في الندوة الصحافية بالرباط: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبار المدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل هو محاولة مرفوضة لإخراج المدينة من طاولة المفاوضات – حدث كم

في الندوة الصحافية بالرباط: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبار المدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل هو محاولة مرفوضة لإخراج المدينة من طاولة المفاوضات

أكد محمد أشتية، ممثل دولة فلسطين في المؤتمر الدولي الخامس حول القدس، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبار المدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل هو محاولة مرفوضة لفرض الأمر الواقع بإخراج المدينة من طاولة المفاوضات ومن قضايا الوضع النهائي التي اتفق عليها الفلسطينيون والإسرائيليون.

واعتبر السيد أشتية، في مؤتمر صحافي مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، ورئيس اللجنة الأممية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف، فودي صيك، على هامش المؤتمر الدولي الخامس حول القدس الذي تنظمه اللجنة الأممية في موضوع “القضية الفلسطينية بعد 50 عاما من الاحتلال و25 عاما على اتفاقات أوسلو”، أن “هذا القرار، الذي قوبل بإدانة دولية واسعة أراد أن يحسم بعض المواقف قبل أن توضع على طاولة المفاوضات، على الرغم من أن الفلسطينيين والإسرائيليين اتفقوا على أن مدينة القدس واللاجئين والمياه والمستوطنان والحدود والأسرى من قضايا الوضع النهائي”.

واعتبر، أيضا، أن الحرب على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) من خلال تقليص التمويل الأمريكي لها هي حرب على الذاكرة التراكمية للشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ عام 1948، مشددا على أنه لا يمكن أن تكون مبادرة في العالم لا تقول بالشرعية الدولية وبالقانون الدولي.

وفي هذا السياق، أعرب المسؤول الفلسطيني عن الأسف لكون الولايات المتحدة بدل أن تنادي برفع الحصار عن غزة انسحبت من مجلس حقوق الإنسان ومن هيئات أممية أخرى.

وأشاد السيد أشتية ب”الموقف الطيب” الذي عبرت عنه رسالة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في هذا المؤتمر الدولي، وما جاء فيها بصوت واضح وعال أن المغرب، ملكا وحكومة وشعبا، يرفض رفضا مطلقا القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

وسجل، في هذا الصدد، أن المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يرأس لجنة القدس، كان دائما سباقا إلى المبادرات الملموسة لصالح الشعب الفلسطيني، بما يشمل إحداث وكالة بيت مال القدس التي أنجزت العديد من المشاريع الملموسة بالمدينة المقدسة، وإقامة المستشفى الميداني بغزة، مشيرا إلى أن تاريخ الشعب الفلسطيني كان في معظمه مبنيا على المواقف التي قادتها المملكة من أجل فلسطين من منطلق نصرة حقوق الشعب الفلسطيني والحق والعدالة والاستناد إلى القانون الدولي والشرعية الدولية.

من جهته، ذكر رئيس اللجنة الأممية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف، فودي سيك، بأن جلالة المغفور له الحسن الثاني بادر إلى عقد مؤتمر بالرباط تمخض عن إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي حاليا)، مباشرة بعد الحريق الإجرامي الذي استهدف المسجد الأقصى في عام 1969، بالنظر إلى “التهديد الذي مثله هذا الفعل الإجرامي بالنسبة للعالم أجمع”.

وأشار السيد سيك إلى أن بلاده، السنغال، كانت من أولى البلدان التي حضرت هذا المؤتمر، وأن اللجنة الأممية التي يشرف عليها التمست، وعيا منها بضرورة التعبئة، من المملكة أن تحتضن وتواكب المؤتمر الدولي الخامس حول القدس الذي ي عقد منذ خمس سنوات بتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي.

وأكد أن المغرب والسنغال، البلدين الشقيقين المنشغلين بالقضية الفلسطينية على مختلف المستويات، يجددان دعمهما لهذه القضية من خلال المشاركة في هذا المؤتمر وفي تنظيمه.

من جانبه، قال السيد ناصر بوريطة إن انعقاد المؤتمر الدولي حول القدس بالمغرب هو تأكيد لما تحظى به المملكة، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، من مكانة ومصداقية وكذلك اهتمام جلالة الملك الخاص بالقضية الفلسطينية.

وأوضح أن “مؤتمر الرباط هو محطة إضافية ستبقى في ذاكرة هذه المدينة التي شهدت حدثين مهمين في تاريخ القضية الفلسطينية، يتعلق الحدث الأول بميلاد منظمة التعاون الإسلامي سنة 1969 هنا بالرباط، إثر إحراق بعض المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى؛ والحدث الثاني هو الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد وشرعي للشعب الفلسطيني في القمة العربية التي انعقدت بالرباط سنة 1974”.

وأكد الوزير أن “المملكة المغربية، من خلال استضافتها لهذا المؤتمر، تواصل السير على النهج الذي التزم به جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، والمتمثل في تعبئة المجتمع الدولي من أجل نصرة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”؛ مضيفا أن “صاحب الجلالة أكد اليوم، من جديد، على هذا النهج حينما دعا في رسالته السامية للمشاركين في هذا المؤتمر إلى النظر في إمكانية عقد بعض دورات هذا المؤتمر في دول خارج العالم العربي والإسلامي من منطلق رمزيتها العالمية وكونها تراثا جماعيا مشتركا يتعين على الجميع المساعدة على صونه والمحافظة عليه”.

وتابع السيد بوريطة أن “انعقاد هذا المؤتمر يأتي في سياق دولي خاص يتميز بثلاث عناصر أساسية، أولها أن القضية الفلسطينية تمر بظروف صعبة نتيجة الإجراءات أحادية الجانب وغير القانونية التي تمس الوضع القانوني للقدس الشريف برمزيته التاريخية ومكانته الخاصة عند أتباع الديانات السماوية، ويتعلق العنصر الثاني بالمخاوف من تدهور الوضع الأمني والاستقرار في الشرق الأوسط بصفة عامة في حالة لم يتم التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية وفق حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية”.

أما العنصر الثالث، يضيف الوزير، فيتعلق ب”معاناة الشعب الفلسطيني وخاصة اللاجئين الفلسطينيين بسبب تدني مستوى الخدمات التي تقدمها وكالة الأونروا نظرا لتراجع مواردها المالية، وكذا ما يعانيه سكان غزة من حصار”.

وذكر السيد بوريطة أن “مقاربة جلالة الملك محمد السادس من خلال رئاسته للجنة القدس كانت منذ البداية مقاربة ميدانية”، موضحا أن “القضية الفلسطينية ليست محتاجة إلى كثرة المؤتمرات والندوات واللقاءات بقدر ما هي محتاجة إلى حشد دبلوماسي وإلى عمل ميداني”.

واعتبر أن “خصومنا حول هذه القضية يشتغلون ميدانيا من خلال التهويد والاستيطان ولا يعقدون الكثير من المؤتمرات”.

وأكد الوزير أن “المطلوب هو تحديد مبادرات ومشاريع ملموسة؛ وهذا هو التوجه الذي سارت فيه وكالة بيت مال القدس من خلال مشاريع ميدانية مستدامة من بناء مدارس وترميم مستشفيات وإعطاء منح دراسية وكذلك مساعدات إنسانية لمواجهة أحداث طارئة”.

وذكر السيد بوريطة أن “المستشفى الميداني المغربي بغزة هو عنصر آخر يؤكد هذه المقاربة العملية التي أرادها جلالة الملك للجنة ولوكالة بيت مال القدس”، مضيفا أن “هذا المستشفى الميداني كما جاء في الرسالة الملكية جاء في سياق خاص وهو ما يعانيه المدنيون الفلسطينيون من هجمات خلال الأسابيع الأخيرة وما خلفته من جرحى ومن إصابات مختلفة”.

وتابع أن “تعليمات جلالة الملك كانت دائما واضحة لنا، وهي الحشد الدبلوماسي والوقوف مع كل المبادرات الدبلوماسية لتحريك عملية السلام، ولكن بالموازاة مع ذلك القيام بمبادرات ومشاريع ومقاربة ميدانية خاصة في ما يتعلق بالقدس لمواجهة التهديدات التي تواجهها هذه المدينة من تهويد وطمس لتاريخها ومحاولة إزالة رمزيتها”.

وعبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي عن الأمل في أن يساهم هذا المؤتمر في الإبقاء على قضية القدس ضمن أولويات أجندة الأمم المتحدة؛ وأن يساعد في تعبئة المراجع والطاقات الدولية وكل المدافعين على القانون الدولي ومحبي السلام في العالم من أجل المساعدة على التصدي لهذه الممارسات غير الشرعية؛ معربا عن أمله، كذلك، في أن يساهم المؤتمر في تجديد التواصل الموصول مع الفلسطينيين من أجل تشجيعهم على التشبث بحقوقهم والصمود فوق أرضهم وطمأنتهم لكون المنظومة الأممية والمجتمع الدولي بجانبهم ويؤمنان بشريعة وعدالة قضيتهم.

وتميزت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الذي حضره، على الخصوص، رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني، بالرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في هذا اللقاء الدولي، والتي تلاها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة.

وسينكب المشاركون في هذا المؤتمر، الذي يمتد على مدى ثلاثة أيام، على تقييم مسار أوسلو واستشراف آفاق الحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

م/ح

التعليقات مغلقة.