الشرقي الضريس في المنتدى البرلماني الدولي: "أن التهديدات الإرهابية لن يكون لها أي تأثير على الإرادة القوية للدولة المغربية في تكملة مسار الإصلاح الديمقراطي ومواصلة تنزيل الأوراش الكفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية" | حدث كم

الشرقي الضريس في المنتدى البرلماني الدولي: “أن التهديدات الإرهابية لن يكون لها أي تأثير على الإرادة القوية للدولة المغربية في تكملة مسار الإصلاح الديمقراطي ومواصلة تنزيل الأوراش الكفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية”

20/02/2016

اكد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، السيد الشرقي الضريس، اليوم السبت بالرباط، في كلمته امام المنتدى البرلماني الدولي حول العدالة الاجتماعية، المنعقد منذ امس الجمعة بمجلس المستشارين، والذي استمر الى غاية اليوم السبت، ” ان اختيار موضوع العدالة الاجتماعية ، يجسد التزام مجلس المستشارين بتفعيل دوره كمؤسسة تشريعية في ترسيخ قيم الإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص باعتبارها مرتكزات أساسية لا مناص من اعتمادها كشرط جوهري لأجرأة مفهوم العدالة الاجتماعية وتبنيه في مختلف السياسات العمومية” ، مؤكدا بأن “اهتمام هذه المؤسسة بالبحث في السبل الكفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية يوازيه نفس الاهتمام لدى وزارة الداخلية كقطاع حكومي له من الصلاحيات ما يؤهله للمساهمة رفقة باقي القطاعات الحكومية في تحقيق هذا الهدف المنشود”،  وجاء في كلمته ما يلي:

“لقد خطى المغرب خطوات كبيرة في مسلسل البناء الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية، وذلك عبر إطلاق مجموعة من المبادرات الاستراتيجية والإصلاحات الهيكلية التي باشرها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين على جميع الأصعدة السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية.

وقد كانت المؤسسة الملكية كعادتها سباقة إلى بلورة الحاجة لتجربة إضافية للإصلاح نحو خطوة عملية تحددت معالمها في الخطاب الملكي التاريخي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعز الله أمره إلى شعبه الوفي بتاريخ 9 مارس 2011، والذي أدخل بلادنا مرحلة جديدة ومتميزة لتسريع استكمال بناء مغرب الديمقراطية، والارتقاء به إلى مصاف الأنظمة المتقدمة ديمقراطيا وسياسيا وحقوقيا.

ولابد هنا من التأكيد على أن المبادرة الملكية السامية اندرجت في سياق مسار إصلاحي وتحديثي وتنموي ثابت ومتوازن، يقوده جلالته بكل حكمة، ويشمل كافة الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي إصلاحات كان لها أثر كبير في إبراز معالم التحديث والتنمية الشاملة القائمة على تحقيق العدالة الاجتماعية التي انخرطت فيها المملكة وزادتها رفعة وإشعاعا وتميزا على الصعيد الدولي.

وما يزيدنا اعتزازا بهذا النسق الإصلاحي، أن دستور 2011 شكل حلقة وصل داخل مسار متواصل للبناء، وعنوانا كبيرا يؤسس لمستقبل المغرب والمغاربة ويمهد الطريق أمام جيل جديد من الإصلاحات أكثر عمقا وتجاوبا مع نبض الشعب المغربي.

إن المغرب والحمد لله له من التجربة والتراكمات ما يجعله مرجعا في مجال التطور الديمقراطي بالمنطقة، ونموذجا يحتذى به، حيث أن العديد من الدول تسعى إلى الاستفادة من التجربة المغربية المسايرة لمتطلبات العصر و المنفتحة على روحه.

من هذا المنطلق، فإن المغرب ماض بجميع مكوناته المؤسساتية والمجتمعية وبتراكماته السياسية في طريق تكريس الخيار الديمقراطي كواحد من الثوابت الأساسية للمملكة، وباعتباره خيارا لا رجعة فيه من أجل استكمال بنائه الديمقراطي وفق الخصوصية المغربية التي اثبتت نجاعتها في ضمان الاستقرار الذي تنعم به بلادنا.

إن تنظيم هذا المنتدى يعد بادرة إيجابية للوقوف على المكتسبات التي تم تحقيقها، واستجلاء النقائص والتحديات الواجب رفعها، للرقي بمستوى العدالة الاجتماعية ببلادنا.

فمنذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده عرش أسلافه الميامين، عرفت المملكة إصلاحات شاملة ونوعية احتل فيها موضوع العدالة الاجتماعية مكانة جد هامة، حيث جعل جلالته حفظه الله المواطن في صلب اهتماماته الدائمة.

ومن هذا المنطلق، أفرد دستور فاتح يوليوز 2011 مجموعة من المقتضيات تجعل الدولة مسؤولة عن توفير الحرية والكرامة للمواطن وضمان عيشه الكريم في ظل عدالة اجتماعية.

لقد دشن المغرب عددا من الأوراش الاجتماعية الكبرى بعناية وتتبع مباشر من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. ويأتي على رأس هذه الأوراش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تشكل خير تجسيد للنموذج المجتمعي الذي تعتمده بلادنا، المرتكز على قيم التضامن والتماسك الاجتماعي.

لقد مكن هذ الورش الملكي منذ انطلاقه من تحقيق انخفاض سريع لنسبة الفقر بالجماعات القروية المستهدفة، كما مكن من تحسين ظروف عيش الساكنة وذلك بفضل تعبئة إمكانيات مالية هامة تقدر ب 36.7 مليار درهم خلال العشر سنوات الأخيرة، شكلت مساهمة المبادرة فيها 23.5 مليار درهم.

وبفضل هذه التدابير تم تأهيل قدرات مراكز الاستقبال وخاصة المتخصصة منها في تقديم المساعدة للأشخاص في وضعية صعبة. كما ساعدت هذه الجهود آلاف المواطنين الذين يعانون من الهشاشة والفقر والإقصاء على الارتقاء بأوضاعهم الاجتماعية وتحسين مستوى عيشهم وتوفير الوسائل الكفيلة لتحقيق اندماج سوسيو-اقتصادي أمثل لهم.

إن الحديث عن السياسات المندرجة في إطار تحقيق العدالة الاجتماعية ببلادنا لا يكتمل دون الإشارة إلى نظام المساعدة الطبية راميد، باعتباره أحد الاوراش الاجتماعية الكبرى التي أعطى انطلاقتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، والذي يتوخى من خلاله استهداف الفئات المعوزة وتمكينها من الحصول على تغطية صحية أساسية والاستفادة من مجانية العلاجات الطبية المقدمة لهم في المستشفيات.

وفي نفس سياق الأوراش الهادفة إلى إرساء مبادئ العدالة الاجتماعية، فقد تم الحرص على تحقيق مبدأ المساواة عبر إنصاف النساء في ميدان أراضي الجموع.

والأكيد أن هذه الأوراش مجتمعة تشكل رافعة تنموية تبرز مدى حرص وزارة الداخلية على المساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية، إلى جانب برامج الحكومة التي تخصص أكثر من 55% من الميزانية العامة للدولة لفائدة البرامج الاجتماعية.

إن من أوجه تحقيق العدالة الاجتماعية سعي المغرب إلى تنزيل ورش الجهوية الموسعة الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في خطابه الملكي السامي الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين للمسيرة الخضراء المظفرة بتاريخ 6 نونبر 2008. وهو الورش الذي سيمكن من تحقيق نمو متكامل يشمل مختلف الجهات الترابية في المملكة.

إن الحديث عن موضوع العدالة الاجتماعية يدفعنا إلى استحضار الأوضاع الإقليمية التي تعيشها عدد من البلدان العربية، والمتسمة بعدم الاستقرار، مما يؤثر لا محالة على وضعية المواطنين في هاته البلدان ويجعلهم في حاجة إلى الأمن قبل تطلعهم إلى تحقيق مكاسب اجتماعية.

فمن شروط تحقيق العدالة الاجتماعية توفير أمن الفرد في المجتمع. والمغرب والحمد لله، وبفضل المجهودات الأمنية المبذولة، يشكل نموذجا يحتذى به داخل سياق إقليمي محفوف بالمخاطر الأمنية، مما يجعل المواطن المغربي وكذا الأجانب المقيمين والزائرين في منأى عن كل تشويش قد يهدد أمنهم وأمانهم.

وأود التأكيد في هذا السياق بأن المغرب واع كل الوعي بأن مسلسل التنمية الذي تشهده بلادنا على جميع المستويات يحتاج بشكل متواصل إلى بيئة أمنية من شأنها المساهمة في توفير عوامل الاستقرار المطلوب. وهو الأمر الذي يحتاج إلى جهود متواصلة بالنظر للتحديات الأمنية التي تعيشها بلادنا على غرار باقي دول العالم، لا سيما ما يتعلق منها بالأخطار الإرهابية.

والأكيد أن هذه التهديدات الإرهابية لن يكون لها أي تأثير على الإرادة القوية للدولة المغربية تجاه تكملة مسار الإصلاح الديمقراطي ومواصلة تنزيل الأوراش الكفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية”.

 

 

التعليقات مغلقة.