إقرار منحة مالية شهرية للأطفال المستفيدين من خدمات مؤسسات الرعاية الاجتماعية

0

في خطوة تعكس التحول العميق الذي تشهده السياسات الاجتماعية بالمغرب، صادقت الحكومة على المرسوم المتعلق بالإعانة الخاصة الموجهة للأطفال المستفيدين من خدمات مؤسسات الرعاية الاجتماعية، وذلك في إطار تنزيل نظام الدعم الاجتماعي المباشر.

ويأتي هذا المرسوم ، الذي أعدته الوزارة المنتدبة المكلفة بالميزانية، بمعية وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، في سياق وطني موسوم بتفعيل التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى ترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية وضمان الإنصاف للفئات الأكثر هشاشة، وعلى رأسها الأطفال، باعتبارهم رهان الحاضر وأساس التنمية المستقبلية. كما يندرج ضمن استكمال تنزيل القانون رقم 58.23 المتعلق بنظام الدعم الاجتماعي المباشر، ولا سيما المادة 16 منه، التي خصت الأطفال المستفيدين من خدمات مؤسسات الرعاية الاجتماعية بتدبير دعم ملائم لوضعيتهم الخاصة، بالنظر إلى عدم استفادتهم من برامج الدعم الموجهة للأسر.

وقد ساهمت وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، خلال مختلف مراحل إعداد هذا النص التنظيمي، في بلورة التصور الاجتماعي الذي يؤطر هذا الإجراء، انطلاقا من رؤية تعتبر أن أطفال مؤسسات الرعاية يجب أن يحظوا بنفس مستوى الحماية الذي يتمتع به نظراؤهم داخل الأسر، دون أي تمييز. وفي هذا الإطار، تم إقرار منحة شهرية موحدة قدرها 500 درهم لكل طفل، تكريسا لمبدأ المساواة وصونا لكرامة الطفولة.

ويترجم هذا التوجه وعيا مؤسساتيا بأن هشاشة هؤلاء الأطفال لا تنتهي بمغادرتهم المؤسسة، بل تستوجب مواكبتهم خلال مرحلة الانتقال إلى الاستقلال، من خلال توفير رصيد مالي تراكمي يُودع في حساب خاص باسم الطفل لدى صندوق الإيداع والتدبير، ولا يُصرف إلا عند بلوغ سن الرشد القانوني، مع ضمان حد أدنى لا يقل عن 10.000 درهم، بما يعزز فرص الاندماج الاجتماعي والاقتصادي.

وعلى مستوى التنزيل، ساهمت وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في إرساء تنسيق مؤسساتي محكم، إلى جانب الوزارة المنتدبة المكلفة بالميزانية، شمل الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، ومؤسسة التعاون الوطني، ومختلف القطاعات الحكومية المعنية. وقد توج هذا التنسيق بإحداث منظومات رقمية لتجميع المعطيات والتحقق من استيفاء شروط الاستفادة، بما يضمن الشفافية والدقة في الاستهداف وحسن توجيه الدعم العمومي.

كما أسند المرسوم دورا محوريا لمديري مؤسسات الرعاية الاجتماعية في إيداع طلبات الاستفادة وتتبع وضعيات الأطفال، تحت إشراف وتأطير المصالح المختصة التابعة لوزارة التضامن، وهو ما يعكس حرصها على اعتماد مقاربة القرب وربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان الاستمرارية في تتبع مسار استفادة الأطفال إلى غاية بلوغهم سن الرشد.

وتؤكد وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة أن هذا المرسوم لا يعد إجراء معزولا، بل يندرج ضمن رؤية إصلاحية شمولية تروم تأهيل مؤسسات الرعاية الاجتماعية، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة بها، وتعزيز كفاءات الموارد البشرية المشرفة عليها، وفقًا لمقتضيات الإطار القانوني المنظم للمجال. كما تعمل الوزارة، بالتوازي مع تنزيل هذا المرسوم، على إعداد برنامج وطني لمواكبة الأطفال بعد مغادرتهم المؤسسات، بهدف تعزيز استقلاليتهم وتمكينهم من الاندماج الاجتماعي والمهني.

وبهذا الورش، الذي يجسد تقاطع الأدوار بين القطاعات الحكومية، من خلال إشراف الوزارة المنتدبة المكلفة بالميزانية على الإطار المالي والتنظيمي، ومساهمة وزارة التضامن في ضمان البعد الاجتماعي والإنساني، يتعزز مسار بناء الدولة الاجتماعية، وتكرس حماية الطفولة كأولوية استراتيجية تجعل من الإنصاف الاجتماعي واقعًا ملموسًا، وتضع مصلحة الطفل الفضلى في صلب السياسات العمومية.

ح.بدر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.