من الملاحظات والتوصيات التي قدمها كل من المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في هذا الشأن..
واعتبر أن إصلاح المجلس الوطني للصحافة ينبغي أن يكون جزءاً من ورش شامل لإصلاح منظومة الإعلام والاتصال في المغرب، في ظل الإرادة السياسية الراسخة التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، لترسيخ حرية التعبير، والتعددية الإعلامية، وضمان الحق في المعلومة، بما ينسجم مع روح الدستور والمواثيق الدولية والممارسات الفضلى المعتمدة عالمياً..
وعبر رئيس مجلس المستشارين في ذات الكلمة ، عن أمله في أن تثمر أشغال هذا اليوم الدراسي عن توصيات عملية تسهم في تعزيز استقلالية الصحافة المغربية، وتطوير المجلس الوطني للصحافة بما يضمن إعلاماً حراً ومسؤولاً ونزيهاً يخدم المصلحة العامة ويكرس القيم الديمقراطية.
من جانبه، شدد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، على أن “فلسفة التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة تقوم على الارتقاء بها”، وهو ما يترجمه المشروع الجديد، الذي يقوم على مبدأ “الحرية والمسؤولية”، مضيفا “أننا اليوم نقف أمام تحدي الجمع بين مكسب حرية الصحافة وضرورة التنظيم الذاتي للمهنة”.
وأشار السيد بنسعيد إلى أن مشروع القانون يروم بناء الثقة بين المواطن ووسائل الإعلام، من خلال منح المجلس صلاحيات واضحة وفعالة لتأطير المهنة، وضمان التزام الصحفيين بأخلاقيات العمل، ومعالجة الشكايات، والتصدي للأخبار الزائفة، إضافة إلى مواكبة التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي بما يصون جودة المحتوى الإعلامي.
من جهتها، شددت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، في كلمة تليت بالنيابة عنها، على أهمية التقاء إرادة المهنيين والسلطات الحكومية وباقي الأطراف الفاعلة لتحقيق إصلاح جذري وشامل لقطاع الصحافة، بما يضمن حرية التعبير وتعزيز دور المهنة “في تمثيل الضمير المستقل”.
أما رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عبد القادر اعمارة، فأكد في كلمة تليت بالنيابة عنه، أن لدى المجلس قناعة راسخة بأهمية إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة نظرا لدوره المحوري في التنظيم الذاتي للقطاع، موضحا أن المجلس أعد رأيه الاستشاري حول مشروع القانون وفق مقاربة تشاركية موسعة، تم خلالها الإنصات إلى أبرز الفاعلين في القطاع.
وأضاف أن التنظيم الذاتي يشكل مكسبا مهما في سجل الحقوق والحريات التي جاء بها دستور 2011، ويجسد التوازن بين حرية الصحفيين والتزامهم بالضوابط المهنية والأخلاقية.
من جهته، أكد الكاتب العام للوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، شفيق الودغيري، أن مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتقوية استقلالية المهنة، والرفع من كفاءتها، وضمان أن تظل الصحافة سلطة حقيقية تساهم بفاعلية في بناء المجتمع.
وأبرز أن الحكومة حرصت على طرح المشروع في إطار نقاش عمومي مفتوح وهادئ، و”تقديمه للمؤسسة التشريعية بروح من الانفتاح والاستعداد لتطوير مقتضياته بما يخدم المصلحة العامة للمهنة والمجتمع”.
بدوره، اعتبر رئيس لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، عبد الرحمان الدريسي، أن مشروع القانون رقم 26.25 يندرج في سياق دينامية إصلاحية متواصلة تروم تعزيز التنظيم الذاتي للصحافة، وتكريس استقلاليتها وشفافية تدبيرها.
وسجل أن النقاش حول هذا المشروع عرف تفاعلا واسعا داخل المؤسسة التشريعية وخارجها، بمشاركة مختلف الهيئات المهنية والمؤسسات الدستورية، وهو ما يعكس وعيا جماعيا بأهمية تطوير الإطار القانوني المنظم لقطاع الصحافة بما يواكب التحولات التي يشهدها الحقل الإعلامي الوطني.
ح/م