عبد العلي جدوبي: في دلالات الخطاب الملكي عشيه القرار الاممي (31 اكتوبر) الذي اعتمد مقترح الحكم الذاتي المغربي كحل نهائي لنزاع الصحراء تكون صفحات هذا النزاع الذي عمر لخمسين سنة قد طويت من غير رجعه، وأن ما ضاع يمكن ملاحقته وفق الرؤية الملكية الممكنة التي قد ينهجها التفاهم المغربي الجزائري ،إما على صعيد المحور الثنائي أو في النطاق الاقليمي أو على صعيد العلاقات الإستراتيجية لدول الشمال الافريقي مع بلدان الاتحاد الاوروبي في اطار المساعي المغربية لإعادة تفعيل اتحاد المغاربي وهو ماتضمنه خطاب جلاله الملك محمد السادس الى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ، مضيفا جلالته ” أن هذه التحولات لا يجب ان تعتبر انتصارا ولا نستغلها لتأجيج الصراع والخلافات ..” فإحراز أي تقدم في أي مساع يرتبط أولا وقبل كل شيء ببناء الوفاق المغربي الجزائري الذي يعتبر قاطرة لدعم هذا التوجه وكذا الحال بالنسبة لمتطلبات التنمية وتعزيز الميول الى الديمقراطية خصوصا على صعيد تكريس منهجية الاقتصاد الحدودي الذي تبث جدواه لفائدة وآفاق حسن الجوار ،وفق توجه جديد يراهن على علاقات الثقة والوفاء لقيم المستقبل..
احتفالات الشعب المغربي بهذا النصر الدبلوماسي التاريخي يجسد بحق الامتداد الطبيعي للملاحم المغربية ، وفي نفس الوقت يكتسي الكثير من الأبعاد التاريخية والمستقبلية التي تميز المغرب في مقاومة كل التحديات ومجابهتها رغم كل الأعباء ومسؤولية توطيد السيادة على الصحراء المغربية ، وحماية أمنها واستقرارها ، فإن جلاله الملك محمد السادس حرص أيضا على أن تواكب جهود التحرير ، مشاريع التنمية مع حرص المغرب على احترام المواثيق الدولية ، والعمل على تصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة ، وبمنح فرصه للاخرين بمراجعة موقفهم والاحتكام للموضوعية وللنزاهة ..
ومن غير ان نستحضر الملامح الاولى لاذكاء الخلاف المغربي الجزائري منذ العام 1975 حول قضية الصحراء المغربية ، ومن غير ان نستحضر أيضا ملامح الوضع الدولي في تلك الفترة التي شهدت تمرير مخطط اشغال الدول العربية والافريقيه بالخلافات الهامشية : أزمة الخلاف الليبي المصري ، أزمة القرن الافريقي ، أزمة طابا التشاد ، فانه يجدر التذكير بأن النزاع المفتعل حول قضية الصحراء ليس منفصلا في جوهره وكيانه عن ذلك المخطط ، فلم تعرف قضية محورية من التفاعلات والملابسات مثل ما عرفته قضية الصحراء المغربية لسبب أساسي هو أنها قوبلت بسوء الفهم وبالاخص من الجهات المعادية لوحدتنا الترابية .
هذا ومن جهة أخرى ساعد الإلتزام الدولي المتجدد بالتسوية السياسية لقضية الصحراء وتبني ازيد من 130 دولة للطرح المغربي المتمثل في مقترح الحكم الذاتي ، ساهم في الجهود التي تبدلها الأمم المتحدة لإحراز التقدم في العملية السياسية التي تعد نقطة قوة ، حيث يرى المغرب منها اعترافا بوجاهة مقترحه مما أدت كل هذه الامور يوم 31 من اكتوبر 2025 الى التصويت الاممي لفائدة المقترح المغربي ، وبالتالي طوي ملف النزاع الذي ظل مفتوحا طيلة الخمسين سنة الماضية ، وكانت الخطب الملكية بحق ، ثوابت مرجعية تعطي لمبدأ التفاوض شرعية وقوة لمبادرة الحكم الذاتي الذي يعتبر السقف الاقصى لأي تفاوض.. واخيرا يأتي قرار مجلس الامن بعد نزاع وصراع طويلين ليرمي بأطروحة البوليساريو وداعمي الانفصال الى مزبلة التاريخ ، ويتم ترسيخ الحكم الذاتي كمرجعية ثابتة لا رجعه فيها ، ويجعل من الحل ضمن السياده المغربيه امرا محسوما ونهائيا.
|
|