مجلس النواب 2018 : تباين المواقف بشأن إصلاح معاشات البرلمانيين وتقرير أسعار المحروقات أبرز العناوين في الحياة النيابية – حدث كم

مجلس النواب 2018 : تباين المواقف بشأن إصلاح معاشات البرلمانيين وتقرير أسعار المحروقات أبرز العناوين في الحياة النيابية

الطيب كزرار: شهدت السنة التي نودعها محطات بارزة احتدم فيها النقاش بين أعضاء مجلس النواب بشأن العديد من القضايا والنصوص التشريعية نتيجة لتباين المواقف بخصوصها وكيفية تنزيل مضامينها على أرض الواقع، وخاصة تلك التي ترتبط بصورة البرلمان وتمثلها في أذهان الرأي العام الوطني.

كما شكلت سنة 2018 محطة مهمة في الحياة النيابية بالمغرب، نظرا للأنشطة التي شهدتها المؤسسة التشريعية، سواء تلك المرتبطة أساسا بوظائفها الدستورية والتشريعية والرقابية، أو تلك المرتبطة بالجانب الإشعاعي والدبلوماسي.

ويظل النقاش الذي شهده مجلس النواب بخصوص مسألة إصلاح معاشات البرلمانيين أحد الملفات التي استأثرت بنقاش كبير بين مكونات المؤسسة التشريعية، خاصة مع تباين المواقف وعدم التوصل إلى إجماع بخصوص هذا الملف خلال دراسة مقترحات القوانين بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالمجلس أثناء الدورة التشريعية السابقة.

فقد تم في هذا الإطار تقديم ثلاثة مقترحات قوانين ويتعلق الأمر بمقترح قانون تحدد بموجبه شروط وكيفيات تصفية نظام معاشات أعضاء البرلمان (فريق العدالة والتنمية)، والثاني يتعلق بمعاشات أعضاء مجلس النواب (فرق أحزاب الأغلبية بمجلس النواب بالإضافة إلى حزب الاستقلال)، ومقترح ثالث متعلق لإلغاء نظام معاشات أعضاء البرلمان.

وبالنظر للطابع المعقد لملف معاشات البرلمانيين وتقاطع التوجهات بشأنه فقد أدى النقاش المحتدم خلال الجلسة الأولى لدراسة هاته المقترحات داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالمجلس، وعدم الوصول إلى حل وسط يرضي الجميع، إلى تأجيل انعقاد اجتماع ثان إلى أجل غير مسمى.

ولم تنحصر إثارة هذا الموضوع فقط بين مكونات مجلس النواب، بل أصبح شأنا مجتمعيا، حيث اعتبر بعض المهتمين بالشأن النيابي أن مراجعة نظام المعاشات لا تكفي في ظل إشكالات العجز المطروحة ماديا من جهة، وفي ظل سوء الفهم بين من يرى الصفة البرلمانية وظيفة وبين من يراها مهمة محددة زمنيا من جهة أخرى.

وإلى جانب النقاش المرتبط بإصلاح نظام معاشات البرلمانيين شهد مجلس النواب خلال سنة 2018 تقديم تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول “كيفية تحديد أسعار البيع للعموم، وحقيقة وشروط المنافسة بقطاع المحروقات بعد قرار تحديد الأسعار”.

وقد أحدث هذا التقرير عقب مناقشته بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية المجلس، في ماي الماضي، جدلا واسعا داخلها، قبل أن يقرر مكتب المجلس رفعه إلى الجلسة العامة لمناقشته واتخاذ كافة الإجراءات المصاحبة لهذا القرار.

وكانت الفرق والمجموعة النيابية المنتمية للأغلبية والمعارضة بمجلس النواب قد شددت، خلال اجتماع اللجنة، على ضرورة بلورة إجراء لتحديد سقف لأسعار المحروقات، وكذا العمل على تقييم مدى نجاعة سياسة تحرير قطاع المحروقات بعد مرور سنتين على البدء في تنفيذه، مؤكدين أيضا على الضرورة الملحة لتفعيل قانون حماية المستهلك ومجلس المنافسة.

وكان تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة قد دعا إلى إحداث مرصد لتتبع ونشر المعطيات الخاصة بأسعار المحروقات المطبقة في جميع محطات توزيع المحروقات، مع إتاحة الاطلاع العمومي على محتواها والعمل على تحيينها، وكذا باعتماد نظام للمراقبة في شأن مصادر التموين وجودة المنتوج، والتحقق من مدى جدية الجودة في المنتوجات المصنفة “ممتازة” في محطات الوقود.

ويبصم النقاش الذي جرى حول الموضوع على مسار متقدم في العمل البرلماني وعلى أجواء الديمقراطية للوقوف على ملف “حارق وحساس” يؤثر على كل مناحي الحياة.

من جهة أخرى، شكل افتتاح الدورة الحالية “دورة أكتوبر 2018 ” محطة مهمة في مسار البرلمان تميزت بالخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي تميز بقرار جلالته تكليف لجنة خاصة تضطلع بمهمة تجميع وترتيب وهيكلة المساهمات المتعلقة بالنموذج التنموي الجديد وبلورة الخلاصات، داعيا جلالته إلى تقديم هذه الخلاصات في غضون الثلاثة أشهر المقبلة.

وقال جلالة الملك، في خطابه السامي، إنه يتعين على هذه اللجنة أن “ترفع إلى نظرنا السامي، مشروع النموذج التنموي الجديد، مع تحديد الأهداف المرسومة له، وروافد التغيير المقترحة، وكذا سبل تنزيله”.

وعلاقة بالأنشطة الإشعاعية، فقد نظم المجلس العديد من الفعاليات والندوات، من أبرزها الاجتماع البرلماني حول موضوع الهجرة بتعاون مع الاتحاد البرلماني االدولي، حيث شكل مناسبة لإيصال أصوات الشعوب التي يمثلونها، عبر تبني مقاربة واقعية ومتضامنة، ترتكز على التنمية المشتركة واحترام حقوق الإنسان.

ومن بين المحطات التي عرفتها المؤسسة التشريعية كذلك تلك التي جسدها تنظيم الدورة الثالثة للمنتدى البرلماني المغربي الفرنسي، والتي توجت ببيان ختامي أكد فيه ممثلو البرلمانين تقارب وجهات نظر قائدي البلدين وإرادة التعاون، اللذين يشهدان على قوة ونضج العلاقات بين البلدين، مضيفين أنه ” يظل كل من المغرب وفرنسا شريكا كبيرا أحد هما للآخر، لهما مصالح مشتركة في العديد من الملفات الجهوية والدولية، ويعملان معا على طرح حلول للمعضلات الرئيسية في عصرنا”.

كما تميزت حصيلة سنة 2018 بالنسبة لمجلس النواب، بالعمل الذي تم القيام به على مستوى الدبلوماسية الموازية حيث شهد المجلس بشكل شبه يومي لقاءات تندرج في إطار العلاقات الثنائية ومجموعات الصداقة والتعاون الدولي والعلاقات المتعددة الأطراف، وهو ما من شأنه إضفاء دفعة للعمل الدبلوماسي وتعزيز الدبلوماسية الرسمية لخدمة للمصالح العليا للمملكة.

ومن أجل رفع التحديات المطروحة أمامها سيكون من اللازم على المؤسسة التشريعية استثمار كافة الإمكانات المتاحة سواء على مستوى التشريع أو المراقبة متعددة الأوجه وتقييم السياسات العمومية من أجل تعزيز الانخراط في مسار التعبئة للنهوض بدور هاته المؤسسة بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية.

ح/م

التعليقات مغلقة.