ناصر بوريطة: المؤتمر الوزاري الرابع للدبلوماسية النسوية في باريس.. المغرب انخرط، بقيادة جلالة الملك، في “مسار لا رجعة فيه” نحو المساواة بين النساء والرجال | حدث كم

ناصر بوريطة: المؤتمر الوزاري الرابع للدبلوماسية النسوية في باريس.. المغرب انخرط، بقيادة جلالة الملك، في “مسار لا رجعة فيه” نحو المساواة بين النساء والرجال

0
22/10/2025

أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الأربعاء بباريس، أن المملكة المغربية، وتحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، انخرطت منذ 25 سنة في “مسار لا رجعة فيه” نحو تحقيق المساواة بين النساء والرجال، من خلال إصلاحات دستورية وتشريعية ومؤسساتية.

وأوضح السيد بوريطة، في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوزاري الرابع للدبلوماسية النسوية، الذي يعرف مشاركة رؤساء دبلوماسية نحو خمسين بلدا، من بينهم وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، ووزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، أن هذه الإصلاحات “لم تغير فقط نص القانون، بل غيرت كذلك روح جيل بأكمله، ومجتمع يؤمن بأن الإنصاف يشكل أساس حداثته”.

وأشار الوزير إلى انضمام المملكة إلى “مبادرة السياسة الخارجية النسوية+” (FFP+)، مبرزا أن المغرب “من خلال هذا الانضمام، يؤكد طموحه للعمل بشكل منسق مع دول تتقاسم نفس القيم، وتعتبر المساواة بين الجنسين محورا أساسيا في دبلوماسيتها”.

وأضاف السيد بوريطة أن “ارتياح المغرب لهذا المسار يستمد قوته من الخيار الذي اتخذه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بجعل حقوق المرأة والمساواة أولوية من أولويات عهده”.

وأكد أن التحول الذي شهده المغرب على المستوى الداخلي “وجد امتداده الطبيعي في سياستنا الخارجية”، مشيرا إلى أن المملكة جعلت من المساواة بين الجنسين عنصرا مركزيا في دبلوماسيتها.

وقال الوزير إن “الدبلوماسية النسوية للمغرب هي قبل كل شيء دبلوماسية في خدمة السلام”، مذكرا بأن المملكة اعتمدت في مارس 2022 خطة العمل الوطنية الأولى لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن، “وقد تم تمديدها إلى غاية سنة 2026 من أجل تعزيز مكتسباتها وتمكين النساء من المساهمة أكثر في جهود الوقاية والوساطة وإعادة البناء”.

كما ذكر السيد بوريطة بأن المغرب يعد تاسع مساهم عالمي في عمليات حفظ السلام، موضحا أنه “من بين 3400 من أفراد القبعات الزرق المغاربة المنتشرين عبر العالم، هناك 120 امرأة، وسنواصل تعزيز حضورهن داخل الوحدات والمقرات القيادية”.

وفي السياق ذاته، أبرز الوزير أن المملكة لا تكتفي بالمشاركة في حفظ السلام، بل تعمل بشكل استباقي على تعزيزه وترسيخه، مضيفا: “نُكون نساء وسيطات على أرض الميدان يجسدن دبلوماسية القرب. إنهن يساهمن في نزع فتيل التوتر داخل المجتمعات، واستعادة الثقة، وإعادة بناء الروابط. وتمكينهن هو منح السلام وجها إنسانيا”.

وتابع قائلا: “وبنفس الروح، نقوم بتكوين مراقبين انتخابيين، بشراكة مع الاتحاد الإفريقي، حيث تم بين 2022 و2025 تكوين عدد من المراقبين الأفارقة، من بينهم 175 امرأة من أصل 300 متخرج”.

وأوضح السيد بوريطة أن الدبلوماسية النسوية للمملكة تتجلى أيضا في المجال الديني، الذي يشكل “رافعة أساسية للاستقرار والسلام”، مشيرا إلى أن المرشدات، وهن واعظات جرى تكوينهن في المغرب، أصبحن اليوم “فاعلات مؤثرات في الوقاية من التطرف العنيف”.

وأضاف أن التزام المغرب يتجسد كذلك في سياسته الخاصة بالهجرة، حيث تمثل النساء ما يقرب من نصف المهاجرين النظاميين بالمملكة، مذكرا بأن حملتي التسوية اللتين نظمتا سنتي 2014 و2017 “مكنتا العديد من النساء من الحصول على الحماية والكرامة”، وهي، كما قال السيد بوريطة، “وجه آخر من أوجه هذه الدبلوماسية النسوية التي ترفض الإقصاء”.

كما أشار الوزير إلى أنه في أبريل الماضي، قدم المغرب إلى مجلس حقوق الإنسان بجنيف قرارا تاريخيا بعنوان “النساء والدبلوماسية وحقوق الإنسان”، وهو نص يعزز إرساء اليوم الدولي للنساء في الدبلوماسية، ويضع قضية ضعف تمثيلية النساء في العمل الدبلوماسي ضمن الأجندة الدولية، ويدعو الدول إلى ضمان الولوج المتكافئ للنساء إلى المناصب الدبلوماسية ومنع أي شكل من أشكال التمييز.

وأكد السيد بوريطة أن الدبلوماسية النسوية للمملكة تتجسد أيضا على الصعيد الثنائي، موضحا أن هذا التوجه “ينعكس عمليا في الحوار القائم مع فرنسا، حيث تشكل المساواة أحد محاور الشراكة الاستثنائية بين البلدين، وكذلك مع إسبانيا، من خلال المشاورات السياسية المنتظمة”، مشيرا إلى أن هذا النهج “يمتد إلى التعاون مع اليابان في إطار أجندة +النساء والسلام والأمن+، وكذا إلى علاقات المغرب مع بلدان أمريكا اللاتينية، في أفق مواصلة هذا المسار المتميز”.

وفي جميع المجالات، يؤكد الوزير، أن “إدماج النساء يعد عاملا للفعالية الجماعية”. ففي مجال السلام أولا، تزيد مشاركة النساء في عمليات التفاوض بنسبة 20 بالمائة من احتمال استمرارية الاتفاق لمدة لا تقل عن عامين، وبنسبة 35 بالمائة لاستدامته خمسة عشر عاما.

وفي الاقتصاد، قال السيد بوريطة إن “الإدماج النشط للنساء في الشغل وريادة الأعمال والحكامة لا يقتصر على مسألة المساواة فحسب، بل هو رافعة للنمو والأداء. ووفقا للبنك الدولي، فإن سد الفجوة بين الجنسين قد يزيد الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكثر من 20 بالمائة”.

أما في مجال الأمن، فأوضح أن “الدراسات تظهر علاقة عكسية بين المساواة بين الجنسين والتطرف، فكلما كان المجتمع أكثر مساواة، قل تعرضه للانحرافات المتطرفة”.

وأخيرا، في مواجهة التغير المناخي، أشار السيد بوريطة إلى أن الدلائل قوية بنفس القدر: فبينما تُعد النساء أولى ضحايا هذه الظاهرة، فإن الاستثمار في المساواة بين الجنسين قد يساهم في خفض ما يصل إلى 15 بالمائة من الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة بحلول عام 2050″.

وأضاف السيد بوريطة: “لأن الدبلوماسية النسوية لا يمكن أن تُمارس خارجيا دون اتساق داخلي، فقد اخترنا – ضمن جهازنا الدبلوماسي – فتح المسارات التي كانت بعض الأحكام المسبقة أو التحيزات قد أعاقتها”.

وأوضح قائلا: “نفعل ذلك من خلال دبلوماسية الاستحقاق، حيث تقترن الكفاءة بالمرأة كما الرجل”.

وأشار إلى أن “نسبة النساء في المركز الرئيسي للوزارة تبلغ 43 بالمائة، و47 بالمائة من مناصب المسؤولية المركزية تشغلها نساء. أما في الخارج، فتقود النساء ثلث مناصبنا الدبلوماسية والقنصلية (45 من أصل 155، أي 29 بالمائة، بما في ذلك 21 سفارة من أصل 95 و24 قنصلية من أصل 60). وبين 2004 و2024، ارتفعت نسبتهن من القناصل العامين من 3 بالمائة إلى 40 بالمائة، وغالبا ما كن من بين الأفضل. وعلى صعيد الشبكة الدبلوماسية، ارتفعت نسبة السفيرات من 4 بالمائة لتصبح اليوم 21 بالمائة، بما في ذلك رئاسة بعض من أكثر السفارات استراتيجية”.

وتابع بالقول : “إلى ذلك الحين، لا يتعلق الأمر بتصحيح الأمور بمنح امتيازات، ولا بتحقيق توازن عددي، بل بتحقيق العدالة عبر المعايير الصارمة – نفسها للجميع، ومكيفة لكل فرد، والنساء لم يخذلن أبدا”.

وبحسب الوزير، فإن “الدبلوماسية النسوية، وإن كانت نشأتها في الشمال، إلا أنها ليست حكرا عليه. وكما هو الحال غالبا في التعددية، فإن الملكية المشتركة هي مفتاح الكونية”، مضيفا أن هذه الدبلوماسية تستفيد من تجذرها في تعدد التجارب والمسارات.

وأكد السيد بوريطة أن قوة مبادرة السياسة الخارجية النسوية ستعتمد على قدرتها على الإنصات والاندماج، والتوسع دون تشتت، وعلى الجمع دون توحيد؛ “ثانيا، لا تكمن قوة الشبكة فقط في نبل مبادئها، بل في قدرتها على ترجمتها إلى أعمال ملموسة ومتابعتها عبر آليات ناجعة للتقييم والمساءلة. ولكي تصبح الدبلوماسية النسوية قوة تحول، يتعين عليها تقييم وتكييف نفسها، وإثبات جدارتها عمليا بمرور الوقت”.

ثالثا، يضيف الوزير، “تستفيد مبادرة السياسة الخارجية النسوية هاته من تعزيز ترابطها مع القضايا العالمية الكبرى. فالمساواة ليست هدفا معزولا، لذا يجب على المبادرة ترسيخ جذورها ومضاعفة تحالفاتها مع الأطر الدولية الأخرى، لتجسيد الطابع الشامل للدبلوماسية النسوية – التي لا تقتصر على مجال مطلبي، بل تمتد لتشمل جميع السياسات العالمية”.

وفي هذا السياق، اقترح الوزير وضع برنامج للتكوين المشترك، تحت إشراف المبادرة، مخصص للدبلوماسية النسوية وتنفيذ أجندة “النساء، السلام والأمن”، وإحداث فضاءات عملية للتبادل والتعاون بين الدبلوماسيات من جميع المناطق، لتعزيز أجندة عالمية مشتركة للمرأة، والسلام، والتنمية والحقوق.

ومن بين المقترحات أيضا، “تعزيز الشراكات الثنائية والثلاثية بين أعضاء شبكة المبادرة السياسة الخارجية النسوية، من أجل تمكين تبادل الممارسات الفضلى وتحويل تقاربنا إلى مشاريع ميدانية (وساطة، مناخ، مساواة في الولوج إلى الوظائف الدولية)”، يشير الوزير قبل أن يختتم بالقول إن “الدبلوماسية النسوية ليست نموذجا للتصدير، بل تجربة للتقاسم”.

ويجمع هذا الحدث، الذي يندرج في سياق استمرارية المؤتمرات السابقة التي نظمتها كل من ألمانيا (2022)، وهولندا (2023)، والمكسيك (2024)، نحو 450 مشاركا، من بينهم حوالي خمسين دولة ممثلة على مستوى وزراء الخارجية، فضلا عن ممثلين عن منظمات دولية وبنوك عمومية للتنمية والمجتمع المدني ومؤسسات خيرية.

وأوضح بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية الفرنسية أن المؤتمر سيكون “فرصة للدول وشركائها لتجديد التأكيد بشكل جماعي على تشبثهم بالأطر الدولية في مجال حقوق المرأة والمساواة والعدالة، ورفض أي تراجع في هذا المجال”

ح/م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.