أهلية الترشح لمجلس النواب وتوسيع حالات التنافي وتمويل الأحزاب في صلب المناقشة التفصيلية لمشاريع قوانين المنظومة الانتخابية
ارتكزت جلسة المناقشة التفصيلية لمشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية، التي انعقدت مساء أمس الخميس بمجلس النواب، على مستجدات شروط أهلية الترشيح لعضوية المجلس، وتوسيع حالات التنافي في العضوية مع هيئات منتخبة أخرى، فضلا عن تمويل الأحزاب السياسية.
وخلال هذه الجلسة التي عقدتها لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والشؤون الإدارية، بحضور وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، تم التأكيد على أن المقتضيات المنصوص عليها في المواد (3 و6 و7 و8) من النص التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، والخاصة بموانع الأهلية، تنسجم مع الإرادة الجماعية الرامية إلى تخليق وتحصين العملية الانتخابية، وصون صورة المؤسسة التشريعية.
بالمقابل، اعتبر بعض النواب أن التنصيص على انعدام الأهلية بالنسبة للأشخاص الصادرة في حقهم أحكام ابتدائية بالإدانة من أجل جناية “قد يمس بقرينة البراءة، منبهين إلى حالات سابقة أبطلتها المحكمة الدستورية.
وفي السياق ذاته، شدد نواب برلمانيون على مسؤولية الأحزاب السياسية في المساهمة في الارتقاء بصورة العمل البرلماني لدى شريحة من المواطنين، بينما رأى آخرون ضرورة حصر مقتضيات الأهلية في القانون التنظيمي المتعلق باللوائح الانتخابية العامة.
وفي معرض تفاعله مع مداخلات النواب، أوضح وزير الداخلية أن جوهر المواد المعروضة للنقاش هو تخليق الحياة السياسية والانتخابية، وأن الهدف الأول من الإصلاحات المقترحة هو منع أي شخص قد يساهم، بأي شكل، في إفساد العملية الانتخابية، مؤكدا أن مقترحات المنظومة تروم “تجنب الشبهات”.
وشدد على أن صورة المؤسسة التشريعية يجب أن تظل نظيفة وخالية من أي شائبة، مشيرا إلى أن المقتضيات الواردة في مشروع النص التنظيمي تتقاطع حول تحصين البرلمان وعدم فسح المجال إلا لمن لا تحوم حوله شبهات، استنادا إلى “التجارب المقارنة والمنطق”.
وأوضح السيد لفتيت أن تشديد الضوابط المتعلقة بموانع الأهلية لا يراد به المنع لذاته، بل ضمان تحصين العملية الانتخابية، مسجلا ضرورة مواكبة هذا المسار بميثاق شرف حزبي يمنح البعد الأخلاقي قوة إضافية صادرة من داخل الأحزاب، فيما تعمل الدولة على توفير الأطر القانونية في حدود إمكاناتها.
من جهة أخرى، تناولت مداخلات النواب موضوع ترشيح النساء على مستوى الدوائر الجهوية، حيث تباينت الآراء بين دعم منافسة النساء في الدوائر المحلية إلى جانب اللوائح الجهوية وفرض نسب على الأحزاب لترشيحهن، وبين من اعتبر أن هذا الأمر “شأن حزبي يجب احترامه”.
وفي سياق النقاش حول حالات التنافي، تعددت وجهات نظر النواب بين المطالبة بتوسيعها وعدم الجمع بين المسؤوليات الانتدابية، مع تفعيل التدابير التي تضمن حضور البرلمانيين ومشاركتهم بفعالية في العمل البرلماني، وبين من اعتبر أن توسيع حالات التنافي قد لا يشجع على المشاركة السياسية، مع التأكيد على دور الأحزاب في تدبير هذا الأمر.
وبهذا الخصوص، اعتبر السيد لفتيت أن مقارنة الأداء البرلماني بين الولاية السابقة، التي عرفت تمثيلية لرؤساء الجماعات بمجلس النواب، والولاية الحالية، تظهر بوضوح إسهام هؤلاء في إغناء النقاش البرلماني.
أما بخصوص العقوبات المنصوص عليها في القانون التنظيمي لمجلس النواب، فقد نوه عدد من النواب بتعزيز طابعها الردعي حماية لسلامة العملية الانتخابية وصونها، عبر الرفع من العقوبات المرتبطة بجرائم قد تمس سلامة التصويت وسيره الطبيعي مع التشديد في مواجهة أي مساس بالحياة الخاصة للمترشحين.
من جهته، أكد وزير الداخلية أن المقتضيات الواردة في المادة 51 تروم أساسا حماية المترشح بشكل أساسي وحماية العملية الانتخابية برمتها، مع الحرص في الوقت نفسه على عدم المساس بعمل الصحافيين ولا بحرية التعبير، مشيرا إلى أن مسؤولية الإثبات تقع على عاتق المدعي.
كما ناقش النواب المقتضيات المتعلقة بتمويل الأحزاب السياسية، مسجلين ملاحظات بشأن المادة 31 الخاصة بالدعم الموجه للأحزاب، وخاصة ما يتعلق بالقروض التي تحصل عليها الأحزاب وفق اتفاقيات مكتوبة تحدد موضوعها وكيفيات وآجال سدادها، إضافة إلى تحديد سقف الهبات الممنوحة لها.
ودعا نواب آخرون إلى إعفاء مقتنيات الأحزاب من الضريبة على القيمة المضافة، معتبرين أن “جزءا مهما من الدعم العمومي يستهلك في شكل ضريبة، مما يقلص أثره الفعلي في دعم الأنشطة الحزبية”.
وفي معرض جوابه، أكد السيد لفتيت على أهمية رفع وتطوير قيمة الدعم العمومي الموجه للأحزاب لتمكينها من أداء مهامها الدستورية في التأطير والمشاركة السياسية، مشددا في المقابل على رفض تلقي الأحزاب دعما من الشركات.
وأضاف أن رفع سقف الدعم الفردي للحزب إلى 800 ألف درهم سنويا يستند إلى مبادئ الوضوح والشفافية في مصدر الدعم وأسباب تقديمه، مؤكدا أن “تجنب الشبهات” وحماية الأحزاب من أي ممارسات غير ملائمة يظل أولوية، مع الاستمرار في تطوير الدعم العمومي.