في السنغال: صور “مفزعة” وضرائب مرتفعة لمكافحة التدخين – حدث كم

في السنغال: صور “مفزعة” وضرائب مرتفعة لمكافحة التدخين

 عبد اللطيف أبي القاسم :  في إطار سعيها لمكافحة التدخين وتفعيل توصيات منظمة الصحة العالمية للتقليص من أضراره، عمدت السنغال إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات كان من أبرزها فرض نشر صور وعبارات “صادمة ومفزعة” على علب السجائر، وإقرار رفع في الضريبة على التبغ لجعل سعره أغلى واقتنائه أكثر صعوبة.

فعلى غلاف علب السجائر من مختلف الأنواع التي تروج في هذا البلد، تطالع مستهلك التبغ وغير المستهلك على حد سواء صورة لرجل يرقد على سرير مستشفى وأنفه موصول بأداة مساعدة على التنفس، توحي بأنه يعاني بشدة جراء استهلاك التبغ، مرفوقة بعبارات من قبيل “التدخين يؤدي إلى الموت البطيء والمؤلم”، أو “التدخين يجعلك عاجزا جنسيا وعقيما”.

هذا القرار الذي دخل حيز التنفيذ قبل حوالي سنة، جاء حسب وزارة الصحة والعمل الاجتماعي السنغالية، لتقليص نسبة الشباب الذين يتعاطون التدخين وتحذير من لم يدخل دوامته بعد من ذلك. ويفرض القرار على الشركات أن تشغل هذه الصور الصادمة 70 في المائة من حيز العلبة لتبدو بارزة للمستهلكين.

وتعليقا على هذا القرار، يقول باسيرو، الطالب في كلية الطب بدكار، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “قد يكون تأثير هذه الصور والعبارات متواضعا في صفوف المدمنين على استهلاك السجائر، لكن وقعها سيكون بالتأكيد قويا على من لم يباشروا بعد تناولها”.

ويوضح باسيرو أن “هذه الصور الصادمة تساهم بشكل أو بآخر في تشكيل وعي لدى الأجيال الصاعدة بأضرار التدخين، حيث سيكونون قناعة بأن تناول السجائر يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة، وهو ما قد يشكل نوعا من الوقاية بالصدمة”.

وتفيد آخر إحصائيات الوكالة الوطنية للإحصاء والديمغرافيا بالسنغال (سنة 2015) أن نصف مليون (6 في المائة) من البالغين يتعاطون لمنتوجات التبغ 11 في المائة منهم من الذكور، و2ر1 في المائة من الإناث.

وإضافة إلى إجراء نشر الصور الصادمة، اتخذت الحكومة السنغالية قرارا آخر في يوليوز المنصرم يتجه نحو مكافحة أكبر لاستهلاك التبغ، ويتمثل في الرفع من الضرائب المفروضة على هذا المنتوج حيث انتقلت من 45 في المائة إلى 65 في المائة، وهو ما انعكس مباشرة على أسعار السجائر في السوق التي شهدت ارتفاعا ملحوظا.

هذا القرار من جانب الحكومة السنغالية لقي ترحيبا على المستوى الوطني والإقليمي على حد سواء، حيث قالت الرابطة السنغالية لمكافحة التدخين في بيان لها إنها “تشيد بهذا القرار وتحث الحكومة على العمل بشكل دائم على اتخاذ التدابير التي قد يكون لها وقع دال على تخفيض استهلاك التبغ في بلادنا”.

من جهتها، وصفت جمعية “أكونطا” (إفريقيا ضد التدخين) البوركينابية، قرار دولة السنغال بكونه “خطوة حاسمة في مسار مكافحة التدخين في هذا البلد”، على اعتبار أنه ينقل نسبة الضريبة على التبغ من 45 في المائة إلى 65 في المائة.

واعتبرت (أكونطا) أنه إذا كان هذا الرفع في الضريبة بمثابة “خطوة متقدمة ذات دلالة مهمة”، إلا أنها “تبقى دون مستوى توصيات اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، وتوجيهات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، ذلك أن كلتا المنظمتين توصيان بتضريب بنسبة 70 في المائة من قيمة منتوجات التبغ”.

وبعدما ذكرت بأن “جميع الدراسات تؤكد أن استهلاك التبغ ينخفض مع ارتفاع سعر بيعه”، قالت (أكونطا) إنه “من المهم لدول إفريقية أخرى أن تنخرط غي هذه الدينامية التي أطلقتها الدولة السنغالية”.

الشارع السنغالي، بما في ذلك المدخنون، يبدو مقرا بوجاهة القرار، لكن ذلك لا يعني في نظره أن النتائج المرجوة ستحقق بسرعة.

ويقول السيد عبد الكريم (47 سنة) الذي يستهلك التبغ منذ 17 سنة، لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “الرفع من سعر علبة التبغ يؤثر بالتأكيد على ميزانيتي. أنا أحاول التخلص من استهلاكه، لكن الأمر ليس سهلا على الإطلاق. لا يمكنني أن أتوقف عن التدخين بشكل مفاجئ هكذا”.

من جهته، قال حسينو (39 سنة) في تصريح مماثل، “أنا مواقف على قرار الرفع من الضرائب على التدخين. وأعتقد أنه يجب أن يسري على كل السلع التي يعتبر استهلاكها من قبيل رمي المال من النافذة. إنها مكلفة لنا ماديا وصحيا”.

هذه الكلفة رصدتها دراسة أجراها (تجمع البحث الاقتصادي والاجتماعي بالسنغال) في صفوف 2001 من المرضى موزعين على 14 مستشفى عموميا في البلاد سنة 2017/2018. فقد أكدت هذه الدراسة أن الكلفة السنوية للتدخين تقدر ب122 مليار فرنك إفريقي بالسنغال.

وتتشكل هذه الكلفة، من بين أمور أخرى، من نفقات الاستشفاء (تكاليف مباشرة) التي تصل إلى 74 مليار فرنك إفريقي، والخسائر الناتجة عن الغياب عن العمل ووفيات المرضى بسبب التدخين (تكاليف غير مباشرة).

وتشير الدراسة نفسها إلى أن مداخيل الدولة من استهلاك التبغ تصل إلى 24 مليار فرنك إفريقي من ضمنها 20 مليار فرنك إفريقي كمداخيل ضريبية، و4 ملايير فرنك إفريقي كمداخيل الأنشطة المرتبطة به (رواتب عمال وأرباح تجارية)، وهو ما يجعل الكلفة السنوية النهائية التي يؤديها المجتمع السنغالي بقيمة 98 مليار فرنك إفريقي.

التعليقات مغلقة.