قدّم السفير أحمد رشيد خطابي، الأمين العام المساعد المكلف بقطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العلمي التاسع لكلية الإعلام بالجامعة الحديثة بالقاهرة، خطاباً مرجعياً يلامس جوهر التحولات العميقة التي يعرفها المشهد الإعلامي العربي في زمن الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
كلمة السفير، لم تقتصر على الإطار البروتوكولي، بل عكست توجهاً مؤسساتياً واضحاً لدى جامعة الدول العربية، يقوم على الانفتاح الواعي على الفضاء الأكاديمي ، باعتباره شريكاً استراتيجياً في بناء إعلام عربي مسؤول، قادر على التفاعل مع المتغيرات التكنولوجية دون التفريط في القيم المهنية والأخلاقية.
وشدد احمد رشيد خطابي في ذات الكلمة حول موضوع المؤتمر، “الإعلام والترفيه والمسؤولية الاجتماعية”، على أن الترفيه، في بعده العميق، ليس نقيضاً للوعي أو الجدية، بل رافعة للرفاه الإنساني وتنمية الذوق العام، شريطة ألا يتحول إلى أداة للتسطيح أو اللهاث خلف الإثارة والربح السريع. وهو تنبيه مباشر إلى المخاطر التي باتت تفرزها بعض المنصات الرقمية، حيث يُستبدل المحتوى الهادف بمضامين سطحية تؤثر سلباً في وعي الشباب وسلوكهم.
وسجلت الكلمة موقفاً واضحاً من الفوضى المعلوماتية التي يعرفها الفضاء الرقمي، مؤكدة أهمية الخطة التنفيذية للاستراتيجية العربية للتربية الإعلامية والمعلوماتية، المعتمدة من مجلس وزراء الإعلام العرب، باعتبارها مدخلاً أساسياً لبناء وعي نقدي، وضمان مصداقية المعلومة، ومواجهة الأخبار الزائفة وخطابات الكراهية والعنف والتمييز.
وفي بعده التنظيمي، توقف السفير احمد رشيد خطاب عند التجارب الدولية، خاصة الأوروبية، في مجال حوكمة الفضاء الرقمي، وحماية المحتوى، وتأطير استخدامات الذكاء الاصطناعي، مع التأكيد على ضرورة بلورة مقاربة عربية تفاوضية موحدة مع كبريات الشركات الرقمية العالمية، دفاعاً عن الحقوق الرقمية العربية وتعزيزاً لمبدأ السيادة الرقمية.
كما اكد السفير خطابي على أن الإعلام، والترفيه تحديداً، لا يمكن فصلهما عن مشروع تنموي متكامل، يقوم على المسؤولية الاجتماعية، وتكامل أدوار الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، في خدمة الوعي المجتمعي والتنمية المستدامة.
وختم الأمين العام المساعد كلمته برسالة قوية موجهة إلى طلبة الإعلام، معتبراً إياهم رهان المستقبل في كسب معركة الانتقال الرقمي، وحملة مشعل إعلام عربي جديد، يجمع بين التمكن التكنولوجي، والالتزام القيمي، والقدرة على المنافسة في عصر المعرفة.
بهذا المعنى، تشكل الكلمة وثيقة توجيهية تعكس وعياً مؤسساتياً متقدماً بدور الإعلام في المرحلة الراهنة، وتؤسس لنقاش عربي أعمق حول الترفيه، المسؤولية، ومستقبل الإعلام في ظل التحولات الرقمية المتسارعة.