رئيس فريق “البام” بمجلس النواب:هناك مطاحن لا تطحن القمح! .. بل تكتفي بـ”طحن الأوراق”.. وتكلّف خزينة الدولة حوالي 1680 مليار سنتيم سنوياً

0

فجر رئيس فريق الاصالة والعاصرة بمجلس النواب اجمد التويزي، خلال مناقشة مشروع قانون المالية داخل لجنة المالية و التخطيط و التنمية الاقتصادية بمجلس النواب ، فضيحة مدوية اثارت ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية والاقتصادية، بعد ما كشف عن معطيات خطيرة تتعلق بملف دعم الدقيق الذي يكلّف خزينة الدولة حوالي 1680 مليار سنتيم سنوياً، دون أن يخضع ـ حسب قوله ـ للمراقبة الدقيقة والفعالة التي تضمن توجيه هذا الدعم لمستحقيه الفعليين من المواطنين الفقراء..
وأكد التويزي، في تدخله على المباشر، “أن هناك شركات تستفيد من هذا الدعم بطرق مشبوهة، إذ لا تقوم في الواقع بطحن القمح الذي يتم توزيعه على الأسواق كما يُفترض، بل تكتفي بـ”طحن الأوراق”، في إشارة إلى تزوير الوثائق المحاسباتية والمراقبية لتقديمها للإدارة وكأنها أنتجت ووزعت القمح المدعم.
وأضاف أن هذا التلاعب الخطير يحرم الفئات الهشة من الاستفادة من مادة حيوية تشكل أساس الأمن الغذائي الوطني، ويؤدي إلى إهدار مبالغ ضخمة من المال العام كان من المفترض أن تُخصص لتقوية القدرة الشرائية للمغاربة.
وأوضح رئيس فريق “البام”، أن منظومة دعم القمح أصبحت بحاجة إلى مراجعة شاملة، لأنها تحولت، في غياب المراقبة الصارمة، إلى “مزرعة للريع والغموض”، حيث تتقاطع فيها مصالح نافذين اقتصاديين ووسطاء، بعضهم يملك المطاحن وبعضهم الآخر يتولى شبكات النقل والتوزيع، في حين تبقى الفئات الاجتماعية المستهدفة خارج المعادلة، ويفتح الباب أمام تفشي الفساد في واحد من أهم القطاعات الاستراتيجية المرتبطة بالعيش اليومي للمواطنين.
تصريحات التويزي، التي نقلتها وسائل الإعلام مباشرة من قاعة اللجنة بمجلس النواب ، أثارت صدمة لدى الرأي العام الوطني، نظرا لحساسية الملف وقيمة المبالغ المالية التي تُضخ سنوياً في صندوق دعم المواد الأساسية، وخاصة القمح الطري، والذي يشكل المادة الأساسية في إنتاج الخبز، الأكثر استهلاكا في المغرب.
كما اعتبر عدد من المتتبعين أن ما كشف عنه البرلماني الذي ينتمي الى الأغلبية الحكومية التي يترأسها عزيز اخنوش، يدخل في خانة “تبذير المال العام”، ويتطلب تحقيقاً فورياً من الجهات المختصة، وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات، لكشف المستفيدين الحقيقيين من هذا الدعم وكيفية صرف الأموال.
ويرى خبراء الاقتصاد أن إصلاح هذا الملف يتطلب الانتقال من منطق “الدعم غير المباشر” عبر الشركات والمطاحن، إلى دعم مباشر وموجه للأسر المحتاجة، باستعمال الأدوات الرقمية الحديثة التي تسمح بتحديد المستفيدين بدقة، على غرار ما تم في برنامج الدعم الاجتماعي الموحد والسجل الاجتماعي الموحد. فالنظام الحالي، كما أشار التويزي، يسمح بتسربات مالية كبيرة، ويشجع بعض المتدخلين على تضخيم الأرقام والفواتير لتبرير الحصول على الدعم، دون أن يقابل ذلك إنتاج فعلي أو توزيع حقيقي للقمح المدعم.
ودعا التويزي إلى فتح تحقيق عاجل وشامل للكشف عن كل المتورطين في هذه الشبكة، سواء من داخل الإدارة أو من الشركات التي “تطحن الأوراق”، مؤكداً أن الوقت قد حان لإعادة هيكلة منظومة الدعم بما يضمن وصول القمح المدعم إلى من يستحقه فعلاً..
ومن جانب اخر، يستوجب البحث والتدقيق فيما كشف عنه التويزي لان ذلك ليس مجرد حادث عرضي أو تصريح عابر، بل يسلط الضوء على عمق أزمة الحكامة في تدبير ملفات الدعم بالمغرب، وعلى الحاجة الملحة لإصلاح جذري يعيد الثقة إلى المواطنين، ويقطع مع اقتصاد الريع الذي يلتهم مليارات الدراهم من أموال دافعي الضرائب دون أن ينعكس إيجاباً على حياة المغاربة اليومية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.