عندما ينساق أمين عام أممي وراء السراب ويأتي بكلام لم يسبقه إليه أي من الأولين – حدث كم

عندما ينساق أمين عام أممي وراء السراب ويأتي بكلام لم يسبقه إليه أي من الأولين

بقلم : هشام الأكحل ـ بوينوس أيريس : أن ينساق الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وراء أطروحة الوهم والسراب، تؤكد بما لا شك فيه أنه تغاضى عن الحقيقة الواضحة وضوح الشمس، وهي أن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

أمين عام لهيئة أممية يأتي بكلام وتوصيف لم يسبقه إليه أي من الأولين، فأن يقول بعظمة لسانه أن المغرب بلد “احتلال” فذلك يعني أنه فقد بوصلة الحياد وخرج عن جادة الصواب، واختار أن يختم ولايته على نحو عبثي .. قد يكون لهكذا خرجة ما بعدها، خاصة على مستوى الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي ونهائي لنزاع مفتعل حول سيادة المغرب على صحرائه.

ألم يكن حريا بالأمين العام الأممي، في جولته الأخيرة بالمنطقة، أن يتحلى بالموضوعية والحياد، ويواصل القيام بجهود الوساطة من أجل لم أطراف هذا النزاع حول طاولة الحوار، على أساس منطق الحكمة والعقل، المتمثل في مبادرة الحكم الذاتي التي حرك بها المغرب جمود مياه آسنة منذ عقود، وقدم البديل الحقيقي لأطروحات انفصالية عفا عنها الزمن .. وهي المبادرة التي وصفتها المجموعة الدولية بالجدية وذات المصداقية والقابلة للحياة.

ألم يكن الأجدى أن يستحضر ويتمثل صوت الحكمة في منطوق المبعوث الأممي السابق للصحراء، بيتر فان والسوم، عندما أكد، قبل ثمان سنوات، على أن خيار الاستقلال”، الذي تدعو إليه “البوليساريو” والجزائر “غير واقعي” و”غير قابل للتطبيق”، بدل الانسياق مع ما يتناقض تماما مع القانون الدولي وقواعد الحياد التي تفرضها الممارسة الأممية.

وكان الأجدى أيضا أن يندد المسؤول الأممي بالظروف اللا إنسانية التي يعيشها الصحراويون المحتجزون في سجن كبير اسمه تندوف فوق التراب الجزائري، تمارس فيه كل أشكال الاضطهاد والتعذيب من قبل عصابة “البوليساريو” التي لم تكتف باختلاس الأموال والمساعدات الإنسانية، كما كشفت عن ذلك بالدليل القاطع تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين والبرنامج الغذائي العالمي ومكتب مكافحة الغش بالاتحاد الأوروبي، بل حولت مخيمات تندوف، في ظل حالة اليأس والإحباط، إلى مرتع خصب لتفريخ عناصر تنشط في مختلف أشكال الجريمة العابرة للحدود.

لكنه اكتفى، بدلا من ذلك، بإطلاق كلام على عواهنه من الجزائر، التي يعرف القاصي قبل الداني أنها هي التي صنعت “البوليساريو” ووفرت له المال والعتاد، وسخرت كل الإمكانات لتعاكس الوحدة الترابية لبلد جار، لا لشيء إلا لأنه نجح في تحقيق التنمية بلا غاز ولا بترول، ولكن بإرادة شعب موحد وراء قائد متبصر يواصل بلا كلل مسيرة النماء والازدهار.

وقبل أن يجرح شعور ملايين المغاربة بتصريحاته المسيئة، ألم يكن حريا بالأمين العام للأمم المتحدة، ولو من باب العدل، أن يعقد المقارنة بين الأقاليم الجنوبية التي تنعم فيها الساكنة الصحراوية بالعيش الكريم والأمن والاستقرار، ساكنة ما فتئت تبدي تشبثها بمغربيتها في كل مناسبة واستحقاق، وبين مخيمات تندوف حيث الذل والمهانة عنوان جحيم يومي يعيشه الصحراويون المحتجزون بمعسكرات الاعتقال.

لما لم يجهر، وهو في الجزائر، بدعوة لطالما رددتها مختلف المنظمات والدول، وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة التي يشرف عليها، لإجراء إحصاء لساكنة مخيمات تندوف، ودعوة الجزائر وصنيعتها إلى تمتيع الساكنة المحتجزة ضدا على إرادتها بحرية التنقل حتى يعودوا إلى وطنهم الأم وينعموا بعيش رغد كباقي إخوانهم

وفي موقف كهذا ألا يكون بان كي مون قد تجاهل كتب التاريخ التي تحكي عن روابط البيعة التي جمعت منذ القدم القبائل الصحراوية بسلاطين المغرب، والتي أثبتت أن الصحراء كانت وما تزال وستظل أرضا مغربية شاء من شاء وأبى من أبى، لأن المغاربة يعتبرون الصحراء مسألة وجود لا مسألة حدود.

 

التعليقات مغلقة.