“زعماء من ورق” .. و”قوم” يشكل “الارق!” – حدث كم

“زعماء من ورق” .. و”قوم” يشكل “الارق!”

“حدث” وان كان في السابق زعماء حقيقيون خارج الاضواء، منهم المقاومون الذين قاوموا الاستعمار، والسياسيون المناضلون من اجل تحقيق المكاسب ، والمطالب المختلفة للوصول الى اهداف ما (…)، بمبادئهم الوطنية وبافكارهم الثاقبة، انتهاء باعيان القبائل والمناطق وغيرها، الذين كانوا يلعبون دورا مهما في التماسك الاجتماعي، ومعالجة القضايا المحلية بالتصالح والتآزر والتضامن، في غياب وسائل الاعلام، حيث انه كان شبه منعدم في مغرب  القرن الماضي، ما عدا الاعلام الحزبي الضيق “ورقيا”، والذي كان تحت الرقابة القبلية من طرف الدولة، اما باقي الزعماء فكانوا يفرضون وجودهم بمبادئهم الثابتة ، وبمكانتهم داخل المجتمع وعلى الساحة الوطنية، ان لم اقل الدولية.

هذه الشريحة من الزعماء الصناديد ، كان يحسب لهم الف حساب في أي مجال، لذلك بعدما حذفت الرقابة على الاعلام الورقي ، ارغموا الكتاب والصحافيون على تأريخ مسارهم السياسي والنضالي ، بقوة ثقل وزنهم على الساحة السياسة وغيرها، وقيادتهم احزابهم رغم قلتها آنذاك ، بحكمة وفلسفة ومبادئ متفق عليها مع القواعد ، فصنعوا احزابا وزعماء من حديد.

لكن في قرننا هذا، وفي اطار افساح المجال لحرية التعبير، وبزوغ ثورة الصحافة المستقلة او “الخاصة”، وبعدها السمعي البصري ، وانضاف اليها الالكتروني الان، تزامن هذا الانفتاح مع فتح الباب على مصراعيه في ظل قانون الحريات العامة، ليتدافع المهرولون للوصول الى مناصب “الزعماء “، منهم من اصبح عبارة عن “الة التحكم عن بعد”، ومنهم من اكتفى بوصل الايداع فقط لاغير، ليسمى زعيما ، يحضر المناسبات والموائد، ويفتح باب الدكان في الانتخابات، ليبيع ويشتري في التزكيات، ويصبح لدينا في المغرب 35 زعيما ، من ضمنهم باقي الباقيات من اوراق الخريف، لشجرة زعماء الماضي، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.

وفي ظل هذه الاجواء، اضحت الصحافة الوطنية تنبش في مسار هؤلاء الزعماء ، كما هو الشأن بالنسبة للصحافة الدولية في البلدان الديمقراطية المتقدمة ، التي تتابع عن كثب الرؤساء ، والوزراء والزعماء ، بصفتها “سلطة رابعة” ، تفضح المسكوت عنه ، وتطيح بفضائح المفسدين والراشين والمرتشين في جميع المجالات، عل وعسى ان تغني منتوجها الاعلامي المتنوع، لتتنافس عن المبيعات والسبق الصحافي، لكنها لم تجد امامها الا “اشباه الزعماء”، مع الفارق الشاسع ايضا بينهما، سواء في “المهنة” او “الزعامة”.

فاضطرت بعض المؤسسات الاعلامية في القرن الواحد والعشرين، للجوء الى صناعة “بعضهم ” ان لم اقل غالبيتهم ، لتغني “ورق الجرائد” و المجلات المتخصصة وغيرها، للاثارة او لـ”التغرير ببعضهم” كأنهم زعماء بالفعل، لانعاش مبيعاتها في السوق الاعلامي المغربي، او الحصول على الامتيازات المادية من خلال “الاشهارات” او غيره، وهذا امر طبيعي لدى المقاولات الصحفية لكي تستمر مكرهة في بعض الاحيان، او تأكل “الشوك” بافواهها احايين اخرى!.

لكن ، انقلب السحر على الساحر، فاصبحنا نحن “قوم مهنة المتاعب ” الجادة، “حيط قصير” كما يقال، في ظل “تمييع المهنة ” من طرف البعض، فتم القفز على ظهورنا من طرف من صنعناه اعلاميا، (مع التناسي طبعا) ، بعدما “وصل من وصل” الى المبتغى في غفلة من المتتبعين، و (…) وكما يقال :”العمْشة في بلاد العيور كْحل العيون” مع احترامي لذوي الاحتياجات الخاصة، ننعت في بعض الاحيان بافضع النعوت، وننْساق الى المحاكم حينما نشير الى بعض الفضائح، رغم انه “لا دخان بدون نار”، اما اذا ما اصبحنا “جدلا” مجرد وسيلة للتلميع فقط، فلم نجد ما يشفي الغليل من جهة، ونُحتقر من جهة اخرى.

وبما ان “التمييع” اصبح سياسة ، اكثر مما يسمى بـ”السياسيين”، فهذا ما حدث ! . في انتظار ما سيحدث، اقول: “اللي كنعرْفوا كْسوتو ما كيهْمناش عْراه”، وبشكل واضح “ذاكرة التاريخ لا تنسى !“، ولله في خلقه شؤون.

 

 

التعليقات مغلقة.