ذكرى معركة الدشيرة و جلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية محطتان وضاءتان في سجل تاريخ الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال
يخلد الشعب المغربي، وفي طليعيته أسرة المقاومة وجيش التحرير وسكان الأقاليم الجنوبية للمملكة، يوم غد الأربعاء الذكرى ال 60 لمعركة الدشيرة المجيدة، والذكرى ال42 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، استحضارا لمحطات تاريخية بارزة في ملحمة استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية، واعتزازا بفصول وأطوار مسيرة الكفاح الوطني. وأبرزت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أن معركة الدشيرة تعتبر حلقة ذهبية ترصع سلسلة الأمجاد والملاحم البطولية ، التي خاضها الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد ، دفاعا عن الوحدة الترابية التي تحققت بفضل النضال المستميت والتلاحم المكين بين العرش العلوي المنيف والشعب المغربي الأبي، والذي تكلل بالمسيرة الخضراء وإنهاء وجود الاحتلال الأجنبي بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
واضافت ان الشعب المغربي، وفي طليعته أبناء الأقاليم الجنوبية، واصل مسيرة نضاله البطولي من أجل تحرير باقي الربوع السليبة من تراب الوطن، مجسدين مواقفهم الراسخة ارتباطا بمغربيتهم وإيمانا ببيعة الرضى والرضوان الذي تربطهم بملوك الدولة العلوية الشريفة، ورافضين لكل المؤامرات التي تحاك ضد وحدة المغرب الترابية .
وتجسد معركة الدشيرة بحق معلمة بارزة في تاريخ الكفاح الوطني، ألحق فيها جيش التحرير هزيمة نكراء بقوات الاحتلال ما بين 1956 و1960، تظل ربوع الصحراء المغربية شاهدة على ضراوتها كمعارك “الرغيوة” و”المسيد” و”ام لعشار” و”مركالة” و”البلايا” و”فم الواد”.
وأمام هذه الانتصارات المتتالية لجأت قوات الاحتلال الأجنبي إلى إبرام تحالف في معركة “اكوفيون”، التي خاض أطوارها جيش التحرير بالجنوب مبرهنا على صموده في سبيل استكمال الوحدة الترابية تعزيزا للأعمال البطولية وما صنعه المغاربة من أمجاد لإعلاء راية الوطن خفاقة في سمائه وعلى أرضه بقيادة العرش العلوي المجاهد.
لقد قدم المغرب جسيم التضحيات في مواجهة المستعمر الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن وقسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب والحماية الإسبانية بالشمال والجنوب فيما خضعت منطقة طنجة لنظام حكم دولي، وهذا ما جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة وعسيرة بذل العرش والشعب خلالها تضحيات جسيمة في غمرة كفاح متواصل طويل الأمد ومتعدد الأشكال والصيغ لتحقيق الحرية والخلاص من ربقة أخطبوط الاستعمار بنوعيه والمتحالف ضد وحدة كيان المغرب إلى أن تحقق الاستقلال في 16 نونبر 1955.
ولم يكن انتهاء عهد الحجر والحماية إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر لبناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال.
وفي هذا المضمار، كانت ملاحم التحرير بالجنوب سنة 1956 لاستكمال الاستقلال في باقي الأجزاء المحتلة من التراب الوطني، حيث استمرت مسيرة الوحدة في عهد بطل الحرية والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس الذي تحقق على يديه استرجاع طرفاية سنة 1958 بفضل العزم الأكيد والإرادة القوية والإيمان الراسخ والالتحام الوثيق بين العرش والشعب وترابط المغاربة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.(
وتواصلت هذه الملحمة النضالية في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني بكل عزم وإيمان وإصرار، وتكللت باسترجاع مدينة سيدي افني سنة 1969، ثم بالمسيرة التاريخية الكبرى، مسيرة الفتح المظفرة في 6 نونبر 1975 التي جسدت عبقرية ملك استطاع بأسلوب حضاري فريد يرتكز على قوة الإيمان بالحق استرجاع الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة الوطن.
وكان النصر حليف الإرادة الوطنية، وارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976 مؤذنة بنهاية الوجود الاستعماري في الصحراء المغربية، لتتكلل الملحمة الغراء باسترجاع إقليم وادي الذهب إلى حظيرة الوطن يوم 14 غشت 1979.
ويواصل المغرب اليوم مسيرته الحضارية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، دفاعا عن مقدسات الوطن ،وانخراطا في المسار التحديثي للمغرب وفقا لمتطلبات المرحلة التي تقتضي إسهام كافة فئات الشعب المغربي في مسلسل التنمية الشاملة والمستدامة وإعلاء صروح الديمقراطية وصيانة الوحدة الترابية وتثبيت مغربية الأقاليم الجنوبية للمملكة في ظل السيادة الوطنية.
وأكدت المندوبية السامية أن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تخلد بإكبار وإجلال هذين الحدثين المجيدين، لتجدد موقفها الثابت من قضية الوحدة الترابية ، معلنة استعداد أفرادها لاسترخاص الغالي والنفيس في سبيل تثبيت السيادة الوطنية بالأقاليم الجنوبية المسترجعة ومواصلة الجهود والمساعي لتحقيق الأهداف المنشودة والمقاصد المرجوة في بناء وطن واحد موحد الأركان ، قوي البنيان ينعم فيه أبناؤه بالحرية والعزة والكرامة.
كما تثمن عاليا مبادرة منح الأقاليم الجنوبية للمملكة حكما ذاتيا تحت السيادة الوطنية، لاسيما وان المشروع يحظى بدعم المنتظم الأممي، ويعتبره المراقبون آلية ديمقراطية لإنهاء النزاع المفتعل بالمنطقة المغاربية والذي يسعى خصوم الوحدة الترابية للمملكة لتأبيده ضدا على الحقائق التاريخية التي تشهد على ان الصحراء كانت مغربية وستظل مغربية الى ان يرث الله الارض ومن عليها.
وذكرت المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، بالمناسبة بمضامين الخطاب الملكي السامي ليوم 6 نونبر 2017 بمناسبة المسيرة الخضراء المظفرة ، والذي اكد فيه جلالته ان لاحق لقضية الصحراء المغربية خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه ، ومبادرة الحكم الذاتي، مشددا جلالته على التزام المغرب ” بالانخراط في الدينامية الحالية التي ارادها الامين العام لمنظمة الامم المتحدة السيد انطونيو غوريتس، وبالتعاون مع مبعوثه الشخصي في اطار احترام المبادئ والمرجعيات الثابتة التي يرتكز عليها الموقف المغربي.
واكدت ان استحضار القضية الوطنية الاولى ، قضية الوحدة الترابية، يدعو كافة القوى الحية وسائر الاطياف السياسية والنقابية والحقوقية والشبابية والنسائية ، الى تقوية الجبهة الداخلية الوطنية ، وتعزيز التوجهات والاختيارات التنموية، التي تستجيب لانتظارات وتطلعات سائر فئات وشرائح المجتمع المغربي من اجل تحقيق اسباب رغد العيش، والتقدم الاقتصادي، والرفاه الاجتماعي في وطن ينعم فيه ابناؤه بالعزة والكرامة والرخاء والاستقرار.
وستنظم المندوبية السامية ، بالمناسبة، مهرجانات احتفالية حاشدة بكل من العيون (28 فبراير) والسمارة (فاتح مارس) وبوجدور (2 مارس) تلقى خلالها كلمات وشهادات تستحضر هذين الحدثين المشرقين في التاريخ الوطني الطافح بالمكرمات والبطولات من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية واستكمال الوحدة الترابية.
ويتضمن برنامج إحياء هاتين المحطتين البارزتين توشيح صفوة من اسرة المقاومة وجيش التحرير باوسمة ملكية شريفة ، وتكريم ثلة من قدماء المقاومين واعضاء جيش التحرير ، وتوزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسرة المجاهدة في سياق العناية الموصولة بالفئات الاجتماعية من ذوي الاحتياجات ومن هم في حالة العسر المادي.
ح/م
التعليقات مغلقة.