مدريد _ عبد العلي جدوبي : بعد قطيعة دامت لأكثر من ثلاث سنوات بين اسبانيا والجزائر، تقوم دبلوماسية قصر المرادية هذه الايام بتحركات على أكثر من مستوى لمحاولة إعادة العلاقات الدبلوماسية المتذبدبة مع اسبانيا ، وتقليص العزلة ؛ في هذا الصدد ذكر الموقع الإخباري الرقمي الاسباني ( دي أوبجيكتيف ) عن مصادر دبلوماسية عن زيارة مرتقبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى اسبانيا خلال الاسبوع الثاني من شهر ديسمبر الجاري في اطار ما وصفه الموقع الاخباري بمحاولة الجزائر إعادة إحياء العلاقات الثنائية مع مدريد التي من جانبها تعمل على الحفاظ على توازن علاقاتها مع كل من الرباط والجزائر ..
ومعلوم أن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو شانسيز سبق له ان زار الجزائر اخر مرة العام 2020 قبل الأزمة التي فجرها التحول الإسباني اتجاه قضية الصحراء المغربية ، وعلى خلفية أزمة ابن بطوش ( إبراهيم غالي ) الذي دخل الى اسبانيا بهوية مزورة ..!
الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري تأتي في اعقاب الاجتماع الأخير رفيع المستوى بين المغرب واسبانيا والذي اسفر عن توقيع 14 اتفاقية في عدة مجالات تجاوزت التعاون التقليدي إلى شراكة استراتيجية شاملة ، تقوم على التنسيق السياسي والاقتصادي والاجتماعي والرياضي والامني ، هذه الشراكة بين الرباط ومدريد على ما يبدو دفعت بالجزائر إلى إعادة تقييم مقاربتها تجاه مستجدات الساحتين الاقليمية والدولية ، ومحاولة السعي إلى إعادة بناء قنوات التواصل مع اسبانيا بالخصوص ، بالرغم من أن تاثير هذا التقارب يظل محدودا أمام ثبات الموقف الاسباني إزاء قضية الصحراء المغربية ومشروع لحكم الذاتي وتزايد الاعترافات الدولية بمصداقيته ..
القطيعة في العلاقات الإسبانية الجزائرية ، جاءت بعد تراكمات المشاكل القائمة ، واستمرار الجانب الجزائري في خلق التوثرات والمطبات امام كل مبادرة الإنفراج ، بالرغم من تلقي دبلوماسية الجزائر لهزات عنيفة ، فانها تستمر وبشكل ممنهج في سياستها التي لم تجن منها سوى المتاعب وخيبات الامل ..
_ استياء في الاوساط الحكومية بمدريد بعد قرار الجزائر رفض دخول الاسبان من أصل مغربي الى اراضيها بحجة احتمال أن يكونوا جواسيس لدى الرباط ! وهذا ما ادى بالسلطات الجزائرية الى فتح الابواب على مصراعيها للمهاجرين غير الشرعيين نحو جزر البليار في “رسالة تحديرية ” لحكومة مدريد ..!
فمن شهر يونيو الى سبتمبر الماضيين وصل الى جزر الكناري 1900 شخص على متن 34 قاربا مقابل 39 وصلوا الى جزر البليار على متن 204 قاربا قادمين من الجزائر بناء على بيانات وزارة الداخلية الإسبانية .
_ الجزائر لم تتوقف عن خلق المزيد من العراقيل في كل اتجاهات فقد حركت منظمه البوليساريو لدى البرلمان الاوروبي لعرقلة تجديد اتفاق التجارة مع المغرب بحجة أن الصادرات من المنتجات الفلاحية المغربية الى اوروبا قادمة من الاقاليم الجنوبية ، وقد منيت محاولتها بالفشل ايضا كون الاتحاد الاوروبي تعامل مع القرار الاممي 2797 بحكمة ومسؤولية .
_ بدايه شهر ديسمبر الجاري حاولت الجزائر اقحام الاتحاد الاوروبي خلال لقاء ماسمي ب ( مسار وهران) لتحويل القرار الاممي ،وإعطائه تأويلات متباينة ، لكنها سقطت في هوة التناقضات ..
_ المراهنة على دعم اطروحه الجزائر من طرف مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماع المنامة _ فاتح وثاني دسمبر _ خرج ببيان دعم فيه بشكل واضح الطرح المغربي وسيادة المغرب على صحرائه .
الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري إلى اسبانيا خطوة محملة بالرمزية السياسية ، بعد أن اصبح المغرب الحلقة الاقوى في المعادلة ، والشريك الفعال والموثوق به لدى الاوروبيين والولايات المتحدة الأمريكية ، وهذا عامل مهم مكن المغرب من تبوأ مكانة مرموقة في استقرار المنطقة مما يمنحه الافضلية في صياغه المشهد السياسي .
هذا ويأمل بعض المحللين السياسيين الجزائريين العقلاء ان تكون زيارة الرئيس الجزائري لإسبانيا بداية الانفراج الحقيقي للازمات بالمنطقة المغاربية التي تشهد توثرا على اكثر من محور ، وتفتح هذه الزيارة المجال لتعاون حقيقي مثمر لكل الاطراف.
ونشير إلى انه رغم أن الجزائر كانت قد اتخذت سلسلة من الاجراءات ” العقابية ” ضد اسبانيا جراء تاييدها لمقترح لحكم الذاتي الذي طرحه المغرب بترحيب دولي ، وقامت بسحب سفيرها من اسبانيا ، وعملت على تقييد التبادلات التجارية معها ، لكنها واصلت تزويد اسبانيا بالغاز عبر انبوب( ميد غاز )وبالمقابل ما تزال ترفض إعادة تشغيل انبوب المغرب اوروبا المغلق منذ العام 2021 .!
ويبقى السؤال مطروحا : هل ستغير الجزائر من سياستها إزاء المغرب ؟ وهل ستنخرط جديا في خلق تعاول فعال والخروج من عزلتها ؟ أملا في إحياء اتحاد المغرب العربي ؟