أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، اليوم الخميس بموسكو، أن المغرب يعتبر روسيا وفقا لمنظور صاحب الجلالة الملك محمد السادس، شريكا موثوقا وبناء.
وأوضح السيد بوريطة، في ندوة صحفية أعقبت مباحثاته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن هذه المباحثات “طبعها حوار عميق ومثمر، وكانت مناسبة لتأكيد ما يعتبره جلالة الملك محمد السادس شراكة استراتيجية قوية بين البلدين، فجلالة الملك ي كن تقديرا خاصا واحتراما متبادلا مع فخامة الرئيس فلاديمير بوتين”.
وأبرز أن السنة المقبلة، العاشرة على توقيع الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين البلدين، كما وافق عليها جلالة الملك والرئيس الروسي، “ستكون مناسبة لنحتفل بما حققناه”، مذكرا بأنه خلال زيارة جلالة الملك لروسيا تم التوقيع على 16 اتفاقية دخلت كلها حيز التنفيذ.
وفي الشق الاقتصادي، سجل الوزير أن “علاقاتنا الاقتصادية تطورت بشكل مهم، حيث ستكون هذه السنة في ما يتعلق بقطاع السياحة، استثنائية من حيث عدد السياح الروس الذين توافدوا على المغرب”، مضيفا أن الخطوط الملكية المغربية أعادت فتح خط الدار البيضاء-موسكو بمعدل سبع رحلات أسبوعية، وقريبا سيتم فتح خط مباشر يربط الدار البيضاء وسان بترسبورغ “.
وعلى مستوى الحوار السياسي، أكد السيد بوريطة على قوة العلاقات بين البلدين اللذين يقومان بالتنسيق معا في المنتديات الإقليمية والدولية.
وتابع في هذا الصدد “اليوم قمنا بالتوقيع على مذكرة تفاهم بهدف هيكلة وتنظيم هاته المشاورات وجعلها أكثر عمقا بين وزارتي الخارجية، وسنقوم غدا بعقد الدورة الثامنة للجنة الحكومية المختلطة المغربية-الروسية مع معالي نائب الوزير الأول السيد باتخوتشيف”.
واعتبر أن هذه الدورة ستكون مناسبة لاستعراض العلاقات الاقتصادية وسبل تطويرها إلى جانب التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات، مبرزا أن هذه اللجنة “تعد آلية مهمة سنحت لعلاقاتنا أن تتطور في مجال الفلاحة والصيد البحري والتعاون الأكاديمي وغيرها من المجالات، واجتماعنا إذا سيكون مناسبة لبحث سبل تطوير هذه الآلية وتعزيزها”.
وأكد أن الجانبين عازمان على استغلال سنة 2026 لإعطاء إشعاع أكثر للعلاقات الثنائية من خلال تنظيم زيارات متبادلة للوزراء القطاعيين، وأنشطة ثقافية في كل من روسيا والمغرب للتعريف بعمق هذه العلاقات”.
وذكر، في هذا الصدد، أن العلاقات المغربية الروسية تعود للقرن 18 واستمرت بشكل متواصل، لافتا إلى أن البلدين يمتلكان زخما قانونيا مهما من خلال 188 اتفاقية ثنائية تغطي كافة المجالات، وهي من أغنى الإطارات القانونية التي لدى المملكة المغربية مع دولة أخرى.
وقال إن هناك حاجة لتشجيع فاعلين آخرين للانخراط في هذه العلاقات الثنائية خاصة رجال الأعمال، ولاسيما في مجال التعاون القطاعي.
وفي سياق آخر، أوضح السيد بوريطة أن مباحثاته مع نظيره الروسي تناولت، أيضا، الوضع في الشرق الأوسط، مبرزا أن البلدين لهما رؤى متقاربة بهذا الشأن.
وبعدما ثمن جهود رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السيد دونالد ترامب لوقف إطلاق النار والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، عبر عن الأمل في أن تحترم كافة الأطراف كل البنود الموجودة في هذا الاتفاق وأن يفتح أفقا سياسيا لحل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.
وأضاف أن جلالة الملك من منطلق رئاسته للجنة القدس، يعتبر أن حل الدولتين هو الإطار الوحيد لإقامة سلام عادل بإقامة دولة فلسطينية على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مشددا على أنه “بدون حل جوهر القضية لن يكون هناك استقرار بالشرق الأوسط”.
ولفت إلى أن إفريقيا شكلت، أيضا، مجالا آخر للحوار السياسي بين البلدين، مؤكدا أن روسيا “لها مكانة مهمة في القارة الإفريقية، كما أن المغرب يعتبر وفقا لرؤية جلالة الملك، فاعلا أساسيا في القارة”.
وأضاف أن هذه المباحثات تطرقت إلى الوضع في منطقة الساحل والصحراء، حيث تم بالمناسبة التأكيد على أن احترام سيادة هاته الدول واحترام قراراتها واختياراتها أمر مهم.
وأكد أن الجانبين، يضيف السيد بوريطة، يعتبران أن هذه الدول لا يجب أن تخضع لأي وصاية سواء من طرف القوى الاستعمارية السابقة أو من أطراف تحاول جعل هذه المنطقة حديقة خلفية، ويؤكدان على أن هذه الدول تملك اختيارات، “إذا كانت مدعومة من شعوبها فنحن، على الأقل، كمغرب ندعم ونواكب هذه الاختيارات لتحقيق الاستقرار سواء في مالي وبوركينافاسو أو في النيجر”.
وذكر أن جلالة الملك عبر في أكثر من مناسبة، لهذه الدول أن استقرارها هو مسألة مهمة بالنسبة للمملكة المغربية التي ستواكب هذه الدول في كافة برامجها لمكافحة الإرهاب قصد تعزيز الاستقرار وتحقيق التنمية.
وقال الوزير “تحدثنا أيضا عن المنتدى الروسي-الإفريقي الذي نعتبره إطارا جد مهم منذ القمة التي انعقدت السنة الفارطة والتي كانت قمة ناجحة، سواء من حيث المشاركة أو من حيث المخرجات”، مضيفا أن الاجتماع الوزاري الذي سينعقد خلال الأسابيع المقبلة سيشكل فرصة للمتابعة وللعمل على جعل هذا المنتدى يحقق الانتظارات المرتقبة منه، والمتمثلة في التنمية والاستقرار مع شريك لطالما كان صديقا للقارة الإفريقية هو روسيا الاتحادية.
وبخصوص الأجهزة متعددة الأطراف، قال السيد بوريطة إن “المغرب وروسيا من الدول التي تؤمن بعالم متعدد الأطراف وبدور الأمم المتحدة ولكننا نؤمن كذلك بنظام متعدد الأطراف فاعل وعادل يأخذ بعين الاعتبار التطورات الدولية وحقوق وانتظارات الدول النامية خاصة في إفريقيا”. وتابع أنه لا يمكن لهذا النظام أن يؤدي الى النتائج المرجوة ما لم يتم إصلاحه بمشاركة الجميع.
وخلص إلى أن الحوار مع نظيره الروسي كان، كالعادة، إيجابيا ومثمرا، مضيفا أنه وجه الدعوة للسيد لافروف للقيام بزيارة الى المغرب لتكون جزءا من الاحتفال بالسنة العاشرة لإعلان الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين المغرب وروسيا.
ح/م