نزهة الوافي: المغرب أطلق العديد من المبادرات الرامية إلى إرساء أنظمة بيئية مائية وتطوير اقتصاد أزرق مستدام – حدث كم

نزهة الوافي: المغرب أطلق العديد من المبادرات الرامية إلى إرساء أنظمة بيئية مائية وتطوير اقتصاد أزرق مستدام

قالت كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة السيدة نزهة الوافي اليوم الإثنين بمراكش، إن المملكة المغربية أطلقت، في إطار دينامية التعاون حول تدبير المياه العابرة للحدود، العديد من المبادرات الرامية إلى إرساء أنظمة بيئية مائية وتطوير اقتصاد أزرق مستدام.

وأوضحت في كلمة افتتاحية للمؤتمر التاسع حول المياه الدولية لصندوق البيئة العالمي، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن المغرب أطلق العديد من هذه المبادرات من مراكش أثناء قمة المناخ “كوب 22” كمبادرة الحزام الأزرق للصيد المستدام بإفريقيا، والمبادرة المتعلقة بالماء لإفريقيا، وذلك بهدف تسهيل وتشجيع تطوير اقتصاد مستدام، من خلال برامج مندمجة وتضامنية بشراكة مع جميع الجهات المعنية.

كما أطلق المغرب أيضا منذ سنين، تضيف السيدة الوافي، جائزة الحسن الثاني للماء من أجل مكافأة وتتويج الأعمال المبتكرة والمبدعة في تدبير الموارد المائية عالميا، موضحة أن المملكة المغربية، التي تتوفر على أزيد من 3500 كلم من الساحل، يولي عناية خاصة لقضية البحر والساحل وذلك تماشيا مع توجهات الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، التي تطمح إلى الانتقال إلى اقتصاد أخضر ومدمج في أفق 2030 عبر مجموعة من الإجراءات على المستوى السياسي، والمؤسساتي، والقانوني، والمالي.

وذكرت السيدة الوافي، في هذا السياق أنه من الناحية القانونية، إضافة إلى الترسانة القانونية المعتمدة في مجموعة من المجالات البيئية، تمت المصادقة مؤخرا على قانون الساحل بهدف حماية وتثمين هذه المنظومة الايكولوجية لضمان توازن وديمومة وظائفه المتعددة.

كما تم وضع برامج طموحة للتأهيل، والمراقبة واليقظة البيئية في إطار إرادة سياسية حقيقية، من ضمنها تلك التي تتوخى تقليل التلوث مع خلق قيمة مضافة وفرص عمل خضراء (البرنامج الوطني لتطهير السائل، برنامج مراقبة جودة مياه الشواطئ، وبرنامج مراقبة جودة رمال الشواطئ)، فضلا عن كون المغرب انخرط بشكل جدي في الجهود الدولية لمكافحة التلوث البلاستيكي، لاسيما في المجال البحري، والذي اختير هذا العام كموضوع لليوم العالمي للبيئة، من خلال اعتماد قانون بشأن حظر الأكياس البلاستيكية، ووضع برنامج طموح لتطوير منظومات لتدوير النفايات في إطار تشجيع الاقتصاد الدائري مع تخصيص منظومة لتدوير النفايات البلاستيكية يتم تمويلها من خلال ضريبة إيكولوجية.

ومواكبة لهذه البرامج الوطنية، تقول السيدة الوافي، تم وضع عدة تدابير وإجراءات تحفيزية من خلال إنشاء الصندوق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وتقديم الدعم المالي والتقني لمشاريع البحث العلمي والابتكار في التكنولوجيات النظيفة وعلى مستوى العملي.

وأشارت إلى أن القطاع الخاص قد انخرط في هذه الدينامية وذلك وعيا منه بالرهانات البيئية خصوصا التي تتعلق بالماء والتغيرات المناخية التي قد تواجهها المقاولات في المستقبل، مذكرة في هذا الإطار، أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، قام بإطلاق مبادرة “كوالما” وهو برنامج تشاركي مع مختلف الفاعلين حول المحافظة على الماء.

وبعد أن ذكرت بأن المنظومة الايكولوجية للمياه العذبة والبحرية التي تعتبر ضرورية للحياة، تعاني كثيرا من آثار التنمية السوسيو-اقتصادية المرتبطة بالنمو الديمغرافي، التصنيع، الصيد الجائر وكذلك الأنماط الغير الملائمة في الإنتاج والاستهلاك، أكدت السيدة الوافي أنه من المرجح أن تتفاقم هذه التأثيرات مع ظاهرة التغيرات المناخية مما قد يؤدي إلى خسارة تدريجية للرأس المال الطبيعي والحد من قدرته على الاستجابة لحاجيات الأجيال الحالية والقادمة.

وأبرزت أنه على الرغم من الجهود المبذولة من جميع الفاعلين وطنيا، فإن رهانات التنمية المستدامة لفائدة المحيطات والبحار لازالت كبيرة، والتحديات التي يجب مواجهتها لا تقل أهمية خاصة مع النقص المتزايد الذي يعرفه العالم في الموارد الطبيعية.

وأمام هذا المعطى، تؤكد الوزيرة، أصبح من الضروري العمل وبدون انتظار على حماية الثروات البحرية، خاصة أن 70 في المائة من هذه الموارد ما زالت لم تستكشف بعد، مع التحلي بالقدرة على اتخاذ القرارات اللازمة فيما يتعلق بنماذج التنمية الرامية إلى تثمين هذه النظم الإيكولوجية في إطار مقاربات مندمجة تشرك كل الفرقاء المعنيين، والتعاون على جميع المستويات بعيدا عن الحدود السياسية لمواجهة التهديدات المختلفة للنظم البيئية الساحلية والبحرية.

وأوضحت السيدة الوافي ، في هذا الإطار، أن صندوق البيئة العالمي يدعم عددا من البلدان في القارة الافريقية، وذلك في إطار البرنامج الكبير للنظم البيئية البحرية لتيار الكناري وذلك قصد تعزيز التعاون جنوب-جنوب، والحوار من أجل حكامة مستدامة في مجال الصيد.

من جهته، أعرب مدير برنامج المياه الدولية بصندوق البيئة العالمي السيد كريستيان سيفيرين، عن تشكراته للمملكة المغربية التي تحتضن هذا المؤتمر الهام، الهادف إلى تعزيز العمل الجماعي والتعاون الدولي المتعدد الأطراف من أجل المحافظة على المياه الدولية، وضمان أفضل تدبير لهذه الموارد الحيوية.

واعتبر في هذا السياق، أن الدورات التكوينية والورشات والموائد المستديرة التي ستنظم بهذه المناسبة، ستمكن من التبادل المثمر والبناء للتجارب والخبرات والمعرفة، خاصة العلمية والتقنية الجديدة، بين المشاركين الذين يمثلون عدة بلدان مهتمة بهذه الاشكالية، فضلا عن نقاشات حول القيمة المالية لمشاريع صندوق البيئة العالمي حول المياه والمحيطات.

وأبرز أهمية وضع استراتيجية محكمة للتواصل خارج المجتمع العلمي، حتى يتسنى التعبئة الجيدة لمختلف مكونات المجتمع حول أهمية التحديات التي يواجهها كوكب الأرض في مجال تدبير الموارد المائية واستدامتها، وذلك من أجل ضمان مستقبل أفضل لفائدة الأجيال الصاعدة.

من جانبه، أكد الأمين التنفيذي للجنة أوسيانوغرافيا للحكومات الدولية التابعة لمنظمة اليونسكو، السيد فلاديمير ريابينين، على أهمية هذا المؤتمر الذي يشكل “مرحلة محورية” في إطار الجهود الهادفة إلى وضع نظام مستدام لتدبير المياه الدولية، مشددا على الدور الكبير الذي يلعبه صندوق البيئة العالمي في التدبير المعقلن لحجم المياه المشتركة والمشاكل التي تفرزها بين عدة بلدان.

وأشار إلى أن هذا التدبير يبقى غير كاف وجزئي، معتبرا أن هذه الوضعية تطرح تحديا كبيرا لمختلف المشرفين على تدبير هذه المياه، مما يعكس أهمية هذا النوع من اللقاءات الرامية إلى تعزيز التبادل والتعاون على المستوى الدولي في هذا الميدان.

وأبرز السيد فلاديمير ريابينين أهمية مساهمة العلماء والباحثين من أجل تدبير أمثل للمياه الدولية، مؤكدا على ضرورة العمل سويا لضمان تدبير ناجح لكافة هذه المياه لفائدة التنمية الكونية.

وارتباطا بالمهام التي تضطلع بها لجنة أوسيانو غرافيا التابعة للأمم المتحدة، أوضح المسؤول انخراط وتعبئة هذه اللجنة لدعم الجهود المبذولة والأنشطة المنجزة من قبل صندوق البيئة العالمي في هذا المجال، بهدف الحرص على تقدم وتقاسم المعارف والتجارب والوصول إلى حلول ناجعة لتحسين مردودية القيمة المالية لمشاريع صندوق البيئة العالمي في إطار برنامجه المتعلق بالمياه الدولية والعابرة للحدود.

تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر التاسع حول المياه الدولية لصندوق البيئة العالمي، المنظم إلى غاية 8 نونبر الجاري، سبقه تنظيم المشاورات السنوية البحرية العشرين يومي 03 و04 نونبر الجاري بمتحف الماء بمراكش.

ويشكل هذا المؤتمر، الذي ينظم تحت إشراف صندوق البيئة العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو)، وبالتعاون الوثيق مع كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، فرصة لإبراز ريادة المغرب من خلال عرض تجاربه وتقدمه المحرز في مجالات البيئة والتنمية المستدامة.

ويشارك في هذا المؤتمر حوالي 350 مشاركا يمثلون حكومات أكثر من 80 دولة بما في ذلك البلدان الإفريقية، والأطراف المستفيدة المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية، وكذا وكالات التنفيذ لصندوق البيئة العالمي (البنك الدولي، البنك الإفريقي للتنمية، المنظمة العالمية للتغذية والزراعة، برنامج الأمم المتحدة للتنمية…).

ويهدف المؤتمر التاسع إلى تشجيع وتسهيل تبادل الخبرات والمعارف بين مختلف القطاعات، كما سيتيح التشاور بين أعضاء شبكة المياه الدولية حول التحديات الجديدة في هذا المجال.

وتنظم في هذا الإطار دورات تكوينية تهم القضايا المتعلقة بتعبئة القطاع الخاص، وكذا الجوانب المرتبطة بتنفيذ المشاريع حول المياه الدولية.

كما تنظم خلال المؤتمر ورشات عمل وموائد مستديرة موجهة، وستبين هذه الآليات المساهمات الملموسة لمشاريع صندوق البيئة العالمي في التدبير القائم على النظم البيئية للمجالات المائية المشتركة.

تجدر الإشارة إلى أن مؤتمر المياه الدولية لصندوق البيئة العالمي يعقد مرة كل سنتين، ويمكن من إتاحة الفرصة لتبادل الخبرات المتعلقة بإدارة المشاريع في مجال المياه والمحيطات ومناقشة الأولويات الناشئة في هذا المجال وتحسين الأداء العام لتدبير مشروعات صندوق البيئة العالمية كجزء من برنامجه الاستراتيجي للمياه الدولية.

ح/م

التعليقات مغلقة.