هل تعزز القمة الـ31 للاتحاد الافريقي بنواكشوط التزام الدول الافريقية من أجل الظفر بالمعركة ضد الفساد ؟ – حدث كم

هل تعزز القمة الـ31 للاتحاد الافريقي بنواكشوط التزام الدول الافريقية من أجل الظفر بالمعركة ضد الفساد ؟

  ادريس صبري — نواكشوط : تحتضن العاصمة الموريتانية نواكشوط يومي الأحد والاثنين أشغال القمة الـ31 للاتحاد الافريقي، التي تنظم تحت شعار “كسب المعركة ضد الفساد: مسار مستدام لتحويل افريقيا”، وهو محور يكشف مجموعة من المعطيات حول التكلفة والآثار المترتبة عن هذه الآفة التي تعيق بشكل مؤثر مسلسل التنمية في القارة. وكان رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، موسى فاكي محمد، قد سجل في افتتاح أشغال الدورة الـ33 للمجلس التنفيذي للاتحاد الافريقي التحضيرية لهذه القمة، أن “افريقيا تفقد سنويا 50 مليار دولار على الأقل ، بسبب التدفقات المالية غير المشروعة”.

من جهتها حذرت السيدة فيرا سونغوي مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، والأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، من أن الأسوء من ذلك، هو كون “الفساد يهم حوالي 70 بالمائة من الصفقات العمومية بافريقيا ويضاعف تكلفة العقود بنسب تتراوح بين 20 و30 بالمائة”. وأضافت المسؤولة الأممية، في كلمتها خلال هذه الدورة، أنه “بدون التدفقات المالية غير المشروعة، كان احتياطي الرأس المال بافريقيا سيرتفع بنسبة 60 بالمائة، كما سيرتفع الناتج الداخلي الخام للفرد بنسبة 15 بالمائة، لينتقل معدل الاستثمار الداخلي بالنسبة للناتج الداخلي الخام من 19 بالمائة إلى 30 بالمائة”. وتابعت السيدة سونغوي أمام المجلس التنفيذي للاتحاد الافريقي، أن “البنك الافريقي للتنمية أشار من جهة أخرى، إلى أن التكلفات المستترة للفساد في الصفقات العمومية تنعكس في صورة بنيات تحتية ذات جودة سيئة، بينما يمكن أن تثقل المشتريات عديمة الفائدة كاهل التكلفة الإجمالية للصفقات العمومية بنسبة 25 بالمائة”.

ومن هنا فإن إعلان سنة 2018 “سنة مكافحة الفساد” بافريقيا لم يكن وليد الصدفة. وعلاوة على ذلك، فقد تم اختيار الشعار ذاته خلال القمة الـ31 لنواكشوط. ليكون بذلك هذا الحدث الافريقي مناسبة لدق ناقوس الخطر حول المستوى المثير للقلق لهذه الآفة في القارة وإيجاد حلول لها. وكان رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي قد دعا إلى “ضرورة إطلاق مبادرة متعددة الأشكال”، مضيفا أنه” يتعين علينا تجاوز المواقف الجوفاء، لإظهار الالتزام بمحاربة الفساد”. وشدد السيد موسى فاكي محمد، أنه “إذا لم يحارب الفساد بالشكل اللازم، فإن تماسك مجتمعاتنا واستمرارية دولنا ستتأثر بشكل دائم”.

واعتبر أن” الدول الأعضاء مدعوة بشدة إلى اتخاد الاجراءات التي تستدعيها الوضعية، والاستجابة لتطلعات مجتمعاتنا إلى حكامة جيدة”. ونظرا لكون الفساد قضية مرتبطة بالحكامة أساسا، فقد دعا المغرب، خلال الدورة ال 36 للجنة الممثلين الدائمين للاتحاد الافريقي، التي انعقدت في نواكشوط، إلى تعزيز الحكامة الجيدة داخل الاتحاد الإفريقي، باعتبارها سبيلا لا محيد عنه من أجل ضمان فعالية ونجاعة العمل الإفريقي المشترك في خدمة التنمية ورفاه المواطن الإفريقي، وهو الهدف الذي يعتبره المغرب في محور جدول أعمال المؤسسة الافريقية.

وفي هذا السياق، كان الممثل الدائم للمملكة، لدى الاتحاد الافريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا قد ذكر بأن الموضوع الذي اختاره الاتحاد الإفريقي لسنة 2018 “كسب معركة الفساد .. مسار مستدام على درب تحول إفريقيا”، يسائل أجهزة الاتحاد الإفريقي من أجل السهر على التطبيق الصارم لقواعد ومساطر المؤسسة في تنفيذ مشاريعها وبرامجها.

ووعيا منه بالآثار السلبية للفساد والحكامة غير الجيدة على النسيج الاقتصادي والاجتماعي والتنمية المستدامة للدولة عموما، فقد حرص المغرب ، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على بلورة واعتماد استراتيجية وطنية شاملة ومندمجة لمحاربة الفساد.

وتشير وثيقة الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد إلى أن دستور المملكة المغربية ساهم بدوره في إعطاء زخم قوي لمسار مكافحة الفساد، وذلك عبر تعزيز حقوق الإنسان، ودور المجتمع المدني، وتعزيز مبدأ الحكامة الجيدة، والالتزام بملائمة الخدمات العمومية مع معايير الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. وكذا من خلال تعزيز مؤسسات الحكامة وجعلها هيئات دستورية، ومنها على الخصوص، الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ومؤسسة الوسيط ومجلس المنافسة، وكذا إضفاء الطابع الدستوري على حق الوصول إلى المعلومة، وتجريم المخالفات المتعلقة بتضارب المصالح، وإساءة استعمال المعلومات، واستغلال النفوذ والامتيازات، وإساءة استخدام الوضع المهيمن والاحتكار.

التعليقات مغلقة.