بعد أن ظل، لزمن طويل، مرتبطا بـ”الحلم الأمريكي”، بات من الصعب على العديد من الأمريكيين اقتناء منزل بفعل الارتفاع المتزايد للأسعار، مما دفع بالسلطات إلى التفكير في تمديد فترة القروض العقارية لتصل إلى خمسين عاما.
يرجع السبب في ذلك إلى أن متوسط العمر لاقتناء أول منزل في الولايات المتحدة أصبح الآن يصل إلى أربعين عاما، في معدل غير مسبوق في بلد حيث يتم بشكل كبير قياس النجاح السوسيو-اقتصادي بمعيار الولوج إلى الملكية العقارية.
غير أن الإجراء الهادف إلى تمديد الفترة القصوى للرهون العقارية بحوالي عشرين عاما، والذي لم يتم اتخاذه بشكل رسمي بعد، يثير نقاشا حادا داخل البلاد.
انطلق النقاش بمنشور للرئيس دونالد ترامب على شبكته التواصلية (تروث سوشال)، تضمن صورة لفرانكلين ديلانو روزفيلت مرفوقة بعبارة “قروض على مدى 30 عاما”، وهي فترة سداد القروض العقارية التي تم تحديدها خلال عهد (1933-1945) الرئيس الأسبق الراحل، وإلى جانبها، صورة الرئيس ترامب مرفوقة بعبارة “قروض على مدى 50 عاما”.
خلال حوار خص به قناة (فوكس نيوز)، أوضح قاطن البيت الأبيض أن خطته ستساعد الأسر الأمريكية على تسديد أقساطها الشهرية بكل يسر.
وقال: “هذا يعني ببساطة أنكم تدفعون قسطا أقل شهريا، تؤدون أقساطا على فترة أطول. لا يتعلق الأمر بعامل حاسم. من شأن ذلك أن يساعد قليلا”.
وعزا الرئيس ترامب المشاكل الحالية المرتبطة بامتلاك السكن إلى سياسات سلفه، الديمقراطي جو بايدن، ومعدلات الفائدة المرتفعة التي أقرها مجلس الاحتياطي الفدرالي.
سيساهم تمديد فترة الرهن العقاري في تقليص القسط المالي الذي يتعين أداؤه شهريا. فبالنظر إلى معدلات الفائدة الحالية البالغة 6.5 بالمائة وبمساهمة أولية بنسبة 20 بالمائة، سيبلغ الفرق بين مدتي 30 عاما و50 عاما لسداد قرض بقيمة 400 ألف دولار أمريكي ما يزيد قليلا عن 200 دولار أمريكي شهريا.
بيد أن أعضاء بالكونغرس وبعض الخبراء عبروا عن تحفظاتهم إزاء هذا المقترح، مؤكدين أن المشترين سيرزحون بشكل أكبر تحت وطأة الديون وسيدفعون مبالغ ضخمة على شكل فوائد.
تعتبر النائبة الجمهورية في الكونغرس عن ولاية جورجيا، مارجوري تايلور غرين، أن هذا الإجراء يصب أولا في مصلحة البنوك، مع فوائد أعلى قيمة، أما المشترون، فسيكونون مثقلين بالديون مدى الحياة.
من جانبه، يوصي مركز التفكير المحافظ “مؤسسة التعليم الاقتصادي” ببناء مزيد من المنازل من أجل خفض الأسعار، معتبرا أن تمديد فترة الرهون العقارية سيكون أكثر تعقيدا، إذ سيتطلب تعديل القانون.
من جانب آخر، يرى خبراء في قطاع العقار أوردت الصحافة الأمريكية تصريحاتهم، أن تمديد سداد الرهون العقارية إلى خمسين عاما سيحرم مالكي المنازل من قدرتهم على مراكمة حقوق الملكية وسيبقيهم في دائرة الديون لفترة أطول.
كما أكدوا أن هذا الإجراء يتغاضى عن الأزمة الحقيقية التي يعرفها قطاع السكن، والمتمثلة في نقص العرض ذي التكلفة الميسورة وأيضا ارتفاع معدلات الرهن العقاري.
تشير أبحاث أجرتها (زيلوو)، المنصة الأمريكية المتخصصة في العقار، إلى أن متوسط إنفاق الأسر الأمريكية على سداد الرهون العقارية بلغ حوالي 43 بالمائة من مداخيلها السنوية.
وفي شتنبر الماضي، كان متوسط سعر مبيعات المنازل القائمة قد بلغ 415 ألف و200 دولار، بارتفاع بنسبة 2.1 بالمائة مقارنة مع السنة التي سبقتها، وذلك حسب أرقام للرابطة الأمريكية للوسطاء العقاريين.
ح/م