احمد الحليمي: ” الاستثمار في الصحة والتعليم أساسيين لقيمة الموارد البشرية داخل المغرب ” + ” الملخص الكامل لقياس الرأسمال البشري “
قال المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي، “أن المغرب يعمل منذ بداية القرن الماضي على استثمارات جد مرتفعة للدخل الإجمالي ، حيث استثمر في الرأسمال المادي ما يقارب ثلث النمو للبلاد، كما استثمر كذلك في الرأسمال البشري من خلال ما يوفره من اعتمادات التعليم والصحة على اساس هذين البعدين أساسيين لقيمة الموارد البشرية في المغرب”.
وأضاف خلال ندوة عقدها مساء أمس بالرباط، لتقديم نتائج “الدراسة حول بعض جوانب الرأسمال البشري في المغرب” أن الاستثمار في الرأسمال البشري يكوّن 6 في المائة من حيث التعليم والتكوين من الناتج الداخلي ، معتبرا إياها بأرفع المستويات عند البلدان المجاورة بـتمثيل 25 في المائة.
وأشار إلى أن الدولة تقوم باستثمار 25 في المائة ، من مجموع ما يستثمر في ميدان التعليم والصحة، يصل إلى 2.5 في المائة من ميزانية الدولة و1.4 في المائة من مجموع الاستثمار.
وأوضح الحليمي أنه بالمقارنة مع بلدان أخرى على المستوى إجماليا ، نفس المستوى مع البلدان الصاعدة، لكن على مستوى الأبعاد في الصحة والتعليم نجد اننا متأخرين، تجعل قضية إصلاح التعليم والصحة مطروحة بشكل قوي يردف الحليمي.
كما اكد على أنه لابد من إضافة مقاييس أخرى، منها التجربة والمهنية لما لها من دور أساسي في تنمية الموارد البشرية، الذي يتضح يقول الحليمي من خلال حركية الفئات الصغرى في ثلاث قطاعات توفر الشغل الهش ، كالبناء والأشغال العمومية والخدمات او لفلاحة، وهي الفئة التي تمثل أكبر نسبة على المستوى الوطني من حيث الحركية يقول الحليمي.
الحليمي ردد اكثر من مرة أن العلمية الكبيرة المقبل عليها المغرب ،هي منظومة التعليم لما لها من اهمية في عدد من الدراسات التي أنجزتها المندوبية، مؤكدا على ضرورة إجباريته لتصبح له مكانة أساسية، باعتبار أن الموارد البشرية هي الرأسمال المال الاجتماعي لتوفير تكافؤ الفرص والحد من الفوارق الاجتماعية ، والتوافق على القيم.
وانطلاق من هذا فقد خلص الحليمي إلى ان المغرب فيه مجهود كبير ،وإرادة سياسية لتغير البنيات الاجتماعية، من حيث تكثيف التوجه نحو إصلاح التعليم والصحة والمؤسسات وكذلك هناك توجه لمحاولة تنويع البنيات الاقثتصادية إلى بنيات جديدة توفر عرض شغل ذا قيمة من شأنه تنمية الإرادة في التعليم وانتاجية الموارد البشرية. بالرغم من المفارقة.
وفي ما يلي ملخص قياس الرأسمال البشري للمغرب:
“لقد تم الاعتماد في هذه الدراسة على مقاربتين لتحليل الرأسمال البشري. ترتكز المقاربة الأولى في حساب مؤشر الرأسمال البشري الذي يمكن من قياس قيمته النقدية وفق منهجية البنك الدولي(كاسيلي، 2005) ، على عدد سنوات التمدرس والمردودية الاقتصادية للرأسمال البشري والبقاء على قيد الحياة للأفراد في سن الشغل ’15 – 59 سنة’. أما المقاربة الثانية، فهي تتناول الرأسمال البشري من حيث المخزون، ومنحى التطور والتوزيع الاجتماعي، والإدماج والتجربة المهنية، والحركية الاجتماعية والتعليمية، والفوارق الاجتماعية والاستثمار، وذلك اعتمادا على مؤشرات ذات البعد الواحد، كما تم انتقاؤها من طرف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
فحسب مقاربة البنك الدولي، يتم حساب مؤشر الرأسمال البشري بدلالة عدد سنوات تمدرس الأشخاص النشيطين المشتغلين والمردودية الاقتصادية للرأسمال البشري والبقاء على قيد الحياة للأفراد في سن العمل ’15 – 59 سنة. وهو المؤشر الذي يتم اعتماده لقياس القيمة النقدية للرأسمال البشري في المغرب.
طبقا لهذه المنهجية، بلغ مؤشر الرأسمال البشري 2,983 في سنة 2013. حيث سجل ارتفاعا بنسبة 15,8٪ بين 1991 و2013 وبنسبة 4,1٪ بين 1991 و1999، منتقلا من 2,576 إلى 2,681 وبنسبة 11,3 ٪ بين 1999 و2013 ، منتقلا من 2,681 إلى 2,983. وهكذا، فما يقارب من ثلاثة أرباع منه الزيادة (74.0٪) قد تمت بين 1999 و2013.
إلا أن هذا المؤشر الذي اعتمده البنك الدولي لا يأخذ بعين الاعتبار كل أوجه المردودية للاستثمار في التعليم والتكوين والتجربة المهنية والصحة وهناك ثلاث مؤشرات أساسية تمكن من التعبير عن مخزون الرأسمال البشري وعن تطوره:
عل مستوى التربية والتكوين،
تصل نسبة السكان البالغة أعمارهم 25 سنة فما فوق والذين يتوفرون على مستوى تعليمي إعدادي أو ثانوي أو جامعي 29,9٪ في 2013. وعلى الرغم مما عرفته هذه النسبة من زيادة قدرها 37,2٪ بين 1999 و2013، فإنها لا تزال أقل من متوسط البلدان ذات مستوى متوسط في التنمية البشرية (47,5٪) وأقل بكثير من المتوسط العالمي (63,6٪).
وعلاوة على ذلك، فقد ارتفع العدد المتوسط لسنوات الدراسة لدى النشيط المشتغل بأكثر من النصف (59,3٪) خلال العقدين الماضيين، منتقلا من 3,2 في 1991 إلى 5,1 في 2013. وبالنسبة للسكان الذين تبلغ أعمارهم 25 فأكثر، يصل متوسط عدد سنوات الدراسة إلى 4,3 سنوات. في حين يصل هذا المعدل إلى 7,7 سنوات على الصعيد العالمي و إلى 4,1 سنوات في البلدان ذات تنمية بشرية ضعيفة وإلى 5,5 سنوات بالبلدان ذات تنمية بشرية متوسطة.
بخصوص الصحة،
فقد بلغ معدل البقاء على قيد الحياة بالنسبة للسكان المتراوحة أعمارهم بين 15 و 59 سنة 920 في الألف في 2013. وارتفع بنسبة 9,6٪ بين 1988 و2010 ، وهما السنتين المرجعيتين للبحثين الديموغرافيين المتكرري الزيارات. وهو معدل، على عكس مؤشرات التربية، مماثل لمتوسط البلدان ذات تنمية بشرية مرتفعة، حيث بلغ معدل البقاء على قيد الحياة فيها 880 لكل ألف في 2011.
من حيث الاستثمار في الرأسمال البشري،
فقد تضاعفت الميزانية المخصصة لقطاع التعليم العمومي تقريبا ثلاث مرات (2,9 مرة) بين 1999 و2013 وهو نفس الارتفاع تقريبا الذي عرفته الميزانية المخصصة له من طرف الأسر (2.7 مرة). مما أدى إلى ارتفاع وزن نفقات الأسر على التربية والتكوين في التكلفة الإجمالية للتربية من 16.0٪ إلى 25.1٪ . إلا أن هذا الارتفاع في نفقات التربية لم يواكبه تطور مماثل في عدد المتمدرسين الذي تضاعف 1.4 مرة بين 1999 و2013. وهذا يعني أن التكلفة التربوية للتلميذ قد ازدادت بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة، حيث تضاعفت أكثر من مرتين (2.4 مرة)، منتقلة من 5088 إلى 12062درهم للتلميذ الواحد سنويا.
وهكذا، فإن وتيرة تطور مؤشرات النتائج في مجال التربية والتكوين بين 1999 و 2013 تظل أقل بكثير من وتيرة تطور مؤشرات المدخلات مثل النفقات العمومية ونفقات الأسر. وهذا يدل على أن مردودية الاستثمار في التربية، في ظل المنظومة التعليمية الحالية، لا تواكب الارتفاع الحاصل في النفقات العمومية في هذا المجال.
في ما يتعلق بمردودية الرأسمال البشري،
إن الاستثمار في التربية والتكوين له آثار ليس فقط على دخل الأفراد وفرص إدماجهم المهني، بل يساهم أيضا بشكل كبير في تطوير أبعاد أخرى للتماسك الاجتماعي مثل الحركية الاجتماعية والتعليمية والإنصاف وتكافؤ الفرص.
وهكذا، فإن الاستثمار في الرأسمال البشري يرفع من دخل الساكنة النشيطة المشتغلة بما في ذلك فئة المأجورين، مع تحسين إمكاناتها الإنتاجية وإنتاجيتها. ففي 2013، بلغ متوسط الدخل لدى أجير يتوفر على مستوى دراسي ابتدائي نصف متوسط الراتب الذي يتقاضاه أجير له مستوى دراسي ثانوي. ويفوق دخل هذا الأخير بنسبة 40٪ دخل أجير له مستوى إعدادي. وأخيرا، يمكن لأجير ذي مستوى تعليمي عالي من الحصول، في المتوسط، على أجر يضاعف مرتين تقريبا (1.8 مرة) ما يتقاضاه أجير له مستوى تعليمي ثانوي. وفي المتوسط، تمكن الزيادة بسنة واحدة في عدد سنوات التمدرس من تحسين دخل الأجير بنسبة 9.6٪. وتتحسن هذه المردودية مع المستوى التعليمي، حيث تبلغ 0.8٪ لكل سنة في التعليم الابتدائي و2.4٪ في الإعدادي و9.6٪ في الثانوي و11.0٪ في التعليم العالي.
على مستوى الإدماج المهني،
تكون الزيادة في عدد سنوات الدراسة مصحوبة بزيادة في الشغل الناقص والبطالة ومدتها وذلك إلى حدود 12 سنة من الدراسة. وبعد ذلك، ابتداء من 13 سنة في الدراسة تتحسن فرص الشغل مع ارتفاع عدد سنوات التمدرس. في 2013، انتقل معدل البطالة من 2.3٪ بالنسبة للأفراد الذين لا يتوفرون على أي مستوى تعليمي إلى 18.2٪ بالنسبة لمن تتراوح مدة دراستهم من 10 إلى 12 سنة. في حين، يتجه هذا المعدل نحو الانخفاض ليصل إلى 16.9٪ بالنسبة للفترة الدراسية بين 17 و19 سنة. وهو نفس منحى التطور الذي يعرفه معدل الشغل الناقص.
على مستوى تكافؤ الفرص والحركية الاجتماعية،
يساهم الاستثمار في الرأسمال البشري بشكل كبير في تحسين الحركية التعليمية بين الأجيال. في 2011، تنتقل فرص الوصول إلى مستوى التعليم الثانوي أو العالي من 11.7٪ بالنسبة للأفراد الذين لم يتردد آباؤهم نهائيا على المدرسة إلى 89.6٪ بالنسبة للذين يتوفر آباؤهم على مستوى تعليمي عالي.
إن نتائج هذه المعاينة تكتسي أهمية بالغة، لاسيما وأن التعليم والتجربة المهنية تشكلان عاملين حاسمين في الارتقاء الاجتماعي. ذلك أن الحظوظ التي يتوفر عليها شخص نشيط له مستوى التعليم الأساسي لبلوغ مكانة اجتماعية أفضل من أبيه تفوق بأزيد من مرة ونصف (1.6 مرة) نظيره “بدون مستوى دراسي”. ويرتفع مستوى منه الحضوض إلى 4.6 مرات بالنسبة للمستوى التعليمي الثانوي وإلى 16.2 مرة بالنسبة للمستوى التعليمي العالي.
وباختصار، يمكن الارتفاع بسنة واحدة في عدد سنوات الدراسة من تحسين فرص الارتقاء الاجتماعي بنسبة 13.7٪ ، في الوقت الذي تساهم الزيادة بسنة واحدة في التجربة المهنية في تعزيز فرص الحركية الاجتماعي التصاعدية بنسبة 12٪.
الفوارق الاجتماعية في مخزون الرأسمال البشري وتوزيعه الاجتماعي،
إن التوزيع الاجتماعي للرأسمال البشري المعبر عنه بعدد سنوات الدراسة لدى الساكنة البالغة أعمارها 25 سنة فما فوق، يتسم بفوارق اجتماعية أكبر من دخل الأسرة (قيمة مؤشر جيني هي 0.6327 و 0.4679 على التوالي). ويستحوذ السكان الحضريون (حوالي 60٪ من السكان) على 83.4٪ من الرأسمال البشري والرجال على 60٪ منه.
فخلال الفترة الممتدة بين 1999 و2013، عرف متوسط عدد سنوات الدراسة ارتفاعا بنسبة 31.4٪ على الصعيد الوطني. وقد سجل أعلى ارتفاع له في صفوف الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و29 سنة (35.2٪) والنساء (48.2٪) وساكنة العالم القروي (54.8٪)، فيما بلغت نسبة الارتفاع 23.8٪ بالنسبة للرجال و23.2٪ بالنسبة للساكنة بالوسط الحضري. وهذا يعني أن النساء وساكنة العالم القروي تشكل مصدر إمكانات مهمة لمراكمة الرأسمال البشري، وبالتالي تعزيز الرأسمال غير المادي لبلادنا، مما يمكن من الحد أكثر من التفاوتات في مستويات التربية”.
ولنا عودة لباقي التقارير.
ف، بلعسري
التعليقات مغلقة.