إعتماد العقوبات البديلة في التشريع الجنائي المغربي

0

حسناء البقالي: يشهد القانون الجنائي المغربي مساراً إصلاحياً يهدف إلى تحديث السياسة الجنائية بما يتماشى مع المعايير الدولية، خصوصاً في مجال حقوق الإنسان والعدالة الجنائية. ومن أبرز ملامح هذا الإصلاح، إدراج العقوبات البديلة كخيار قانوني لتجاوز محدودية العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة.

  1. الإطار التشريعي

مشروع القانون الجنائي المغربي (المعدل لقانون 1962) نص على إدراج العقوبات البديلة ضمن المواد من 35-1 إلى 35-19، محدداً. شروطها وضوابطها. وتأتي هذه المقتضيات انسجاماً مع الدستور المغربي لسنة 2011 الذي كرس مبادئ العدالة والكرامة الإنسانية والمواثيق الدولية، لاسيما المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 10) و قواعد طوكيو 1990 الخاصة بالتدابير غير الاحتجازية

  1. أشكال العقوبات البديلة

وفقاً للمشروع، يمكن للمحكمة أن تحكم، عوض العقوبة الحبسية القصيرة، بأحد التدابير التالية:

العمل من أجل المنفعة العامة (مادة 35-3): إلزام المحكوم عليه بإنجاز عمل اجتماعي دون مقابل.

الغرامة اليومية (مادة 35-5): أداء مبلغ مالي عن كل يوم عقوبة حبسية كان يمكن الحكم بها.

المراقبة الإلكترونية (مادة 35-7): إخضاع المحكوم له لمراقبة بواسطة السوار الإلكتروني.

التدابير التأهيلية (مادة 35-10): كإخضاعه لعلاج ضد الإدمان أو متابعة برامج إعادة تأهيل.

  1. الأهداف والجدوى

تسعى هذه البدائل إلى:

التخفيف من الاكتظاظ السجني الذي يشكل إحدى أبرز إشكاليات السياسة العقابية.

تعزيز الطابع الإصلاحي للعقوبة عوض الاقتصار على الردع والزجر.

الحفاظ على الروابط الأسرية والاجتماعية للمحكوم عليه.

تقليص الكلفة المالية المرتبطة بالسجون.

  1. التحديات العملية

رغم أهميتها، تواجه العقوبات البديلة عدة تحديات، منها :

تأهيل البنية التحتية القانونية والمؤسساتية لتطبيقها بفعالية.

تكوين القضاة والنيابة العامة في مجال العدالة التصالحية.

تغيير الذهنيات المجتمعية التي تنظر إلى العقوبة السجنيةالسالبة للحرية كحل وحيد للردع وإصلاح المجتمع.

إن إدراج العقوبات البديلة في القانون الجنائي المغربي يشكل خطوة نوعية نحو عدالة أكثر توازناً بين الردع والإصلاح، ويعكس التزام المملكة بتكريس حقوق الإنسان وفقاً لدستور 2011 والمواثيق الدولية. غير أن تفعيل هذه المقتضيات رهين بمدى انخراط القضاء، والمؤسسات التنفيذية، والمجتمع المدني في إنجاح هذا الورش الإصلاحي الكبير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.