مهرجان وجدة للفيلم المغاربي: “نوح لا يعرف العوم”.. الإعاقة بنفس إنساني – حدث كم

مهرجان وجدة للفيلم المغاربي: “نوح لا يعرف العوم”.. الإعاقة بنفس إنساني

يحكي فيلم “نوح لا يعرف العوم” أحداثا أشبه بالرحلة وأقرب إلى السفر. عطيل طفل معاق، بلا ذراعين، يعيش مع والده نوح في قرية نائية في خمسينات القرن الماضي. ثم تتوالى الأحداث فيهربان من القرية بحثا عن أفق إنساني آخر.. أكثر رحابة.

نوح – الشخصية الرئيسية في الفيلم – لا يعرف العوم ابتداء. وهو يغري ولده بالسفر – خوفا من انتقام عطاش – قائلا إنه سيقوده إلى البحر، ثم إنه يواجه أمواجا عاتية في الطريق نحو المجهول وفي عنقه مسؤوليتان اثنتان: عطيل، ابنه المعاق وجمانة الصبية التي أريد لها أن تكبر قبل الأوان وأن يعتدى على براءتها شر اعتداء!

في القرية، يلتئم الناس في الفضاء الواسع لمشاهدة السينما. كانت فجوة صغيرة على العالم، أبعد – بلا شك – من ضفاف الوادي في ضواحي القرية حيث غرقت زوج نوح.

ما لون البحر، يا أبي؟ يسأل الصبي المعاق في براءة. أبيض وأسود، يجيب الأب كما هي الصور المعروضة على شاشة السينما.

على ضفة النهر، تنزلق زوج نوح إلى الغور العميق. ولعلها رأت، وهي تزفر النفس الأخير، صغيرها المعاق غريقا ينشب الأظافر في الحياة.. ولكن بلا يدين! في هذا المشهد تنعطف الأحداث نحو مسارات متشعبة ينتظمها سعي نوح الدائب نحو عالم أجمل، ومنتهى رجائه أن يصير مجرد ذراعين تحملان الطفل المعاق.

“يبدو أن الابن المولود بدون ذراعين لم يكن لديه مشاكل في الحياة”، يعلق مخرج الفيلم رشيد الوالي، “أما والده السليم جسديا فقد كان يعاني من الإعاقة (الحقيقية). إنها المفارقة، أعني أن الإعاقة لا تنحصر في القصور الوظيفي لعضو من أعضاء الجسد، ولكنها تمتد لتشمل جوانب عديدة”.

ويعتبر مخرج الفيلم، الذي تحدث لوكالة المغرب العربي للأنباء في أعقاب عرض الفيلم ، أمس الثلاثاء ، في مهرجان وجدة السابع للفيلم المغاربي، أن الأجوبة التي “نقدمها لقضية الإعاقة” ينبغي أن تستحضر كل تلك الجوانب المتصلة بحياة المعاق وبمحيطه.

ويقول الوالي إن الفيلم ينحو نحو البساطة، بلا تعقيد ولا تفلسف، “لأن ما يعنيني – في المقام الأول – هو الإنسان. وما يهمني هو أن تصل رسالة الفيلم في اتجاه مزيد من الاهتمام بالمعاقين. يجب أن نبحث عن هذه البساطة. أقصد عن مزيد من الأنسنة في مواجهة هذا النزوع التقني المتزايد في صناعة الأفلام”.

الفيلم، الذي أكد مخرجه أنه يستهدف الجمهور الواسع، لا المهرجانات المتخصصة فقط، أدى أدوار البطولة فيه كل من رشيد الوالي ويحيى أولي وفاطمة الزهراء بلدي وسعيدة باعدي وفاطمة عاطف وجمال الدين الدخيسي.

يذكر أن ستة أفلام طويلة واثنا عشر قصيرة تدخل غمار التنافس على الظفر بإحدى جوائز مهرجان وجدة السابع للفيلم المغاربي، الذي ينظم تحت شعار “السينما لغة العالم”.

وتنفتح هذه الدورة، التي تعرف تنظيم ندوتين علميتين و”ماستر كلاس” ولقاءات فنية مع كتاب ومسرحيين وشعراء، على تجارب سينمائية عربية من خلال استضافة السينما اللبنانية.

التعليقات مغلقة.