“ما عدا الجهة المكلفة بذلك في وزارة الداخلية”: إدارة الأمن تفتقر للتواصل! – حدث كم

“ما عدا الجهة المكلفة بذلك في وزارة الداخلية”: إدارة الأمن تفتقر للتواصل!

عبد الله الشرقاوي: لحدود يومه مازالت الإدارة العامة للأمن الوطني، ومن في حكمها من الدرك ووزارة الداخلية تفتقر إلى استراتيجية تواصلية إعلامية في إطار مجابهة تفشي الجريمة، وهي استراتيجية يُفترض أن تكون منبثقة عن سياسة عمومية ترصد مختلف الاختلالات والإشكالات المعيقة للحد من الجريمة وتطوراتها المتلاحقة، بعيداً عن المقاربة الزجرية، والمنطق الأمني الذي أثبت فشله الذريع.

وبما أن الموضوع شاسع ومتعدد الجوانب سنكتفي اليوم بالإشارة إلى تعاطي الإدارة العامة للأمن الوطني مع الإعلام في ظل وجود مصلحة أسند لها هذا الدور، لكنها غير مُفعلة على غرار الجهة المكلفة بذلك في وزارة الداخلية، التي تعمل على نشر بلاغات مرتبطة بقضايا مكافحة الإرهاب، وبعض الملفات من العيار الثقيل.

إن ما تربط بعض الأمنيين برجال الإعلام علاقة خاصة تسرب عبرها معطيات عن بعض النوازل، أو إرسال بلاغات عن عمليات إيقاف المشتبه فيهم وحجز الممنوعات، وذلك في الحالات العادية والروتينية، علما أن البعض الآخر من المراسلين والصحفيين يُطلب منه الاتصال بخلية الإعلام المركزية لأخذ المعلومة، أي أن التعامل ليس على قدم المساواة، وتحكمه علاقة الثقة و«المعرفة» في مفهومها العامي الإيجابي، دون الحديث عن تحقيق المصلحة النفعية من عملية النشر، وما يرتبط بحقوق المتهمين والضحايا طبقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية «303»، وقانون الصحافة والنشر «54 و55» مثلا.. .

في هذا الصدد فإني شخصيا أرفض بشكل مطلق «التَّسول» في الكوميساريات للحصول على الخبر، رغم أن عملي مرتبط بالمحاكم والقانون، بعد تجربة قمت بها منذ سنوات خلت، خلصت منها إلى كون ذلك لا يُعطي للصحفي قيمته، ويضيع حيزاً زمنيا مهما من الوقت بفعل ساعات الانتظار، وهو ما جعلني أغض الطرف عن هذه المرحلة في انتظار إحالة الملف على المحكمة.

أما في قضايا معينة فإن أبواب المسؤولين وخطوطهم الهاتفية تغلق من قبيل مثلا حادث فرار متهمين من كوميسارية بسلا، وعدم التجاوب السريع والتلقائي مع قضية «المُنقبة» التي ظلت لأيام محل تعاليق، علما أن تفريخ الشائعات وتناسلها له انعكاسات على عدة مستويات، بما في ذلك الشق السياحي الذي تعوّل عليه الحكومة، مع ما يستنزف من أموال بالعملة الصعبة لتسويقه دوليا…

إن التعاطي مع الجريمة يوجب بالضرورة وضع استراتيجية بعيداً عن المقاربة الأمنية والزجرية، التي هي مكملة لمجابهة أسباب ومسببات الجريمة، والتحسيس بمخاطرها عبر القنوات العمومية المُفترض أن تضطلع بمهامها على شاكلة المقررات التعليمية.

في هذا السياق يمكن أن نستحضر مثلا جرائم مكافحة الإرهاب بعد فاجعة الدار البيضاء لسنة 2003، حيث إن كثيراً مما قيل من خطابات رنانة لم تحقق على أرض الواقع، ومازلنا نتابع تفريخ خلايا بسيدي مومن بالدار البيضاء، وتوالي حالات العود للراغبين في الالتحاق ببؤر التوتر ليس لوحدهم، بل رفقة زوجاتهم وأبنائهم، تبعا للقضايا الرائجة أمام محكمة الاستئناف بالرباط المختصة وطنيا في مكافحة الجريمة الإرهابية.

نتمنى أن تبادر الإدارة العامة للأمن الوطني لتدارك الخصاص الكبير في هذا المجال، ومن خلالها الحكومة المفترض أن تستفيق من سباتها العميق، لأنه يبدو أن لا خبر لديها حول الموضوع اللهم الجانب الزجري.

 

التعليقات مغلقة.