حكيم بن شماش: جميع النماذج التي اعتمدت على “المقاربات الأمنية” في أغلب التجارب “فشلت”في محاربة المخدرات ومعالحة الادمان! – حدث كم

حكيم بن شماش: جميع النماذج التي اعتمدت على “المقاربات الأمنية” في أغلب التجارب “فشلت”في محاربة المخدرات ومعالحة الادمان!

دعا مشاركون في ندوة وطنية، نظمت اليوم الثلاثاء بالرباط، إلى إرساء مقاربة جديدة للتصدي لآفة تعاطي المخدرات مبنية على الصحة وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة.

وأبرز المشاركون، خلال هذه الندوة التي نظمتها جمعية محاربة السيدا بتنسيق وبشراكة مع مجلس المستشارين والمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول موضوع” العقوبات البديلة وفق الانتصار لمقاربة جديدة لتعاطي المخدرات مبنية على الصحة، التنمية المستدامة وحقوق الإنسان”، انخراط المغرب في تفعيل البرنامج العالمي للتنمية المستدامة، والذي يشمل من بين أهدافه، تقوية الوقاية وعلاج اضطرابات الادمان على المؤثرات العقلية في أفق 2030، وكذا بالحركية الجديدة للمجتمع الدولي في إطار منظمة الأمم المتحدة، من أجل اعتماد مقاربة الصحة العمومية في مواجهة مشكل المخدرات. وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس المستشارين السيد حكيم بن شماش، في كلمة له، إن جميع النماذج التي اعتمدت على “المقاربات الأمنية”، في أغلب التجارب “فشلت”في محاربة المخدرات رغم “نجاعة” بعض سياسات تقليص المخاطر، مشيرا إلى أن المغرب انخرط في سياسة تقوم على إنشاء مراكز لمحاربة الإدمان ومباشرة وزارة الصحة لإنجاز برنامج وطني يستهدف هذه الفئة.

وأبرز السيد بن شماش أن مثل هذه الندوات، التي تفتح نقاشا وطنيا للنهوض بسياسات تقليص المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي المخدرات، والتعامل مع الأشخاص متعاطي المخدرات على أساس أنهم مرضى في حاجة للمساعدة والحماية وليس كمجرمين، واعتماد مقاربات تشاركية في السياسات الموجهة لمحاربة المخدرات، وغيرها من الاجراءات الوطنية لمكافحة الإدمان بالإعلام والتحسيس، تعتبر كلها مداخل مهمة.

وأضاف أن البعد القانوني، الذي هو من اختصاص المؤسسة التشريعية، يشكل أيضا مدخلا مهما، من خلال توفير ترسانة قانونية تواكب المستجدات وتوفر إجراءات ومساطر قانونية ناجعة، وتضمن احترام حقوق الإنسان للمتعاطي للمخدرات، مبرزا أن مراجعة القوانين ذات الصلة بالموضوع، ومنها بالخصوص ” ظهير 21 ماي 1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين عليها”، يعتبر ذا أولوية في إطار إصلاح القانون الجنائي، ويجب في هذا الاطار الاستفادة واستحضار الديناميات والممارسات الدولية الجيدة القائمة على تفضيل العقوبات البديلة.

كما شدد على ضرورة النهوض بترسانة الأحكام البديلة وتسهيل توجيه المتعاطين للولوج للأدوية والعلاجات المقترحة من طرف الأطباء، وضمان توجيه المتعاطين المعتقلين الذين تظهر عليهم علامات الضعف الصحي إلى التكفل الطبي بمجرد اعتقالهم، إضافة إلى العمل على التحسيس باحترام حقوقهم الإنسانية والتعامل معهم كمرضى.

من جهته، أبرز وزير الصحة السيد أناس الدكالي أنه للتصدي لهذه الآفة الصحية، اعتمدت وزارة الصحة، بتعاون مع شركائها، استراتيجية وطنية تهدف إلى توسيع شبكة التغطية فيما يخص المراكز النفسية-الاجتماعية المتخصصة في طب الادمان، وتحسين الولوج لاستشارات الطب النفسي بمؤسسات الرعاية الصحية الأولية بالنسبة لاضطرابات الادمان والأمراض النفسية المصاحبة لها، ودعم الكفاءات وبرامج التكوين المستمر لجميع العاملين والمتدخلين، وتوفير الأدوية الأساسية الخاصة اضطرابات الادمان، وكذا دعم البرامج الوقائية من الأمراض التعفنية.

وقد مكنت المجهودات التي تم إطلاقها في هذا المجال، حسب الوزير، من تحقيق عدد من الإنجازات منها إحداث 12 مراكز متخصصا في علاج الإدمان وذلك بشراكة مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن بكل من الرباط ووجدة والناظور وتطوان ومراكش والدار البيضاء وطنجة (3 مراكز) وأكادير ومكناس وفاس، وكذا إحداث مصالح استشفائية جامعية مختصة في علاج الادمان بكل من الدار البيضاء وسلا وفاس.

وأضاف أنه سيتم تعزيز هذا العرض بإنشاء مراكز ونقط استشارية متخصصة بكل من مكناس والحسيمة والعرائش والقصر الكبير وأصيلا وشفشاون، وبركان والقنيطرة، بالإضافة الى وحدات استشفائية بكل من القنيطرة وأكادير، وذلك ضمن برنامج 2018-2022 للوقاية والتكفل باضطرابات الادمان، مشيرا إلى أن المجهودات المبذولة مكنت أيضا من استقبال وتتبع حوالي 26 ألف و620 مدمن بمراكز الادمان منذ انطلاق العمل بها، 6690 منهم لايزالون يستفيدون من خدمات هذه المراكز.

وأعلن أن وزارة الصحة قامت، بتعاون مع شركائها، بإعداد مخطط وطني استراتيجي جديد للتكفل بحالات الإدمان على المخدرات للفترة 2018-2022، والذي سيتم اطلاقه قريبا، ويرتكز على مبادئ التناسق والنجاعة والكرامة، مبرزا أن هذا المخطط يهدف بالخصوص إلى إعمال تدابير وقائية تستهدف الساكنة العامة والفئات الهشة، وضمان الولوج الى العلاج الملائم لمستعلي المخدرات بالمؤسسات الصحية وبالوسط السجنى، وتطوير مؤسسات التأهيل النفسي الاجتماعي، ودعم البرامج الوطني للتقليص من مخاطر استعمال المخدرات، بما فيها بالعلاجات الاستبدالية.

من جانبه، قال رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان السيد إدريس اليزمي، في كلمة ألقيت بالنيابة عنه، إن المقاربة الجديدة للتعامل مع موضوع تعاطي المخدرات والإدمان عليها تتمثل أساسا في تغيير النظرة إلى الموضوع وفي الخروج به من دائرة الجريمة والعقاب والدخول به أكثر فأكثر في مجال الصحة والعلاج.

وشدد على أن هذه المقاربة الجديدة تندرج في صميم مسار التنمية المستدامة وتعزيزه وتقويتها على اعتبار أنه يضع الانسان في قلب اهتمامه، مبرزا أن الإدمان على المخدرات يستوجب من باب أولى العلاج وليس العقاب، بالنظر إلى الأضرار المركبة التي قد تترتب عنه سواء بالنسبة الحد من نفسه أو بالنسبة للمجتمع ككل.

وذكر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمقتضيات الدستور الذي عمل على تأصيل حقوق الإنسان وتفصيلها في شموليتها وكونيتها وعدم قابليتها للتجزئة، وخاصة الفصل 31 الذي ينص صراحة على الحق في العلاج والعناية الصحية.

يشار إلى أن تنظيم هذه الندوة الوطنية يتزامن مع مناسبة تخليد اليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي يصادف يوم 26 يونيو من كل سنة.

ح/م

التعليقات مغلقة.