تدفق المهاجرين الكوبيين على بلدان أمريكا الوسطى : “أزمة إنسانية في الأفق” – حدث كم

تدفق المهاجرين الكوبيين على بلدان أمريكا الوسطى : “أزمة إنسانية في الأفق”

بنما – بقلم : هشام المساوي : مع تدفق آلاف المهاجرين الكوبيين غير القانونيين على بلدان أمريكا الوسطى، بدأت تلوح في الأفق ملامح أزمة إنسانية بعد إقدام عدد من البلدان على إغلاق حدودها في وجه المهاجرين الكوبيين الحالمين ببلوغ “الحلم الأمريكي”، حلم تحملوا من أجل تحقيقه عناء سفر شاق عبر الجو والبر والبحر.

على الحدود بالقرب من كولومبيا، يحتضن مركز الإيواء ببلدة “بويرتو أوبالديا” الذي أقامته الحكومة البنمية لاستقبال المهاجرين في ظروف إنسانية، مئات الكوبيين الذين يحلون يوميا ببنما بعد عبور أدغال الغابة المطيرة “داريين”، وتعتبر هذه البلدة بوابة المهاجرين الكوبيين نحو أمريكا الوسطى في رحلة من آلاف الأميال شمالا تصل إلى الحدود المكسيكية الأمريكية.

جل المهاجرين الكوبيين دفعتهم الظروف الاجتماعية والاقتصادية للرحيل عن بلد “العدالة الاجتماعية” بحثا عن مستقبل أفضل، وفضاء أرحب من الحريات والفرص.

ويقدر عدد المهاجرين الحاليين بـ “بويرتو أوبالديا” بحوالي 700 كوبي، ينتظرون الحصول على ترخيص من حرس الحدود ودائرة الهجرة يسمح لهم بالإقامة 7 أيام فوق التراب البنمي، وهي المدة الكافية لتنقل المهاجرين من هذه البلدة بحرا نحو مدينة “كولون”، ثم العاصمة بنما قبل التوجه نحو الحدود الغربية للبلد، إلى معبر “باسو كانواس” الذي يفصل بنما عن كوستاريكا.

وعوض قطع أقل من 200 كيلومتر تفصل جزيرة كوبا عن ولاية فلوريدا الأمريكية، يفضل الآلاف من المهاجرين الكوبيين المرور من طريق طويل وشاق، للهروب من مراقبة خفر السواحل الكوبيين والأمريكيين الذين يشددون دوريات المراقبة ببحر الكاريبي.

ويسافر هؤلاء المهاجرون جوا إلى إكوادور التي لا تفرض تأشيرة على الكوبيين، ومن هناك يقطعون الحدود نحو كولومبيا، ثم الغابة المطيرة لداريين لدخول بنما، حيث يحصلون على تصريح مرور يخولهم مواصلة السفر نحو كوستاريكا، ثم نيكاراغوا، وهندوراس، وغواتيمالا قبل دخول المكسيك والتوجه إلى الحدود مع الولايات المتحدة، وهي الرحلة التي تكلف حوالي 10 آلاف دولار للفرد الواحد.

وحسب الأرقام الرسمية للدائرة الوطنية للهجرة، يصل أزيد من ألفي مهاجر كوبي شهريا إلى بنما بطريقة غير قانونية، ووصل عدد المهاجرين إلى غاية يوليوز الماضي حوالي 9 آلاف كوبي.

على المستوى الدبلوماسي، فشل اجتماع استثنائي لوزراء خارجية نظام التكامل بأمريكا الوسطى (سيكا)، انعقد أمس الثلاثاء بسالفادور بحضور ممثلين عن المكسيك وكوبا وكولومبيا وإكوادور، في التوصل إلى اتفاق لتسوية وضعية أزيد من 3 آلاف مهاجر كوبي عالق في الحدود بين نيكاراغوا وكوستاريكا، وهذه الأخيرة وبنما من جهة أخرى.

وبرز خلاف في مواقف كل من كوستاريكا ونيكاراغوا حول طريقة معالجة هذه الأزمة ما تسبب في توقف مشاورات وزراء الخارجية، في وقت دعت الخارجية البنمية إلى “مزيد من التضامن مع الوضع الذي يعيشه المهاجرون الكوبيون، وأهمية مواجهة الوضع بشكل عاجل، باعتباره قضية إنسانية”.

ويرى العديد من المراقبين أن وتيرة الهجرة ارتفعت خلال الأشهر الأخيرة منذ الإعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين كوبا والولايات المتحدة، إذ يخشى الكوبيون أن تلغي واشنطن التعامل التفضيلي مع المهاجرين الكوبيين الذين يحصلون على وثائق الإقامة ما إن تطأ أقدامهم الولايات المتحدة، وفق قانون تسوية أوضاع المهاجرين الكوبيين المعروف باسم “أقدام مبللة .. أقدام جافة”.

وفي محاولة للتهرب من مسؤولية الأوضاع التي تدفع الكوبيين إلى مغادرة بلدهم، شددت وزارة الخارجية الكوبية في بيان صدر الأسبوع الماضي بعد ظهور الأزمة على أن المهاجرين العالقين ببلدان أمريكا الوسطى غادروا كوبا بشكل قانوني، لكنهم “تحولوا إلى ضحايا لشبكات تهريب البشر انطلاقا من أمريكا الجنوبية إلى أمريكا الوسطى والمكسيك”، موضحة أنه لن تتم متابعة المهاجرين الراغبين في العودة إلى بلدهم.

وأضافت أنها على اتصال بحكومات البلدان المعنية بهدف إيجاد “حل سريع وملائم يأخذ بعين الاعتبار حقوق المواطنين الكوبيين”، محملة إقدام السلطات الامريكية على “تسييس” قضية الهجرة، من خلال المعاملة التفضيلية للكوبيين، مسؤولية تفاقم الهجرة غير القانونية من كوبا نحو الولايات المتحدة.

ومع تعنت نيكاراغوا في فتح حدودها، ما زال الآلاف من المهاجرين حبيسي مراكز الإيواء المؤقتة بالحدود التي تفصل بلدان أمريكا الوسطى، مع تعالي أصوات تطالب بإيفاد مساعدات إنسانية والتحمل المشترك لنفقات استقبالهم، وهو ما ينذر بتفاقم الوضع في حال استمر توافد المهاجرين المغادرين لكوبا.

 

 

التعليقات مغلقة.