مجلس المستشارين 2018 : فضاء للحوار العمومي والنقاش المجتمعي التعددي – حدث كم

مجلس المستشارين 2018 : فضاء للحوار العمومي والنقاش المجتمعي التعددي

الطيب كزرار: انخرط مجلس المستشارين خلال سنة 2018، في مجموعة من الأوراش والمبادرات التي سعت إلى جعل المؤسسة فضاء حاضنا للحوار العمومي والنقاش المجتمعي التعددي، وذلك انطلاقا من قناعته بأهمية التأهيل المستمر للعمل البرلماني.

وسعت هذه المبادرات، التي احتضنها المجلس طيلة السنة التي نودعها، إلى بلورة مخرجات في شكل وثائق وأرضيات عمل من أجل دعم العمل البرلماني، سواء على مستوى التشريع أو الرقابة أو تقييم السياسات العمومية أو الدبلوماسية البرلمانية، فضلا عن استيعاب الوظائف الدستورية الجديدة للمجلس.

ففضلا عن الأيام الدراسية والندوات التي نظمتها الفرق والمجموعات، وانسجاما مع القناعة الراسخة بالمكانة الدستورية التي يحتلها مجلس المستشارين، لم يدخر هذا الأخير جهدا في استثمار كل الفرص المتاحة لإطلاق مسار نقاش عمومي تعددي وتشاركي بشأن عدد من المواضيع والقضايا ذات الصلة بطبيعة وخصوصية هذه المؤسسة.

وهكذا، احتضنت المؤسسة التشريعية فعاليات أشغال المنتدى البرلماني الثالث للعدالة الاجتماعية، كمبادرة يطمح من ورائها إلى تكريس تقليد الاحتفال المنتظم باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، وكمناسبة سنوية لخلق التراكم في النقاش العمومي حول مواضيع مجتمعية ذات طابع استراتيجي.

وقد توج النقاش، خلال هذا المنتدى، بتوصيات مهمة من أبرزها الدعوة إلى ضرورة التفعيل الحقيقي والجدي للحوار الاجتماعي والتأكيد على أن مأسسته مدخل أساسي لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.

ومن أبرز المحطات أيضا، التي ميزت عمل المجلس خلال هذه السنة، تنظيم ندوة موضوعاتية حول “التنمية المندمجة للأقاليم الجنوبية” بمدينة الداخلة، في إطار تفعيل التوصيات الصادرة عن الملتقى البرلماني للجهات، حيث سعى اللقاء إلى الوقوف على مستويات إنجاز المشاريع المبرمجة ضمن استراتيجية تفعيل هذا النموذج التنموي بعد مرور حوالي سنتين من دخولها حيز التنفيذ (منذ 2016) ومدى بلوغ الأهداف المسطرة لهذا النموذج التنموي الواعد.

فبخصوص التنمية المندمجة للأقاليم الجنوبية ورهان الجهوية المتقدمة، أكد المشاركون في الندوة، في “إعلان الداخلة “، على أهمية المقاربة التشاركية وإشراك كافة المنتخبين المحليين وفعاليات المجتمع المدني على صعيد الأقاليم الجنوبية للمملكة، في رصد وتتبع تنفيذ المشاريع المبرمجة، وعلى الالتقائية والتكامل بين السياسات والبرامج العمومية، القطاعية منها والترابية، في تحقيق النتائج وبلوغ الأهداف المسطرة ضمن النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية.

في السياق ذاته، يعتزم المجلس تنظيم يوم 19 دجنبر الجاري، بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وجمعية رؤساء الجهات والجمعية المغربية لرؤساء الجماعات، وبدعم من شركائه الدوليين، النسخة الثالثة للملتقى البرلماني للجهات.

وينعقد الملتقى البرلماني الثالث للجهات، حسب المجلس، في سياق وطني يتسم بدخول ورش الجهوية المتقدمة مرحلة حاسمة فيما يتعلق بوضعه حيز التنفيذ على ضوء ما ورد في الرسالة الملكية السامية الموجهة لفعاليات الملتقى البرلماني الثاني للجهات.

ومن ضمن الأنشطة الأخرى التي ميزت عمل مجلس المستشارين تنظيم يوم دراسي حول حرية الجمعيات والتجمعات، وذلك بمناسبة الذكرى 60 لصدور ظهائر الحريات العامة في 15 نونبر 1958، كما وقع تغييرها وتتميمها، كمساهمة منه إغناء النقاش حول ممارسة حرية الجمعيات والتجمعات على أرض الواقع وما تواجهه من تحديات، على ضوء المقتضيات الدستورية ولاسيما الفصل 29 الذي يؤكد أن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات”.

وتظل من المحطات المهمة أيضا في مسار المجلس خلال السنة الجارية إعادة انتخاب عبد الحكيم بن شماش رئيسا لمجلس المستشارين، بعد حصوله على 63 صوتا من مجموع 91 من الأصوات المعبر عنها، بينما حاز منافسه نبيل شيخي، عن فريق العدالة والتنمية، على 19 صوتا.

وقد أثار انتخاب السيد بن شماش رئيسا للمجلس آنذاك العديد من التساؤلات من قبل متتبعين للشأن السياسي، وخاصة عن سبب الذي دفع أحزاب من الأغلبية الحكومية للتصويت لمرشح حزب المعارضة.

من جهة أخرى، وعملا بأحكام الفصل السابع والستين من الدستور والقانون التنظيمي رقم 085.13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، عقد مجلس المستشارين في يوليوز الماضي جلسة عامة خصصت لتقديم ومناقشة تقرير اللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول “المكتب الوطني المغربي للسياحة” وتقرير اللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول “ترخيص الحكومة باستيراد النفايات”.

كما واصل مجلس المستشارين، بحكم مكانته الدستورية، تفعيل اختصاصاته في مجالات مراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، وخاصة من خلال جلسات الأسئلة الشفهية، وكذا الجلسات الشهرية التي يجيب فيها رئيس الحكومة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، هذا دون إغفال عمل اللجان الدائمة واللجان النيابية لتقصي الحقائق.

على صعيد آخر، اشتغل المجلس على مجموعة من المبادرات على مختلف الواجهات والمستويات الجيوستراتيجية سعيا منه إلى الارتقاء بالعمل البرلماني الدبلوماسي، ليكون مواكبا للتوجهات الاستراتيجية للخطب الملكية كمرجعيات أساسية.

وقد شكل العمل البرلماني الدبلوماسي إحدى الأدوار والأولويات الأساسية لمجلس المستشارين كواجهة محورية للدفاع عن القضايا الإستراتيجية للمغرب وعلى رأسها القضية الوطنية، وكذا تمتين وتعزيز علاقات الشراكة والتعاون مع مختلف مكونات المنتظم البرلماني الدولي.

وتمكن المجلس من تطوير وتقوية حضوره في المشهد الدبلوماسي البرلماني، بفضل الدينامية المتميزة التي يشهدها عمله، مما مكنه من تحقيق العديد من الإنجازات والمكتسبات الدبلوماسية، سواء على مستوى انخراطه أو تعزيز تموقعه في الإتحادات والجمعيات البرلمانية الجهوية والقارية بمختلف المناطق، أو على صعيد تقوية وتمتين علاقاته مع شركائه الاستراتيجيين ومختلف الهيئات البرلمانية الدولية.

كما تميزت السنة الجارية بإطلاق مجلس المستشارين تطبيقات إلكترونية تهدف إلى تعميم استعمال تكنولوجيا الإعلام والتواصل في جميع أشغال المجلس، وذلك كخطوة كبيرة للوصول إلى البرلمان الإلكتروني.

ويأتي اللجوء إلى التطبيقات الإلكترونية من منطلق القناعة بحق الرأي العام والصحافة الوطنية في الاطلاع على شؤون المؤسسة التشريعية وكل ما يدور فيها من أشغال وأنشطة.

ويسعى مجلس المستشارين، ومن خلال واجهات العمل التي يضطلع بها، إلى متابعة العمل من أجل تأهيل العمل البرلماني في شتى مناحيه ومواصلة الطريق لتوطيد أدوار المؤسسات الدستورية.

ح/م

 

التعليقات مغلقة.