“الحزام والطريق”.. مشروع كوني برهانات استراتيجية متعددة بالنسبة لإفريقيا – حدث كم

“الحزام والطريق”.. مشروع كوني برهانات استراتيجية متعددة بالنسبة لإفريقيا

أبانت الصين، خلال السنوات الأخيرة، عن انفتاح كبير على العالم، وخاصة افريقيا، وأبدت طموحات كبيرة لتصدر وريادة المشهد الاقتصادي والتجاري على المستوى العالمي بفضل مشاريع عملاقة، وفي مقدمتها الورش الرائد لمبادرة “الحزام والطريق”.

ويهدف هذا الورش الكبير، الذي اقترحه الرئيس الصيني شي جين بين في عام 2013، إلى إعادة الحياة لطرق الحرير القديمة وتهيئة أخرى جديدة ذات أبعاد اقتصادية، في شتى أنحاء العالم.

كما تروم هذه المبادرة، التي يطلق عليها باللغة الصينية “يداي ـ يلو” أي “الحزام والطريق”، إلى إقامة شبكات تجارية وبنيات تحتية، من شأنها أن تربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، وتتخذ من طريق الحرير القديمة معبرا لها.

وتوجد إفريقيا في قلب هذا المشروع الشامل الذي ي نتظر منه أن يغطي ما يناهز ربع الاقتصاد العالمي، ويستهدف أزيد من 63 في المائة من سكان العالم. كما يستهدف المشروع، ببعده الجيو- اقتصادي 60 بلدا، انطلاقا من طرق وممرات برية وأخرى بحرية.

وقد استثمرت الصين في هذا المشروع أزيد من 50 مليار دولار، وقامت ببناء 56 منطقة اقتصادية، وهو ما يدل على الانخراط الكامل لهذا البلد في العولمة العابرة للحدود، إلى جانب استثمارها 220 مليار دولار بين سنتي 2016 و2017 من أجل بناء 2200 ممر جديد في الغرب، وأيضا في كازاخستان والتبت والنيبال، إلى جانب تكفلها بتمويل خطوط للسكة الحديد للقطار فائق السرعة في أوروبا الوسطى، تربط بين بلغراد وبودابيست.

أما بالنسبة لإفريقيا، فإن هذا المشروع العملاق ذي المنفعة المتبادلة سوف تكون له امتدادات في مجالات عديدة؛ تشمل السياحة والبنيات التحتية وتكوين وتأهيل الموارد البشرية، ونقل الخبرات والتكنولوجيا.

كما أن افريقيا توجد في صلب اهتمامات الفاعلين الاقتصاديين الصينيين، وخاصة بفضل نسب النمو المرتفعة التي تحققها بعض دولها، وآفاق التنمية الواعدة والمثمرة في آن واحد .

وفي ما يخص توافد السياح الصينيين على القارة السمراء، فإن الأرقام المتوفرة تؤكد بالملموس أن أعداد السياح عرفت خلال السنوات الأخيرة تزايدا مطردا، حيث تم تسجيل أزيد من 11 مليون رحلة في اتجاه إفريقيا خلال سنة 2016، أي بنسبة 10 في المائة من الصينيين الذين يسافرون إلى خارج البلاد، مقابل 3 في المائة سنة 2008.

وتؤكد هذه المؤشرات أن القارة الافريقية أضحت وجهة مفضلة لدى السياح الصينيين، وذلك بفضل سهولة الحصول على تأشيرات الدخول إلى بلدانها، ومبادرة “الحزام والطريق”.

وعلاقة بمجال مكافحة الفقر والتنمية البشرية في إفريقيا، يتجسد التعاون الصيني ـ الافريقي، في إطار هذه المبادرة، من خلال نقل الصناعات التحويلية، وتوجيه الاستثمارات الى مجال التنمية الفلاحية وإحداث البنيات التحتية. كما أن تكوين العنصر البشري يشكل، الى جانب التكنولوجيا والاستثمارات والمعدات، مجالا حيويا على مستوى التعاون الرامي إلى التخفيف من حدة الفقر.

ومن شأن إقامة منتدى للتعاون الصيني ـ الافريقي، الذي ستحتضن العاصمة الصينية بيكين دورته ال 18 في مستهل شهر شتنبر المقبل، أن يدعم ويعزز هذا التعاون المثمر بين الصين و إفريقيا.

وبحسب وانغ يي، مستشار الدولة، وزير الشؤون الخارجية الصيني، يكون “هذا المنتدى الذي تأسس قبل 18 سنة، قد ساير تطورات القرن الجديد، وواكب تنامي التعاون الصيني-الإفريقي”، مضيفا أن “هذا الملتقى أضحى أرضية منطلق سمتها البارزة المساواة والبرغماتية الواقعية والفعالية، وترتكز على أساس مبدأ التشاور والتعاون من أجل تبادل منافع مشتركة”.

وأضاف المسؤول الصيني أن “التعاون في إطار هذا المنتدى أسفر عن نتائج مثمرة، معترف بها من قبل الجميع وتحظى بإشادة كل الشعوب الإفريقية واستحسان المجتمع الدولي”.

وخلال الثلاث سنوات الأخيرة، تعززت العلاقة بين الصين وإفريقيا من خلال تبادل العديد من الزيارات على أعلى مستوى، حيث قام الرئيس شي جين بين بثلاث جولات في القارة الإفريقية، بينما زار الصين حوالي 30 رئيس دولة وحكومة من إفريقيا، أو حلوا في بكين في إطار مشاركاتهم في لقاءات ومؤتمرات كانت مسرحا لها. وخلال الشهر الماضي، قام الرئيس جين بين بزيارة رسمية للسنغال، وهي الزيارة الثانية من نوعها لقائد صيني لهذا البلد الإفريقي، قبل أن يتوجه الى رواندا وإفريقيا الجنوبية.

وكانت تميزت زيارة الرئيس الصيني الى السينغال بتوقيع اتفاقيات ثنائية في قطاعات العدل والبنيات التحتية والطيران المدني. وتمثل الصين، بالنسبة للسنغال، وهو البلد الذي يتطلع بقوة إلى بلوغ أهداف التنمية في أفق 2030، بفضل “مخطط السنغال الصاعد “، ثاني شريك اقتصادي بعد فرنسا، بحجم مبادلات تجارية تقدر بـ 2 مليار دولار خلال سنة 2016، بحسب أرقام رسمية.

ومن جهة أخرى، بلغ حجم الاستثمارات الصينية في السنغال إلى غاية متم 2017، نحو 320 مليون دولار، فيما استثمرت الصين بشكل مباشر، خلال نفس السنة، 110 مليون دولار، مسجلة ارتفاعا قدره 120 في المائة مقارنة مع 2016.

وفقا لهذه المعطيات، بات من المؤكد أنه بوسع إفريقيا الاستفادة بشكل كامل من مبادرة “الحزام والطريق”، والتحول الى قاطرة جديدة للنمو وإنعاش الاقتصاد العالمي، شريطة تظافر الجهود والإرادات من أجل خلق الثروات والنهوض بفرص الشغل في قارة يشكل الشباب أبرز مؤهلاتها.

رشيد معبودي:ومع/حدث

التعليقات مغلقة.