رئيس النيابة العامة يوجه منشورا للمسؤولين القضائيين حول مستجدات عمل النيابة العامة بموجب القانون رقم 03.23
وجه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ، رئيس النيابة العامة منشورا للمسؤولين القضائيين بالنيابات العامة لدى محاكم المملكة حول مستجدات عمل النيابة العامة بموجب القانون رقم 03.23 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية، وفيما يلي النص الكامل للمنشور تعميما للفائدة:
“إلى السيدات والسادة
المحامي العام الأول لدى محكمة النقض
الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف
وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية
الموضوع: مستجدات عمل النيابة العامة بموجب القانون رقم 03.23 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية.
سلام تام بوجود مولانا الإمام
وبعد؛
لقد تضمن القانون رقم 03.23 [1] المغير والمتمم للقانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية مستجدات هامة تتصل بعمل النيابة العامة في مختلف مناحي تدخلها في الخصومة الجنائية، انطلاقا من تلقي ومعالجة الشكايات والوشايات وتدبير الأبحاث مروراً بمرحلتي التحقيق الإعدادي والمحاكمة إلى غاية تنفيذ المقرر القضائي الصادر في الدعوى العمومية.
وقد استهل المشرع المغربي هذه التعديلات بديباجة بين فيها المرتكزات والمرجعيات المعتمدة لتعديل قانون المسطرة الجنائية، والتي تتصل بتنزيل أحكام دستور المملكة وبملاءمة التشريع الوطني مع التزامات بلادنا الدولية، ولا سيما تلك المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، والتصدي للجريمة ومنع الإفلات من العقاب، وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، وتوسيع مجال العدالة التصالحية وتحديث السياسة الجنائية وأنسنتها، وذلك في إطار مواصلة الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة عملا بالتوجيهات الملكية السامية في هذا الإطار.
وتبعا لذلك، يتعين على قاضي النيابة العامة وهو يتولى تطبيق المستجدات التشريعية التي تضمنها قانون المسطرة الجنائية بموجب القانون رقم 03.23 أن يستحضر مجموعة من المبادئ الدستورية والكونية، كمساواة الجميع أمام القانون، والسهر على ضمان حقوق جميع أطراف الدعوى العمومية، بما في ذلك الضحايا والمشتبه فيهم والشهود والمبلغين، وتعزيز احترام قرينة البراءة والسهر على حقوق الدفاع وقواعد المحاكمة العادلة.
ويهدف هذا المنشور إلى تقديم توضيحات مختصرة لأهم المستجدات التي طرأت على الصلاحيات الموكولة إلى قضاة النيابة العامة بموجب القانون رقم 03.23 في مختلف المراحل التي تمر منها الدعوى العمومية، مع التأكيد على أن العديد من المستجدات ستكون محل رسائل دورية موضوعاتية، ستوجه إليكم لتأطير طرق تنزيلها بما يضمن التطبيق السليم للقانون وتوحيد الممارسة القضائية في هذا الشأن.
المحور الأول: المستجدات المتعلقة بالمراحل السابقة لإقامة الدعوى العمومية
أولا: الاختصاص
أدخل القانون رقم 03.23 تعديلات على قانون المسطرة الجنائية همت قواعد الاختصاص وذلك كما يلي:
بخصوص الاختصاص المحلي: تم في هذا الإطار، تعديل المواد 44 و55 و259 من قانون المسطرة الجنائية بالشكل الذي أصبحت معه المؤسسة السجنية التي يتواجد بها المشتبه فيه مُحَدِداً إضافيا للاختصاص المحلي، إلى جانب العناصر الأخرى المتمثلة في مكان ارتكاب الجريمة أو محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مشاركته في ارتكابها أو مكان إلقاء القبض على أحد هؤلاء الأشخاص. وتبعا لذلك تعتبر النيابة العامة مختصة محليا لتدبير البحث وإقامة الدعوى العمومية في حق المشتبه فيه المتواجد بمؤسسة سجنية تابعة لدائرة نفوذها.
بخصوص الاختصاص النوعي: أُدْرِجَ تعديل على مستوى قواعد الاختصاص الاستثنائية بالشكل الذي أدى إلى إضافة فئات جديدة تخضع للقواعد الواردة في المادة 265 وما يليها من قانون المسطرة الجنائية، من قبيل الضباط العسكريين من رتبة عميد فما فوق وقضاة المحكمة العسكرية )الذين أضيفوا إلى الفئات الواردة في المادة 265( وكذا الكتاب العامون للعمالات والأقاليم ورؤساء المناطق الحضرية (الذين أضيفوا إلى الفئات الواردة في المادة 268).
ثانيا: المستجدات المرتبطة بمعالجة الشكايات والوشايات
معالجة الوشايات مجهولة المصدر
عرفت معالجة الوشايات مجهولة المصدر تعديلا مهما بمقتضى القانون رقم 03.23 حيث تمت إضافة فقرتين جديدتين إلى المادتين 40 و49 من قانون المسطرة الجنائية، واللتان بمقتضاهما أضحى يتعين على قضاة النيابة العامة عند توصلهم أو تلقيهم لوشايات مجهولة المصدر، القيام بالتحريات الأولية للتأكد من جديتها قبل الإذن بمباشرة الأبحاث بشأنها. وبذلك فإنه ابتداء من 08 دجنبر 2025 يتعين الاكتفاء بطلب إجراء تحريات من الشرطة القضائية حول الوقائع الواردة في الوشاية، وبعد توصلكم بالتقرير الإخباري المنجز في الموضوع، يمكنكم فتح الأبحاث القضائية إذا توفرت العناصر الأولية للاشتباه في وقوع الجريمة.
نفس التوجه يتعين اعتماده في الأحوال التي تقدم فيها الوشاية مجهولة المصدر مباشرة أمام ضباط الشرطة القضائية، إذ حسب المادة 21 من قانون المسطرة الجنائية، يتعين قبل مباشرة الأبحاث بشأنها الحصول على إذن من النيابة العامة المختصة، ما يقتضي منكم قبل إعطاء هذا الإذن الأمر بالقيام بتحريات أولية للتأكد من جدية الوشاية.
- 2. معالجة الشكايات المتعلقة بالجرائم الماسة بالمال العام
أوردت المادة 3 من قانون المسطرة الجنائية قيدا يحول دون إمكانية فتح الأبحاث من طرف النيابة العامة بشكل مباشر في الجرائم الماسة بالمال العام، وذلك لوجود مسطرة خاصة تقتضي التوصل بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أو كل هيئة يمنحها القانون ذلك صراحة.
وتجدر الإشارة إلى أن الجرائم الماسة بالمال العام التي يتم ضبطها في حالة التلبس تخرج عن نطاق هذا القيد القانوني، ما يقتضي منكم مباشرة الأبحاث المتعلقة بها وفقا للقواعد العامة المعمول بها.
مقتضيات جديدة تنظم الإشعارات التي توجهها النيابات العامة
وسع القانون الجديد من نطاق الإشعارات التي توجهها النيابات العامة بخصوص مآل الشكايات المسجلة لديها، بحيث أصبحت ملزمة بإشعار المحامين، وعند الاقتضاء الضحايا أو المشتكين، بجميع الإجراءات والقرارات التي تتخذها بمناسبة معالجتها وتدبيرها للشكايات المقدمة إليها، إذ لم يعد يقتصر الأمر على القرارات المتخذة بحفظ الشكاية كما هو معمول به حاليا.
وفي هذا الإطار، فقد حددت المادتان 40 و49 من قانون المسطرة الجنائية أجل الإشعار في 15 يوما تحتسب من تاريخ اتخاذ القرار، سواء تعلق الأمر بالحفظ أو بالمتابعة أو الإحالة على التحقيق الإعدادي أو الإحالة للاختصاص.
ولتيسير توجيه الإشعار من طرف النيابة العامة إلى المعنيين به من محامين ومشتكين وضحايا، فقد ألزمت المقتضيات الجديدة هؤلاء بضرورة الإدلاء بأرقام هواتفهم أو عناوينهم الإلكترونية وعناوين إقامتهم في الشكايات التي يقدمونها، أو الإدلاء بها بمناسبة الاستماع إلى المشتكين والضحايا سواء من قبل قضاة النيابة العامة، أو من قبل ضباط الشرطة القضائية، مع ضرورة تضمين هذه المعلومات التعريفية في نظام تدبير القضايا الزجرية “SAJ2” للتمكن مستقبلاً من توجيه الإشعار بشكل معلوماتي.
التظلم من قرار الحفظ
استنادا إلى مقتضيات الفقرة 15 المضافة إلى المادة 40 والفقرة 8 المضافة إلى المادة 49 من قانون المسطرة الجنائية، فقد أضحى ممكنا التظلم من قرار الحفظ المتخذ من طرف قضاة النيابة العامة سواء لدى المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف. ويتم التظلم أمام الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف بالنسبة لقرارات الحفظ المتخذة من طرف وكلاء الملك ونوابهم، وأمام الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة بالنسبة لقرارات الحفظ المتخذة من طرف الوكلاء العامين للملك ونوابهم. وهو ما يقتضي منكم تعليل القرارات بحفظ الشكايات المتخذة من قبلكم لتمكين الجهة التي تنظر في التظلم من تقدير موجباته. كما قد يُطْلَبُ إعداد تقارير مفصلة من النيابة العامة التي أصدرت قرار الحفظ حتى تُوَضح الأسس المعتمدة في اتخاذ هذا القرار، بما يتيح النظر في التظلم وترتيب الأثر القانوني المناسب عليه.
ثالثا: المستجدات المرتبطة بتدبير النيابة العامة للأبحاث الجنائية
تضمن القانون رقم 03.23 المعدل والمتمم لقانون المسطرة الجنائية مستجدات مهمة تعزز من الصلاحيات المخولة للنيابة العامة في تدبير الأبحاث الجنائية والإشراف عليها، بما يكفل احترام حقوق وحريات الأفراد المعنيين بالبحث الجنائي، مع تطوير آليات التحري لضمان مكافحة فعالة للجريمة. وتتمثل أهم المستجدات المسجلة في هذا الإطار في ما يلي:
1-تخويل النيابة العامة إمكانية إخضاع المشتبه فيهم للمراقبة القضائية عند سير البحث (الفقرة 11 من المادة 40 والفقرة 14 من المادة 49 من قانون المسطرة الجنائية)
يحق للنيابة العامة أن تأمر بمناسبة تسيير الأبحاث الجنائية بوضع المشتبه فيهم تحت المراقبة القضائية، من خلال إخضاعهم لتدبير أو أكثر من التدابير المحددة في المادة 161 وما يليها من قانون المسطرة الجنائية، وذلك وفقا للضوابط القانونية المنظمة لكل واحد من هذه التدابير.
2– تدبير برقيات البحث (الفقرتان 7 و8 من المادة 40 و16 و17 من المادة 49 من قانون المسطرة الجنائية)
من أهم المستجدات التي جاء بها القانون رقم 03.23 المعدل والمتمم لقانون المسطرة الجنائية، تخصيص قواعد ناظمة لبرقيات البحث تسد الفراغ التشريعي الذي كان مسجلا في هذا الإطار، وذلك وفق ما يلي:
1.2-ضوابط نشر برقيات البحث: يتوقف نشر برقيات البحث على صدور أمر من قاضي النيابة العامة، وأن تكون الأفعال المشتبه في ارتكابها توصف بكونها جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة حبسية، أو أن تقتضي ذلك ضرورة تنفيذ مقررات قضائية تقضي بعقوبات سالبة للحرية أو في إطار تنفيذ الإكراهات البدنية.
2.2-ضوابط إلغاء برقيات البحث: تُلغَى برقية البحث بقوة القانون بمجرد إلقاء القبض على الشخص المبحوث عنه أو تقادم الجرائم أو العقوبات المنشورة بسببها. وفي هذه الحالات تسهر النيابة العامة، إما تلقائيا أو بناء على طلب ممن له مصلحة في ذلك، على تنفيذ هذه المقتضيات بعد التحقق من شروط إلغاء برقية البحث، ويتم إشعار الشرطة القضائية المعنية بالإلغاء.
3– المستجدات المتعلقة بالتدابير الوقتية والتحفظية التي تتخذها النيابة العامة خلال سريان الأبحاث الجنائية
1.3 توسيع نطاق رد الأشياء المضبوطة بمناسبة إجراء الأبحاث الجنائية
من المقتضيات التي أضيفت إلى هذه الصلاحية التي كانت متاحة للنيابة العامة بمقتضى المادتين 40 و49 من قانون المسطرة الجنائية قبل التعديل، أن مجال الرد الذي تأمر به النيابة العامة يشمل إلى جانب الأشياء، الأدوات ووسائل النقل أو الإنتاج التي ضبطت أثناء البحث مع تكليف من رُدت إليه بحراستها واتخاذ كافة التدابير اللازمة لمنع تفويتها، وذلك شريطة عدم وجود منازعة جدية أو عدم توفر وسائل إثبات كافية، وما لم تكن هذه الأشياء والأدوات المضبوطة لازمة لسير الدعوى أو خطيرة.
2.3 بخصوص سحب جواز السفر وإغلاق الحدود: تمت إضافة أجل جديد إلى الأجل الأصلي لمدة السحب يتمثل في شهر واحد يقبل التمديد مرتين لمدة شهر واحد في كل مرة إذا اقتضت ضرورة البحث ذلك، عندما يتعلق البحث بالجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية.
ومن جهة أخرى، فقد أسندت المادتان 40-1 و49-1 إلى قضاة النيابة العامة لدى المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف مهمة السهر على تنفيذ الإجراءات المتعلقة بسحب جواز السفر وإغلاق الحدود، وكذا تلك المتصلة بوضع حد لهما متى تحققت إحدى الحالات التالية:
-إحالة القضية إلى هيئة التحقيق أو الحُكم المختصة؛
-اتخاذ قرار بحفظ القضية.
4– الأمر بإجراء الأبحاث المالية الموازية (المادتان 1-40 و1-49 من قانون المسطرة الجنائية)
يمكن للوكيل العام للملك ولوكيل الملك أن يأمروا بإجراء بحث مالي موازي في الجرائم التي يشتبه في كونها تدر عائدات مالية لتحديد الأموال والممتلكات والمتحصلات ومصدرها وتاريخ تملكها وعلاقتها بالجريمة، كأن يتعلق الأمر بجرائم المخدرات والمؤثرات العقلية، والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وغيرها من الجرائم التي يَتحصل من خلالها مقترفوها على عائدات أو ممتلكات، ولا سيما تلك الواردة في الفصل 2-574 من مجموعة القانون الجنائي.
ويحق لقضاة النيابة العامة أن يصدروا أمراً بحجز الأموال والممتلكات التي يشتبه في كونها متحصلة من الجريمة حتى وإن كانت بيد شخص آخر، لكن مع ضرورة مراعاة حقوق الغير حسن النية واحترام الضوابط التالية:
لا يمكن أن يشمل الحجز الأشياء والأموال والممتلكات التي لا علاقة لها بالجريمة، ولاسيما الأجور والمعاشات المكتسبة قانونا والتركات والأموال المكتسبة قبل تاريخ ارتكاب الجريمة والتي لم يثبت أن لها علاقة بها؛
يتعين اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لمنع تأثير الإجراءات المتعلقة بحجز الأموال أو تجميد الحسابات أو عقل الممتلكات على الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بها، وكذا على الوضع القانوني للأشخاص، سواء كانوا أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين؛
إصدار أمر معلل، إما تلقائيا من قبلكم، أو بناء على طلب ممن له المصلحة في ذلك، برفع الحجز أو التجميد أو العقل عن الأشياء والأموال والممتلكات التي ثبت أن لا علاقة لها بالجريمة أو أنها تتعلق بحقوق الغير حسن النية؛
في حالة تقديم طلب رفع الحجز أو التجميد من قبل كل من له مصلحة، يتعين أن يتم البت فيه من طرفكم داخل أجل لا يتجاوز 10 أيام من تاريخ تقديم الطلب، مع إشعار صاحبه بالمآل[2].
- 5. الجهة التي تشرف على مسطرة البحث في الجرائم المنسوبة للأشخاص الخاضعين لقواعد الاختصاص الاستثنائية (المادة 1-264 وما يليها)
تختلف النيابة العامة المشرفة على البحث بحسب الفئة المعنية بمسطرة الاختصاص الاستثنائي وفق ما يلي:
– إذا تعلق الأمر بالأشخاص المشار إليهم في المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية، فإن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض أو من ينوب عنه من المحامين العامين[3] هو الذي يشرف على البحث ويباشر شخصيا الاستماع إليهم وتفتيش منازلهم، كما يمكن له أن ينتدب لهذه الغاية واحدا أو أكثر من قضاة النيابة العامة أو من ضباط الشرطة القضائية من ذوي الاختصاص الوطني (الفقرة 3 من المادة 1-264 من قانون المسطرة الجنائية).
– إذا تعلق الأمر بالأشخاص المشار إليهم في المواد 266 و267 و268 من القانون السالف الذكر، فإن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف المختص هو الذي يشرف على البحث ويقوم شخصيا أو بواسطة أحد قضاة النيابة العامة العاملين بدائرة نفوذه بالاستماع إليهم وتفتيش منازلهم، كما يمكن له أن ينتدب لذلك أحد ضباط الشرطة القضائية من ذوي الاختصاص الوطني.
وتجدر الإشارة إلى أنه بخصوص الوضع تحت الحراسة النظرية أو المراقبة القضائية أثناء البحث، فتطبيقا للفقرة الأخيرة من المادة 1-264 من قانون المسطرة الجنائية، فإنه لا يمكن اتخاذ بعض الإجراءات المقيدة للحرية، كالوضع تحت الحراسة النظرية أو تحت المراقبة القضائية، في حق الأشخاص المذكورين في المواد من 266 إلى 268 من قانون المسطرة الجنائية، إلا بموافقة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بناء على طلب يرفعه إليه الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف المشرف على البحث للحصول على الموافقة المقررة قانونا.
- 6. تخويل قضاة النيابة العامة إمكانية استنطاق المشتبه فيهم بمقر الشرطة القضائية
خوّلت مقتضيات المادة 1-384 المتممة بموجب القانون رقم 03.23 لوكيل الملك أو من ينوب عنه إمكانية الانتقال إلى مقر الشرطة القضائية من أجل معاينة المشتبه فيه واستفساره عن هويته واستنطاقه عن الأفعال المنسوبة إليه بعد إشعاره بحقه في تنصيب محام عنه.
ويروم هذا المقتضى التشريعي تخفيف الضغط على مكاتب الاستنطاق بالنيابات العامة لدى محاكم المملكة، خاصة تلك التي تسجل معدلات تقديم مرتفعة. مع ملاحظة أن تطبيق هذه الآلية قاصر على المشتبه فيه الراشد الخاضع لتدابير الحراسة النظرية بسبب ارتكابه جنحة، ولا يشمل الأحداث الذين يجب تقديمهم إلى وكيل الملك أو مرتكبي الجنايات الذين سيتم تقديمهم أمام الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف.
رابعاً: المستجدات المتعلقة بإشراف النيابة العامة على إجراءات البحث المنجزة من طرف ضباط الشرطة القضائية
تنظيم إجراءات التفتيش الرقمي
يمكن لضابط الشرطة القضائية بمناسبة قيامه بإجراءات البحث الجنائي أن يجري تفتيشا رقميا بالأجهزة المعلوماتية والأدوات الإلكترونية، وحجز جميع البيانات والأدلة الإلكترونية والآثار الرقمية المفيدة في إظهار الحقيقة، بما فيها تلك التي تم فك تشفيرها أو استرجاعها بعد حذفها، ويمكن بعد الحصول على إذن من النيابة العامة إخضاع الأجهزة المعلوماتية ودعامات التخزين المحجوزة لخبرة تقنية يعهد بها إلى المختبرات المتخصصة في تحليل الآثار الرقمية من أجل استخراج البيانات والأدلة الإلكترونية والآثار الرقمية ذات الصلة بالجرائم موضوع البحث.
وتجدر الإشارة إلى أنه بمناسبة حجز المعطيات والبرامج المعلوماتية (الفقرات من 8 إلى 14 من المادة 59 من قانون المسطرة الجنائية) يتعين على قضاة النيابة العامة استحضار ما يلي:
إذا كان الأصل أنه لا تُحجز إلا المستندات أو الوثائق أو المعطيات أو الأدوات أو البرامج المعلوماتية أو الأشياء الأخرى المفيدة في إظهار الحقيقة، فإنه يمكن بعد موافقة النيابة العامة حجز كل شيء يتم العثور عليه عرضا خلال التفتيش وله علاقة بجريمة أخرى؛
يمكن لقاضي النيابة العامة المشرف على البحث أن يأمر بالحذف النهائي للمعطيات أو البرامج المعلوماتية الأصلية من الدعامة المادية التي لم توضع رهن إشارة المحكمة بعد أخذ نسخة منها، وذلك إذا كانت حيازتها أو استعمالها غير مشروع أو كانت تشكل خطرا على أمن الأفراد أو الممتلكات أو منافية للأخلاق العامة؛
يمكن للوكيل العام للملك أو وكيل الملك كل فيما يخصه، أن يأمروا بإيقاف بث أو حجب نشر معطيات رقمية يشكل مضمونها جريمة، ويُحرر محضرا بالحذف أو الحجب أو بإيقاف البث تتم إضافته إلى المسطرة المنجزة في الموضوع.
وبالنظر للطابع المستجد لهذه المواد، التي أقرها المشرع لسد الفراغ التشريعي الذي كان يطبع عمليات التفتيش والحجز والإتلاف الرقمي أو المعلوماتي بحسب الأحوال، فإن قضاة النيابة العامة مطالبون بالتفعيل السليم لهذه المقتضيات، من خلال إصدار الأوامر أو الأذون الضرورية لتيسير هذه العمليات وفقا للضوابط المحددة بما يخدم البحث الجنائي ويعزز من فعاليته في إظهار الحقيقة، أخذا بعين الاعتبار أن أي إخلال بهذه الضوابط يترتب عنه بطلان الإجراء المعيب وما قد يترتب عنه من إجراءات وفقا لما تقضي به المادة 63 من قانون المسطرة الجنائية.
اشتراط إذن النيابة العامة الكتابي للحصول على بعض المعطيات أو المعلومات المفيدة في البحث
بمقتضى المادة 64-1 يمكن لضابط الشرطة القضائية، بعد حصوله على إذن كتابي من النيابة العامة المختصة، أن ينتدب أي شخص أو مؤسسة عامة أو خاصة أو أي إدارة عمومية تحوز معطيات مفيدة في البحث، بما في ذلك المعطيات المخزنة في أي نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو أي نظام معلوماتي آخر، حيث يتعين مد الضابط وباستعجال بتلك المعطيات، ولو في شكل إلكتروني.
كما يمكن للنيابة العامة أن تأذن كتابة لضابط الشرطة القضائية، بأن يطلب من أي مستغل لشبكة عامة أو مصلحة للاتصالات مشار إليها في القانون المتعلق بالبريد والمواصلات، أن يضع رهن إشارته جميع المعطيات التي تم الاطلاع عليها من قبل المشتبه فيه مستعمل هذه الخدمات[4].
الضوابط المستجدة لتنظيم الوضع تحت الحراسة النظرية
ضرورة التأكد من توفر الأسباب الداعية إلى اللجوء لتدبير الحراسة النظرية
بمناسبة الإشراف على أعمال الشرطة القضائية يتعين على قضاة النيابة العامة بموجب المادة 66-1 من قانون المسطرة الجنائية التأكد من توفر الشروط والأسباب القانونية التي تقتضي وضع الشخص تحت الحراسة النظرية وتتمثل فيما يلي:
1-الحفاظ على الأدلة والحيلولة دون تغيير معالم الجريمة؛
2-القيام بالأبحاث والتحريات التي تستلزم حضور أو مشاركة المشتبه فيه؛
3-وضع المشتبه فيه رهن إشارة العدالة والحيلولة دون فراره؛
4-الحيلولة دون ممارسة أي ضغط على الشهود أو الضحايا أو أسرهم أو أقاربهم؛
5-منع المشتبه فيه من التواطئ مع الأشخاص المساهمين أو المشاركين في الجريمة؛
6-وضع حد للاضطراب الذي أحدثه الفعل بسبب خطورته أو ظروف ارتكابه أو الوسيلة التي استعملت في ارتكابه، أو أهمية الضرر الناتج عنه، أو بالنظر لخطورة المشتبه فيه.
مراعاة الضوابط الجديدة المؤطرة للحق في الاتصال بالمحامي (الفقرات من 10 إلى 12 من المادة 66-2 من قانون المسطرة الجنائية)
يتعين على قضاة النيابة العامة مراعاة المقتضيات الجديدة التي تؤطر حق المشتبه فيه الموضوع رهن الحراسة النظرية في الاتصال بمحام وفق ما يلي:
يتم الاتصال بالمحامي ابتداء من الساعة الأولى لوضع المعني بالأمر تحت الحراسة النظرية؛
يمكن لممثل النيابة العامة كلما تعلق الأمر بجريمة إرهابية أو بجريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية واقتضت ضرورة البحث ذلك، أن يؤخر بصفة استثنائية، اتصال المحامي بموكله بناء على طلب من ضابط الشرطة القضائية على ألا تتجاوز مدة التأخير نصف المدة الأصلية للحراسة النظرية.
3.3 اعتماد تقنيات الاتصال عن بعد بمناسبة تمديد الحراسة النظرية أثناء البحث التمهيدي
تضمنت الفقرة 4 من المادة 78 من قانون المسطرة الجنائية، مقتضىً جديداً يُمكن قضاة النيابة العامة بغرض تمديد الحراسة النظرية من الاستماع إلى الشخص المعني بهذا الإجراء عن طريق تقنية من تقنيات الاتصال عن بعد. حيث يتعين في هذا الإطار احترام الضوابط الواردة في القسم الخامس (من الكتاب الخامس) المتعلق باستعمال تقنيات الاتصال عن بعد، لا سيما المادة 11-595 التي تحدد الضوابط الواجب العمل بها في هذا الإطار.
ويمكن اللجوء إلى هذا الإجراء في الحالات التي تقدرونها، كما لو تعلق الأمر ببعد المسافة بين مقر مصلحة الشرطة القضائية منجزة البحث عن مقر المحكمة، أو مراعاة للوضعية الصحية للمشتبه فيه، أو لضرورة البحث التي تقتضي بقاء هذا الأخير رهن إشارة ضباط الشرطة القضائية لإنجاز بعض الإجراءات كإجراء المواجهات مع المصرحين.
منح الإذن للمحامي لحضور عملية الاستماع للمشتبه فيه
خولت المادة 66-4من قانون المسطرة الجنائية لمحامي المشتبه فيه الحق في حضور عملية الاستماع التي تجري في حق هذا الأخير. وعلقت المادة المذكورة ممارسة هذا الحق على ضرورة الحصول على إذن بذلك من النيابة العامة المختصة.
ويتعين على قضاة النيابة العامة في هذا الإطار، ضمان ممارسة هذا الحق وفقا للغايات التي ابتغاها المشرع، بعد التأكد من توفر الشروط القانونية الآتية:
أن يتعلق الأمر بحدث (مشتبه فيه يقل عمره عن ثمانية عشر عاما)؛
أو أن يتعلق الأمر بمشتبه فيه من ذوي العاهات وفقا للتحديد الوارد في البند 1 من المادة 316 من قانون المسطرة الجنائية، أي أن يتعلق الأمر بمشتبه فيه أبكم أو أعمى أو مصابا بأية عاهة أخرى من شأنها الإخلال بحقه في الدفاع عن نفسه.
ولضمان ممارسة هذا الحق على الوجه المطلوب فقد ألزمت الفقرة الثانية من المادة 66-4 ضابط الشرطة القضائية بضرورة إشعار المشتبه فيه بهذا الحق قبل الاستماع إليه، والإشارة إلى ذلك في المحضر.
خامساً: المستجدات المتعلقة بتقنيات البحث
الاختراق
نظمت المادة 82-3-1 وما يليها من قانون المسطرة الجنائية الاختراق بوصفه تقنية خاصة للبحث تمكن ضابط أو عون الشرطة القضائية المختص، من تتبع ومراقبة الأشخاص المشتبه فيهم من خلال التظاهر أمام هؤلاء الأشخاص بأنه فاعل أو مساهم أو مشارك أو مستفيد من الأفعال الإجرامية موضوع البحث.
وتتولى النيابة العامة الإشراف على عملية الاختراق من خلال إعطاء الإذن بمباشرته تحت مراقبتها إذا اقتضت ضرورة البحث القيام بمعاينات لجريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من القانون المذكور، على أن يتم ذلك وفقا للشروط والضوابط التالية:
يتعين أن يكون الإذن بمباشرة عملية الاختراق، تحت طائلة البطلان، مكتوبا ومعللا ويتضمن صفة ضابط الشرطة القضائية الذي تتم العملية تحت مسؤوليته؛
يجب أن يتضمن الإذن الصادر بالاختراق تحديد الجريمة أو الجرائم التي تبرر اللجوء إلى هذه العملية، والتي يجب أن تكون من جرائم الفصل 108 من قانون المسطرة الجنائية وفق المشار إليه أعلاه؛
يتعين أن يحدد الإذن المدة المأذون خلالها بمباشرة عملية الاختراق والتي لا يمكن أن تتجاوز أربعة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة، ويمكن للنيابة العامة التي أذنت بإنجاز العملية أن تأمر في كل حين وبقرار معلل بتعديل أو تتميم أو وقف العملية حتى قبل انتهاء المدة المحددة لها.
ويترتب عن عدم احترام ضوابط الإذن بإجراء عملية الاختراق، بطلان هذه العملية، الشيء الذي يقتضي منكم الحرص على استيفاء واحترام جميع الشروط المقررة في هذا الإطار.
الإشراف على حسن إجراءات التحقق من الهوية
نظمت مقتضيات المواد من 82-3-7 إلى 82-3-11 من قانون المسطرة الجنائية مسطرة التحقق من الهوية التي يجريها ضباط الشرطة القضائية أو أعوانها بأمر من هؤلاء الضباط[5]. وتتيح عملية التحقق من الهوية اقتياد الشخص الذي يخضع لهذا الإجراء إلى مقر الشرطة القضائية إما عند رفضه الإدلاء بهويته أو عند تعذر التعرف عليها، شريطة مراعاة الضوابط التالية:
اشعار وكيل الملك أو أحد نوابه بهذا التدبير وكذا أفراد عائلة المعني بالأمر أو محاميه أو كل شخص يختاره المعني بالأمر. وإذا كان المعني بالأمر حدثا يشعر ولي أمره منذ اللحظة الأولى لإيقافه ويتم الاستماع إليه بحضوره؛
لا يمكن أن يتجاوز إيقاف الشخص من أجل التحقق من هويته الوقت الذي تتطلبه تلك العملية، والتي يتعين ألا تتجاوز في جميع الأحوال أربع ساعات تحتسب من لحظة إيقافه، ويمكن تمديد هذه المدة عند الاقتضاء لأربع ساعات إضافية بإذن من وكيل الملك أو أحد نوابه، والذي يمكنه أن يضع حدا لهذه العملية في أي لحظة.
وبمناسبة تطبيق مسطرة التحقق من الهوية، يسهر قضاة النيابة العامة لدى المحاكم الابتدائية، بصفة أساسية، على التأكد من احترام الضوابط المؤطرة لها لا سيما من حيث احترام شكليات الإيقاف والاقتياد إلى مقار الشرطة القضائية، ومن ضرورة تحرير محضر بالعمليات المنجزة يتضمن ما يلي:
بيان الأسباب التي تم بموجبها التحقق من هوية الشخص والكيفية والشروط التي تمت بها هذه العملية، وكذا الإجراءات التي بوشرت من أجل التحقق من هويته وساعة إيقافه واقتياده إلى مقر الشرطة القضائية وساعة إطلاق سراحه أو وضعه تحت الحراسة النظرية إذا اقتضى الأمر ذلك؛
تذييل البيانات المشار إليها أعلاه إما بتوقيع الشخص المعني بالأمر أو ببصمه وإما بالإشارة إلى رفضه ذلك أو استحالته مع بيان أسباب الرفض أو الاستحالة؛
حرص النيابة العامة على إتلاف المحضر المحال عليها من قبل مصلحة الشرطة القضائية بعد انصرام أجل سنة من تاريخ إنجازه إذا لم يتم تسجيل أي متابعة قضائية أو لم يتم فتح بحث قضائي في مواجهة المعني بالأمر.
التقاط وتثبيت وبث وتسجيل الأصوات والصور والمعطيات الالكترونية وتحديد المواقع
نظمت المواد من 116-1 إلى 116-6 من قانون المسطرة الجنائية الإجراءات والشكليات المتعلقة بتفعيل آليات التقاط وتثبيت وبث وتسجيل الأصوات والصور والمعطيات الالكترونية وتحديد المواقع، باعتبارها من التقنيات المستجدة التي يمكن أن يتم الأمر بها من قبل السلطات القضائية المختصة كلما اقتضت ذلك ضرورة البحث بخصوص جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في الفصل 108 من قانون المسطرة الجنائية.
وتبعا لذلك، يمكن للوكلاء العامين للملك أن يلتمسوا من الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف المختصة أن يصدروا مقرراً كتابيا معللا يتضمن كل العناصر التي تعرف بوسائل النقل أو الأماكن أو الشخص الذي سيحمل الأجهزة التقنية للالتقاط، والجريمة التي تبرر ذلك.
ولتنفيذ المقرر القضائي القاضي بوضع الوسائل التقنية اللازمة لتحديد المواقع أو لالتقاط وتسجيل الأصوات أو الصور، يمكن للوكيل العام للملك أو وكيل الملك الإذن لضباط الشرطة القضائية بالدخول إلى وسائل النقل أو إلى الأمكنة الخاصة “غير تلك المعدة للسكنى” ولو خارج الساعات القانونية لإجراء التفتيش لأجل وضع الوسائل التقنية اللازمة لتنفيذ المقرر أعلاه وذلك بدون علم أو رضى مالك أو حائز وسيلة النقل أو المكان الخاص.
المحور الثاني: المستجدات المتعلقة بالصلاحيات ذات الصلة بإقامة الدعوى العمومية
أولا: تعزيز بدائل الدعوى العمومية المتاحة للنيابة العامة
- 1. المستجدات المتعلقة بمسطرة الصلح (المادتان 41 و 41-1 من قانون المسطرة الجنائية)
تضمن القانون رقم 03.23 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية مستجدات جوهرية همت مسطرة الصلح، بحيث اعتبرت هذا الأخير بديلا عن الدعوى العمومية. وتتمثل أهم هذه المستجدات في ما يلي:
إتاحة إمكانية اقتراح الصلح من طرف قاضي النيابة العامة على الطرفين، وإمكانية السعي لإجرائه أو إمهال الطرفين لذلك، إما بناء على طلبهما أو بصفة تلقائية. ويمكن في هذا الإطار أيضا اقتراح الصلح بالوساطة، حيث يمكن أن يُعهد بإجراء الصلح إلى وسيط أو أكثر يقترحه الأطراف أو يتم اختياره من قبل النيابة العامة، كما يمكن أن يُعهد به إلى محامي الطرفين، أو إلى مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحكمة؛
توسيع دائرة الجنح المشمولة بإمكانية إجراء الصلح، لتشمل بالإضافة إلى الجنح الضبطية مجموعة من الجنح التأديبية التي تتجاوز العقوبة المرصودة لها قانونا سنتين حبسا، كما هو الشأن بالنسبة لجرائم الضرب والجرح أو الإيذاء الناتج عنها عجز تتجاوزُ مدته عشرون يوما (الفصل 401 من مجموعة القانون الجنائي)، وجنح السرقة والنصب وخيانة الأمانة، وغيرها من الجرائم التي تم تعدادها بمقتضى المادة 41-1 من قانون المسطرة الجنائية؛
بخلاف المقتضى الذي كانت تنص عليه الفقرة 6 من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية قبل التعديل، والتي علقت الصلح الذي يبرمه وكيل الملك مع المشتكى به أو المشتبه فيه في حالة عدم حضور المشتكي وصدور تنازل عنه أو في حالة عدم وجوده أصلا، على أداء غرامة تصالحية تتمثل في نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة، فإن الفقرة 4 من المادة 41-1 المضافة وسعت من نطاق السلطة التقديرية الممنوحة لوكيل الملك في تحديد قيمة الغرامة في هذه الحالات، فيمكن لممثل النيابة العامة أن يقترح أداء أي غرامة بشرط ألا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا، الأمر الذي من شأنه المساهمة إيجابا في تجاوز الإكراه المادي الذي كان يحول دون إنجاح الصلح والمرتبط بعدم قدرة المشتبه فيهم على أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة لبعض الجرائم. كما يمكن في هذه الحالة أيضا إجراء الصلح بعد تعهد المشتكى به بإصلاح الضرر الناتج عن الفعل الجرمي؛
إلغاء مسطرة المصادقة على الصلح بغرفة المشورة، إذ سيصبح الصلح طبقا للمقتضيات الجديدة نافذا بمجرد تحرير محضر بذلك من طرف وكيل الملك أو أحد نوابه وفق الشكليات التي حددها المشرع؛
أسند قانون المسطرة الجنائية لوكيل الملك صلاحية التحقق من تنفيذ اتفاق الصلح، حيث يترتب عن نجاحه إيقاف إقامة الدعوى العمومية. بالمقابل يمكن إقامتها في حالة عدم تنفيذ الالتزامات التي تعهد بها المشتكى به أو إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية، ما لم تكن هذه الأخيرة قد سقطت بأحد الأسباب المقررة قانوناً.
توسيع نطاق السند التنفيذي والأمر القضائي في الجنح
1-2 بخصوص السند الإداري التصالحي في المخالفات والجنح
يعتبر السند الإداري التصالحي في المخالفات والجنح من أبرز المستجدات التي جاء بها القانون رقم 03.23 المغير والمتمم للقانون رقم 22.01 المتعلق بقـــانون المسطرة الجنائية بمقتضى المواد 383-1 و 383-2 و 383-3، والتي أجاز بموجبها للإدارة التابع لها محرر المحضر أن تصدر سندا إداريا تصالحيا في المخالفات والجنح المعاقب عليها بغرامة مالية فقط، ويكون ارتكابها مثبتا في محضر ولا يظهر فيها متضرر أو ضحية، حيث يُقترح على المخالف أداء غرامة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجريمة، وفي حالة أدائها يوضع حد للمتابعة، وتتولى الإدارة في هذه الحالة حفظ محضر المخالفة.
ويبرز دور النيابة العامة لدى المحاكم الابتدائية عند عدم أداء الغرامة التصالحية بعد مرور شهر من تاريخ التبليغ، إذ تحيل عليها الإدارة مصدرة السند المحضر الأصلي وما يفيد تبليغه إلى المخالف، حيث يمكن لوكيل الملك في هذا الإطار إما مباشرة مسطرة الصلح وفق مقتضيات المادتين 41 و41-1 من قانون المسطرة الجنائية، أو تحريك الدعوى العمومية في حق المخالف أمام المحكمة المختصة للبت في قضيته، مع إشعار الإدارة المختصة بالإجراءات المتخذة في القضية عند الاقتضاء.
ويقتضي التدبير الأمثل للمحاضر المنجزة بمناسبة الأبحاث التي تشرفون عليها في هذا النوع من الجرائم، مراعاة الآجال الممنوحة للإدارة التي ينتمي إليها محرر المحضر عند اقتراح السند الإداري التصالحي على المخالف، والذي يترتب عنه إيقاف سريان مدة تقادم الدعوى العمومية، وهو الأمر الذي يتعين استحضاره عند التوصل بالمحضر الأصلي، مع التأكيد أن إدلاء المخالف بما يفيد أداء مبلغ الغرامة التصالحية داخل الأجل المحدد، بعد إحالة المحضر عليكم من طرف الإدارة المصدرة للسند الإداري التصالحي، يقتضي منكم عدم تحريك الدعوى العمومية في حق المخالف.
2-2 بخصوص الأمر القضائي في الجنح
أدخل القانون رقم 03.23 تعديلاً مهماً على المادة 383 من قانون المسطرة الجنائية المنظمة لمسطرة الأمر القضائي في الجنح، حيث تم حذف الحد الأقصى المقرر للغرامة المالية (المتمثل في 5000 درهما) وأصبح من الممكن تطبيق مسطرة الأمر القضائي بغض النظر عن مبلغ الغرامة المقرر قانونا للجنحة، ما يخول لقضاة النيابة العامة لدى المحاكم الابتدائية إمكانية اللجوء إلى هذه المسطرة في جميع الجنح المعاقب عليها بغرامة طالما أن الجريمة لم ينتج عنها أي متضرر.
وتجدر الإشارة إلى أن إعمال العدالة التصالحية بمختلف الآليات المبينة أعلاه، سواء الصلح الزجري أو الأمر القضائي في الجنح يشكل ركيزة أساسية في تنفيذ السياسة الجنائية يتعين استحضارها وتطبيقها كلما أمكن ذلك بالنظر للفوائد العديدة التي تنجم عنها سواء لفائدة مرتكب الجرم أو لحسن سير العدالة.
ثانيا: تدبير وضعية الأشخاص المقدمين أمام النيابة العامة
يُستشف من القراءة المجتمعة للمواد 47 و 47-1 و 47-2و 74 و 74-1 و 74-2من قانون المسطرة الجنائية أن هذه الأخيرة تضمنت مستجدات مهمة تتعلق بتدبير النيابة العامة لوضعية الأشخاص المقدمين أمامها وذلك كما يلي:
تخويل الوكلاء العامين للملك ونوابهم إمكانية المتابعة في حالة سراح: وذلك سواء أكانت الجناية موضوع المتابعة قد ارتكبت في إطار حالة تلبس أو خارجها؛
تخويل النيابة العامة صلاحية إخضاع الشخص المتابع للمراقبة القضائية: يمكن لقضاة النيابة العامة سواء لدى المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف أثناء إقامة الدعوى العمومية الأمر بإخضاع المشتبه فيه لتدبير واحد أو أكثر من تدابير المراقبة القضائية وفقا للضوابط المحددة في المادة 161 وما يليها من قانون المسطرة الجنائية؛
مراعاة حقوق الدفاع المخولة للشخص المقدم أمام النيابة العامة: إذ يحق لمحامي المقدم بعد انتهاء الاستنطاق أن يطرح الأسئلة ويبدي الملاحظات، ويتعين على قاضي النيابة العامة أن يتيح له إعمال هذا الحق وأن يتلقى الطلبات التي يتقدم بها الدفاع مع اتخاذ المتعين بشأنها وفقا للقانون؛
بخصوص المتابعة في حالة اعتقال: وضع المشرع مجموعة من الضوابط التي يتعين على قاضي النيابة العامة أن يستحضرها قبل تقرير متابعة الشخص في حالة اعتقال والتي يمكن إيجازها كما يلي:
ضرورة مراعاة الطابع الاستثنائي للاعتقال الاحتياطي؛
وجوب تحقق حالة التلبس، وفي حالة عدم تحققها يتعين توفر مجموعة من المحددات المتمثلة في عدم كفاية تدابير المراقبة القضائية أو أن مثول المشتبه فيه أمام المحكمة في حالة سراح من شأنه أن يؤثر على حسن سير العدالة، مع وجوب توافر أحد الأسباب الواردة في المادة 47-1 [6]من قانون المسطرة الجنائية؛
مراعاة أن قرار الاعتقال يمكن أن يخضع للطعن وفق الضوابط المحددة في المادتين 73-2 و 47-2 من قانون المسطرة الجنائية، ما يعني أن التعليل الوارد في قرار الاعتقال يجب أن يكون مطابقا للمعطيات الواقعية والقانونية المتعلقة بالجريمة موضوع المتابعة، حيث إذا تبين للمحكمة أن قرار الاعتقال معلل بوجود حالة التلبس والحال أن الجريمة موضوع المتابعة لا تتوفر فيها الشروط القانونية لحالة التلبس فقد تُقَرِرُ في مثل هذه الحالة رفع حالة الاعتقال على المشتبه فيه.
لأجله، أدعوكم عند اتخاذكم قرارات بالمتابعة في حالة اعتقال أن تحرصوا على وجوب تعليل قرار الاعتقال، مع بيان الأسباب والضوابط المحددة قانونا، والتمييز بين حالة التلبس وغير حالة التلبس.
وجوب إعمال الفحص الطبي في الحالات المحددة قانونا: يتعين على قضاة النيابة العامة عندما يطلب منهم المشتبه فيه أو دفاعه إجراء فحص طبي، أو عندما يعاينون على الشخص المقدم آثاراً تبرر ذلك، أن يأمروا بإجراء فحص طبي على المشتبه فيه ينجزه طبيب مؤهل لممارسة مهام الطب الشرعي أو طبيب آخر في حالة تعذر ذلك، مع استحضار أنه في حالة رفض إجراء الفحص الطبي المطلوب من طرف المتهم أو دفاعه فقد رتب المشرع عن ذلك جزاءً يتمثل في عدم الاعتداد باعتراف المتهم المدون في محضر الشرطة القضائية.
ثالثاً: المستجدات المرتبطة بإقامة الدعوى العمومية
تبليغ الوكيل القضائي
إلى جانب الحالات العامة التي يُبَلغُ بها الوكيل القضائي للمملكة الواردة في المادة 3 من قانون المسطرة الجنائية والتي تتصل بإقامة الدعوى العمومية ضد موظف عمومي أو عون أو مأمور السلطة أو القوة العمومية، فقد وسع القانون رقم 03.23 من حالات التبليغ للوكيل القضائي للمملكة لتشمل الدعاوى المتعلقة بالاعتداء على الأموال أو الممتلكات العمومية أو المخصصة للمنفعة العامة، وكذا الاعتداء على الموظفين العموميين أثناء أو بمناسبة قيامهم بمهامهم.
كما ألزمت المادة 3 المشار إليها أعلاه قضاة النيابة العامة بتبليغ الوكيل القضائي للجماعات الترابية بجميع الدعاوى العمومية المقامة ضد أحد موظفي أو أعضاء هذه الجماعات، أو تلك التي تمس ممتلكاتها وذمتها المالية.
المستجدات المرتبطة بقيود إقامة الدعوى العمومية وأسباب سقوطها
أورد القانون رقم 03.23 مستجداً جديداً بشأن قيود إقامة الدعوى العمومية يتصل بالجرائم الماسة بالمال العام، مع تعديل بعض أسباب سقوط الدعوى العمومية.
1-2 إضافة قيد للمتابعة يتعلق بالجرائم الماسة بالمال العام
أُدخلت على المادة 3 المعدلة من قانون المسطرة الجنائية، مقتضيات خاصة تؤطر الإجراءات المتصلة بالجرائم الماسة بالمال العام، إذ لا يجوز إقامة الدعوى العمومية بشأن هذه الجرائم إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيساً للنيابة العامة، وذلك استناداً إلى إحالة من إحدى الهيئات أو المؤسسات المكلفة بمراقبة المال العام المخول لها ذلك قانونا[7]. ولا يُستثنى من هذا القيد من قيود المتابعة إلا الجرائم التي يتم ضبط مرتكبيها في حالة تلبس، إذ تظل النيابات العامة المختصة تمارس مهامها وفق القواعد العامة، على أن يتم إشعار رئاسة النيابة العامة فوراً بجميع الإجراءات المتخذة، ليتسنى تتبع الملف وضمان توحيد مسار المعالجة القضائية وفق الضوابط القانونية المعمول بها.
2-2 مراعاة المستجدات المتعلقة بأسباب سقوط الدعوى العمومية
حرص المشرع من خلال القانون رقم 03.23 المعدل والمتمم لقانون المسطرة الجنائية على إدراج تعديلين على أسباب سقوط الدعوى العمومية لتوضيح بعض المفاهيم التي كانت تثير اللبس في الممارسة القضائية وذلك كما يلي:
التنصيص صراحة على أن إجراءات البحث والتحري لا تعتبر من أسباب انقطاع أمد التقادم، وبذلك لا ينقطع التقادم إلا بإجراءات المتابعة أو التحقيق أو المحاكمة أو ما يعتبره القانون كذلك. ولا تدخل ضمنها أعمال البحث التي تباشرها الشرطة القضائية بتعليمات من النيابة العامة، ولو كان المشتبه فيه موضوع برقية بحث؛
حذف وصف “الشامل” من عبارة “العفو الشامل”، التي تتضمنها المادة 4 من قانون المسطرة الجنائية، ليصبح النص مقتصراً على “العفو” فقط، بما يفيد سريان أثر سقوط الدعوى العمومية على نوعي العفو المنصوص عليهما قانوناً. والعبرة هنا طبعاً بالحالات التي تكون فيها الدعوى العمومية لازالت جارية ولم يصدر بشأنها حكم حائز لقوة الشيء المقضي به، أما العفو الذي يتقرر بعد ذلك فيكون أثره متصلاً بتنفيذ العقوبة.
المحور الثالث: المستجدات المتعلقة بالتحقيق الإعدادي
إقرار مبدأ الاختيارية في التحقيق الإعدادي
ألغت المادة 83 من قانون المسطرة الجنائية إلزامية التحقيق في الجنايات، حيث أصبح هذا الإجراء اختيارياً بعد أن كان وجوبياً في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو التي تصل عقوبتها إلى ثلاثين سنة سجنا أو تلك المرتكبة من طرف الأحداث.
أما في الجنح فلم يعد التحقيق الإعدادي ممكناً إلا بوجود نص خاص، أو إذا تعلق الأمر بإحدى الجنح المنصوص عليها في المادة 108 من القانون المسطرة الجنائية، حيث يمكن إجراء تحقيق فيها بصفة اختيارية.
وتبعا لذلك، يتعين عليكم بمناسبة تقديم الملتمسات بإجراء التحقيق مراعاة الضوابط التي أقرها القانون، مع استحضار مبدأ ترشيد اللجوء إلى التحقيق الإعدادي الذي اقتضته ضرورات تحقيق النجاعة وعدم إثقال كاهل قضاة التحقيق بملفات يمكنكم البت فيها، لا سيما في ظل ما أصبحت تخوله لكم المقتضيات الجديدة للمسطرة الجنائية، مع الإشارة إلى أن الجنح التي لا يمكن فيها التحقيق الإعدادي بموجب هذا التعديل والتي يجرى فيها التحقيق حاليا مثل الجنح غير الواردة في المادة 108 والتي تصل عقوبتها إلى خمس سنوات، فيمكنكم تقديم ملتمسات بشأنها ترمي إلى تجهيزها وتيسير سبل ختمها في أقرب الآجال.
تكريس الطابع الاستثنائي للمراقبة القضائية وتقليص مددها
تضمنت المواد من 160 إلى 3-174 من قانون المسطرة الجنائية مجموعة من المستجدات المهمة التي طالت المراقبة القضائية والتي يتعين على قضاة النيابة العامة استحضارها، لا سيما التعديل الذي طال مدة المراقبة القضائية، حيث أصبحت مدتها الأصلية محددة في شهرين قابلة للتجديد ثلاث مرات لنفس المدة إذا تعلق الأمر بجناية (أي 8 أشهر كحد أقصى في الجنايات). وفي حالة الجنح حدد المشرع المدة في شهر واحد قابلة للتجديد مرتين لنفس المدة (أي 3 أشهر كحد أقصى في الجنح)، مع الإشارة إلى أنه بخصوص الجنايات المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، أبقى المشرع بخصوصها على نفس المدة المعمول بها حاليا والمحددة في شهرين قابلة للتجديد خمس مرات.
واستحضارا للأثر الفوري الذي يقضي بنفاذ القواعد الإجرائية الجديدة المنظمة للمراقبة القضائية، والتي ستدخل حيز التنفيذ بتاريخ 08 ديسمبر 2025، فإن الأمر يقتضي منكم القيام بكل استعجال بما يلي:
حصر ملفات التحقيق الإعدادي الرائجة التي صدرت في شأنها أوامر بإخضاع المتهمين للمراقبة القضائية، والتمييز فيها بين تلك التي أوشكت على الانقضاء وفقا للمدد الجديدة المحددة، وتلك التي ستعتبر منقضية بعد دخول القانون الجديد حيز التنفيذ؛
دراسة الملفات التي تم حصرها وتحديد القضايا المهمة التي من شأن رفع المراقبة القضائية فيها التأثير على حسن سير العدالة، حيث يتعين تقديم ملتمسات مباشرة إلى القضاة أو المستشارين المكلفين بالتحقيق ترمي إلى ختم التحقيق وإصدار أوامر نهائية بشأنها قبل 8 دجنبر 2025؛
مراعاةً لحرية وحقوق الأفراد الخاضعين للمراقبة القضائية، يتعين عليكم تقديم ملتمسات إلى قضاة التحقيق تروم إصدار الأوامر الضرورية برفع المراقبة القضائية بمجرد انقضاء مدد هذه الأخيرة وفقا للتحديدات الجديدة الواردة في المادة 160 من قانون المسطرة الجنائية.
تكريس الطابع الاستثنائي للاعتقال الاحتياطي وتقليص مدده
عرفت مدد الاعتقال الاحتياطي تغييرات مهمة ناتجة عن تعديل المادتين 176 و177 من قانون المسطرة الجنائية. إذ أصبحت المدة الأصلية للاعتقال الاحتياطي في الجنح تتمثل في شهر واحد قابل للتمديد مرة واحدة ولنفس المدة (أي شهرين كحد أقصى). كما أصبحت مدة الاعتقال الاحتياطي في الجنايات شهرين قابلة للتمديد مرتين فقط ولنفس المدة (أي 6 أشهر كحد أقصى)، ما لم يتعلق الأمر بجرائم أمن الدولة أو الإرهاب التي يمكن أن يتم التمديد فيها لخمس مرات (12 شهرا في المجموع).
وتطبيقاً للأثر الفوري للتعديلات المتعلقة بمدد الاعتقال الاحتياطي، فإنه بدخول المقتضيات الواردة في القانون رقم 03.23 حيز التنفيذ بتاريخ 08 دجنبر 2025، ستتغير الآجال القانونية القصوى للاعتقال الاحتياطي، الأمر الذي يقتضي منكم حصر جميع الملفات التي استنفذ فيها التمديد، وتوجيه الملتمسات الضرورية إلى القضاة أو المستشارين المكلفين بالتحقيق من أجل اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة للبت في الملفات المذكورة بختمها وإصدار أوامر نهائية بخصوصها إذا كانت جاهزة.
المحور الرابع: المستجدات المتعلقة بالقواعد الخاصة بالأحداث
تضمن القانون رقم 03.23 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية مستجدات جوهرية على مستوى القواعد الخاصة بالأحداث، يمكن الإشارة إلى أبرزها فيما يلي:
بالنسبة للأحداث في نزاع مع القانون لا يمكن الاحتفاظ بهم في المكان المعد لذلك بمقر الشرطة القضائية أكثر من المدة الأصلية للحراسة النظرية ودون قابليتها للتمديد، ما لم يتعلق الأمر بالجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية؛
تقييد اللجوء إلى إجراء الاحتفاظ في حق الحدث بضرورة الحصول على موافقة النيابة العامة في جميع الأحوال؛
عدم إمكانية متابعة الحدث الذي يقل عمره عن 12 سنة، تطبيقا للمادة 461-1 من قانون المسطرة الجنائية، حيث تتخذ النيابة العامة قرارا بحفظ القضية لانعدام مسؤوليته الجنائية وتسلمه إلى أبويه أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو حاضنه أو كافله أو المكلف برعايته.
تعديل السن الأدنى لإمكانية الإيداع في السجن بالنسبة للأحداث المشتبه في ارتكابهم جرائم. فحسب المادة 473 من قانون المسطرة الجنائية، لا يمكن لقضاء الأحداث أن يتخذ تدبير الإيداع في السجن في حق الحدث الذي يقل عمره عن 14 سنة في الجنايات وعن 16 سنة في الجنح، بخلاف المقتضيات السارية حالياً؛
الرفع من السن الأدنى الذي بمقتضاه يمكن اعتبار الطفل في وضعية صعبة من 16 إلى 18 سنة (المادة 513 من قانون المسطرة الجنائية)؛
إلزام وكلاء الملك ونوابهم بتفقد الأحداث المودعين بالمؤسسات السجنية أو بمراكز الملاحظة بصفة شهرية، طبقاً للمادة 461 من قانون المسطرة الجنائية، وهو ما يقتضي منكم الحرص على إنجاز هذه الزيارات طبقاً للوتيرة المحددة قانونا وتوجيه نسخ من تقارير الزيارة إلى رئاسة النيابة العامة عند نهاية كل شهر.
المحور الخامس: المستجدات المتعلقة بممارسة طرق الطعن والتنفيذ الزجري للمقررات القضائية
فيما يتعلق بطرق الطعن
أدرج القانون رقم 03.23 تعديلين هامين على الطعون المقدمة أثناء ممارسة الدعوى العمومية ويتعلق الأمر بما يلي:
الطعن في القرار القاضي بالسراح المؤقت: خلافا لما هو مقرر قانونا بمقتضى النص النافذ حاليا، حيث إن الطعن بالاستئناف في القرار القاضي بالسراح المؤقت من طرف النيابة العامة ينتج عنه استمرار اعتقال المتهم في الجنح الماسة بمقدسات البلاد والإتجار غير المشروع في المخدرات، فإنه بمقتضى التعديل الجديد تم تغيير الجرائم التي ينتج عن الطعن فيها إيقاف تنفيذ الأمر بمنح السراح المؤقت، إذ بالرغم من استئناف النيابة العامة يفرج عن المعتقل ما لم يتعلق الأمر بجرائم أمن الدولة أو جرائم الإرهاب، مع ملاحظة أن المشرع قد أكد نفس الاستثناء بمناسبة تنظيمه للطعن بالاستئناف في قرار الإفراج المؤقت الصادر عن غرفة الجنايات الابتدائية الذي تختص بالبت فيه غرفة الجنايات الاستئنافية؛
أثر الطعن بالاستئناف من طرف المطالب بالحق المدني (المادتان 410 و 533 من قانون المسطرة الجنائية): ينتج عن إقامة الدعوى العمومية عن طريق الاستدعاء المباشر من الطرف المدني، توسيع آثار الطعن بالاستئناف الذي يباشره هذا الأخير، إذ يترتب عنه نظر غرفة الجنح الاستئنافية في الدعويين العمومية والمدنية معا، فتكون للطعن بالاستئناف الذي يقدمه الطرف المدني (الذي أقام الدعوى العمومية) نفس آثار الطعن بالاستئناف المخول للنيابة العامة في الدعوى العمومية، ونفس النتيجة تنطبق على الطعن بالنقض الذي يباشره هذا الطرف المدني إذ يترتب عنه نظر محكمة النقض في الدعويين العمومية والمدنية معا.
المستجدات المتعلقة بالتنفيذ الزجري:
فيما يتعلق بإدماج العقوبات: تمنح المادة 1-613 من قانون المسطرة الجنائية صراحة للنيابة العامة صلاحية البت في طلبات إدماج العقوبات السالبة للحرية عند تعدد الجرائم وفق الشروط المحددة في الفصل 120 من القانون الجنائي، وبذلك يكون المشرع قد وضع حدا للخلاف الحاصل فيما يخص الجهة المكلفة بالبت في طلبات إدماج العقوبة وجعلها هي النيابة العامة لآخر محكمة مصدرة للعقوبة السالبة للحرية.
فيما يتعلق باحتساب مدة العقوبة السالبة للحرية: عالج المشرع بموجب التعديل الذي طال المادة 613 من قانون المسطرة الجنائية إشكالية كيفية احتساب مدة العقوبة السالبة للحرية في الأحوال التي تصدر فيها عدة أوامر بالإيداع في السجن في حق نفس الشخص، إذ يتعين عليكم مراعاة مبدأين أساسيين:
تعطى الأولوية في التنفيذ للمقرر القضائي الذي حاز قوة الأمر المقضي به؛
لا يمكن في كل الأحوال أن يقضي الشخص المعتقل بموجب عدة أوامر أكثر من مجموع المدد المحكوم بها عليه في المقررات القضائية الصادرة في حقه.
بخصوص الإكراه البدني: أكد القانون رقم 03.23 المعدل لقانون المسطرة الجنائية على عدم إمكانية إجراء الإكراه البدني في الديون التي تقل عن 8000 درهم (المادة 638).
لأجله، يتعين عليكم إجراء مراجعة استثنائية لجميع ملفات الإكراه البدني، وحصر تلك التي سيتعذر تنفيذها ابتداء من 08 دجنبر 2025 لاتخاذ المتعين في شأنها قانونا.
بخصوص طلبات رد الاعتبار: بالإضافة إلى تخفيض المدة القانونية لرد الاعتبار القانوني والقضائي، أورد التعديل المدخل على قانون المسطرة الجنائية مستجديين هامين يتعلقان بمعالجة طلبات رد الاعتبار واللذين يتعين استحضارهما من طرف قضاة النيابة العامة:
يتولى رئيس كتابة الضبط تنفيذ رد الاعتبار القانوني بعد استطلاع رأي النيابة العامة التي يجب أن تبدي وجهة نظرها مع مراعاة أحكام المادتين 688 و689 من قانون المسطرة الجنائية؛
إسناد صلاحية البت في طلبات رد الاعتبار القضائي لقاضي تطبيق العقوبات عوضا عن الغرفة الجنحية، لذلك يتعين على وكلاء الملك ونوابهم عند تجهيز ملفات رد الاعتبار القضائي إحالتها مباشرة على قاضي تطبيق العقوبات لاتخاذ المتعين قانونا بشأنها.
يظهر مما تقدم، أن القانون رقم 03.23 المعدل والمتمم لقانون المسطرة الجنائية تضمن مجموعة من المستجدات المهمة التي ستطال مختلف المهام والصلاحيات المسندة إليكم، منذ المراحل السابقة لإقامة الدعوى العمومية إلى حين تنفيذ المقرر القضائي الصادر بالإدانة، الأمر الذي يقتضي منكم الاطلاع على جميع المستجدات التي أُدخلت على هذا القانون وتدارس المواد المعدلة واستشراف أثرها على عملكم، وكذا استحضار توجهات رئاستكم الواردة في هذا المنشور، وتعميم مضمونه في الاجتماعات التي ستعقدونها مع قضاة النيابة العامة أو مع ضباط الشرطة القضائية، راجيا منكم موافاة هذه الرئاسة عاجلا بالإجراءات المتخذة من قبلكم للتحضير لتنفيذ أحكام القانون رقم 03.23 المشار إليه أعلاه، وتحديد الصعوبات التي قد تواجهكم في هذا الإطار، علما أن هذه الرئاسة ستتولى مواكبتكم في هذه العملية سواء عبر رسائل دورية تخص مواضيع محددة أو عبر اجتماعات تأطيرية لضمان سلامة تنزيل المقتضيات المستجدة والله ولي التوفيق، والسلام.
[1] القانون رقم 03.23 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.25.55 الصادر بتاريخ 19 من صفر 1447 (13 غشت 2025)، منشور بالجريدة الرسمية عدد 7437 بتاريخ 08 شتنبر 2025.
[2] في حالة رفض الطلب، أو في حالة انصرام أجل 10 أيام من تاريخ تقديمه دون صدور قرار عن النيابة العامة، يحق للمعني بالأمر الذي قدم طلب رفع الحجز أو التجميد أن يطعن في قرار النيابة العامة أمام رئيس المحكمة أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف. حيث يقدم هذا الطعن إلى كتابة النيابة العامة المختصة، ويجب على هذه الأخيرة إحالة الملف على رئاسة المحكمة مشفوعا برأيها الذي يجب الإدلاء به داخل أجل ثلاثة أيام من تاريخ التصريح بالطعن. وقد حُدد أجل بت رئيس المحكمة أو الرئيس الأول في 10 أيام من تاريخ إيداعه بكتابة الضبط، ولا يقبل القرار الصادر في هذا الشأن أي طعن.
[3] طبقا للمادة 19 المعدلة من قانون المسطرة الجنائية فإن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض والمحامين العامين أصبحت لهم صفة ضابط سامي للشرطة القضائية.
[4] ولضمان تنفيذ هذه الانتدابات فقد نص المشرع على عقوبة مالية تتراوح بين 10000 و50000 درهما، لكل من رفض دون عذر مقبول الاستجابة للانتداب الموجه إليه من قبل ضابط الشرطة القضائية. ويتعين في جميع الأحوال تمكين هذا الأخير بالمعطيات المطلوبة في أجل أقصاه أسبوع واحد من تاريخ التوصل بالانتداب.
[5] إذ يمكن أن يخضع لهذه المسطرة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم أو محاولة ارتكابهم الجريمة، أو الذين يشكلون تهديدا للأشخاص أو للممتلكات أو للأمن العام، أو الذين قد يتوفرون على معلومات مفيدة للبحث في جريمة، أو موضوع أبحاث أو تدابير مأمور بها من قبل السلطات القضائية المختصة.
[6] تتمثل الأسباب الواردة في المادة 1-47 في ما يلي:
1- إذا اعترف المشتبه فيه بالأفعال المكونة لجريمة يعاقب عليها بالحبس أو ظهرت علامات أو أدلة قوية على ارتكابه لها أو مشاركته فيها، ولا تتوفر فيه ضمانات كافية للحضور؛
2- إذا ظهر أن المشتبه فيه خطير على النظام العام أو على سلامة الأشخاص أو الأموال؛
3- إذا كان الأمر يتعلق بأفعال خطيرة، أو إذا كان حجم الضرر الذي أحدثته الجريمة جسيما؛
4- إذا كانت الوسيلة المستعملة في ارتكاب الفعل خطيرة.
[7] تتم هذه الإحالة من طرف المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المتفشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك.