وسيط المملكة حسن طارق.. في المنتدى الجهوي الأول للحكامة المرفقية حول الصحة العمومية المنعقد بمدينة فاس

0

قدّم حسن طارق، وسيط المملكة ، في كلمته خلال المنتدى الجهوي الأول للحكامة المرفقية حول الصحة العمومية المنعقد بمدينة فاس، رؤية مؤسساتية وفكرية عميقة حول دور مؤسسة الوسيط في ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وتجويد الخدمات العمومية، في سياق وطني يزدان بأجواء الفخر والاعتزاز عقب القرار التاريخي لمجلس الأمن الذي أكد مغربية الصحراء، وما رافق ذلك من تعزيز للروح الوطنية الجامعة التي توحّد المغاربة خلف قائدهم صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وتدفعهم إلى مزيد من البناء والإصلاح والتحديث في مختلف المجالات.

وأوضح وسيط المملكة أن المنتدى يندرج ضمن سلسلة منتديات الحكامة المرفقية التي أطلقتها المؤسسة، وجعلت من قطاع الصحة العمومية موضوعاً لدورتها الأولى باعتباره من أبرز القطاعات التي تجسّد العلاقة المباشرة بين الإدارة والمواطن. وأبرز أن هذه المنتديات تندرج ضمن برامج المؤسسة للحوار العمومي، مثل برنامج “إدارة المساواة”، بوصفها فضاءات للتفكير الجماعي وتبادل التجارب والممارسات الفضلى، وتعزيز وظيفة المؤسسة كقوة اقتراحية تساهم في تحسين أداء المرافق العمومية وتنمية التواصل بين الإدارة والمرتفق.

وبيّن حسن طارق أن مؤسسة الوسيط، كما ينص على ذلك الدستور والقانون رقم 14.16، تضطلع بمسؤولية مزدوجة تتمثل، من جهة، في النظر في تصرفات الإدارة المخالفة للقانون أو المنافية لمبادئ العدل والإنصاف عبر معالجة التظلمات المرفقية، ومن جهة أخرى، في أداء وظيفة دستورية تروم الإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة مبادئ الشفافية والتخليق والحكامة في تدبير المرافق العمومية. وأوضح أن القانون المنظم للمؤسسة يكرّس مكانتها كقوة اقتراحية فاعلة من خلال آليات محددة، من بينها التقارير الخاصة الموجهة إلى رئيس الحكومة، وإبداء الرأي في مشاريع القوانين والنصوص التنظيمية، وتوجيه مذكرات تنبيه للإدارات التي لا تراعي مبدأ المساواة بين المرتفقين، بالإضافة إلى الآراء المقدمة بشأن المشاريع والبرامج والمساطر الإدارية التي تسعى إلى تبسيطها الإدارات. وأكد أن التقرير السنوي الذي يرفعه الوسيط إلى جلالة الملك يشكل بدوره لحظة أساسية لتقديم مقترحات عملية تروم تصحيح الاختلالات وتحسين أداء الإدارة وتجويد خدماتها وتبسيط مساطرها وفق مبادئ العدالة والشفافية.

وتوقف المتحدث عند الإطار المرجعي الذي يحكم عمل مؤسسة الوسيط، والمتمثل في مبدأ الحكامة الجيدة باعتبارها ركيزة دستورية للدولة الديمقراطية الحديثة، مشيراً إلى أن الدستور جعل من الديمقراطية التشاركية والمواطنة الفاعلة ومبادئ الحكامة الجيدة أسساً للنظام الدستوري للمملكة. وأكد أن هذه المبادئ تقوم على المساواة في الولوج إلى المرافق العمومية، والإنصاف في التغطية المجالية، والاستمرارية في تقديم الخدمات، مع الالتزام بمعايير الجودة والشفافية والمساءلة. وذكّر بصدور القانون رقم 54.19 المتعلق بميثاق المرافق العمومية، الذي وضع عشرة مبادئ مرجعية للحكامة الجيدة تشمل احترام القانون، والمساواة، والإنصاف، والاستمرارية، والملاءمة، والجودة، والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والنزاهة، والانفتاح والتواصل مع المرتفقين.

وأشار وسيط المملكة إلى أن اختيار الصحة العمومية موضوعاً لهذا المنتدى لم يكن اعتباطياً، بل يعكس إدراك المؤسسة لأهمية هذا القطاع في تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن، باعتباره مرفقاً حيوياً يقيس المواطن من خلاله مدى نجاعة السياسات العمومية. كما أبرز أن إشراك الشباب في هذا الورش يترجم القناعة الراسخة بأنهم شركاء استراتيجيون في الارتقاء بالخدمات العمومية، عبر تقديم مقترحات عملية، وتقييم جودة الخدمات، والمشاركة في تطوير قنوات التواصل بين الإدارة والمواطنين.

وربط حسن طارق بين عمل مؤسسة الوسيط والتوجيهات الملكية السامية، مشيراً إلى الخطاب الملكي الأخير بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الخامسة من الولاية الحالية، الذي دعا فيه جلالة الملك إلى إعطاء أهمية خاصة لتأطير المواطنين والتعريف بالمبادرات العمومية التي تهم حقوقهم وحرياتهم، معتبراً أن هذا التوجيه الملكي يجسد جوهر الرسالة التي تحملها مؤسسة الوسيط في تقوية جسور الثقة بين الإدارة والمجتمع، وتنمية ثقافة الحوار العمومي كأداة لإشاعة مبادئ الشفافية والمسؤولية.

واختتم وسيط المملكة كلمته بالتعبير عن اعتزازه بالحضور إلى جانب مختلف الفاعلين في هذا اللقاء الجهوي، مشيداً بكل من ساهم في إنجاح هذه المبادرة التي تعكس دينامية مؤسساتية تتجه نحو جعل الحوار والتشارك نهجاً دائماً في تجويد العمل العمومي، مؤكداً أن مؤسسة الوسيط ستظل منفتحة على كل المبادرات والمقترحات الكفيلة بإرساء إدارة مواطنة تضع المرتفق في صلب اهتمامها وتعمل على تحقيق العدالة المرفقية وجودة الخدمات في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.