فيلم “السعداء”.. رصد لشخصيات تعيسة خلفتها العشرية السوداء بالجزائر – حدث كم

فيلم “السعداء”.. رصد لشخصيات تعيسة خلفتها العشرية السوداء بالجزائر

هاجر الراضي: في الوقت الذي كانت فيه الجزائر تحاول لملمة جراحها وهي تغادر الحرب الاهلية التي امتدت عقدا من الزمن، تاركة آثارها على سلوك الجزائريين ونفسياتهم، بدأت مظاهر البحث عن النفس والضياع والقلق تتجلى بشأن المستقبل المجهول وامكانية الشفاء من الجراح العميقة النازفة التي تركتها تلك المرحلة الدامية.

على طول الفيلم الجزائري “السعداء” الذي عرض مساء اليوم الاثنين، في إطار مسابقة مهرجان خريبكة للسينما الافريقية، تحاول عدسة المخرجة صافية بن جبار الربط بين الواقع والذاكرة، من خلال تقاطع مصير الشخصيات التي اختارتهم لفيلمها، ومن خلال تسليط الضوء على أحلامهم المهدورة وحالة التيه التي يعيشونها بحثا عن انفسهم وعن وطنهم ما قبل العشرية السوداء.

تنهض أحداث الفيلم على الصراع بين الزوجين سمير وأمل وعدم التوافق بينهما على خيارات الحياة والمستقبل، مما يصنع تنافرا وتوترا في علاقتهما الزوجية. يول د هذا الصراع ضغوطا عليهما، بعدما جمع الحب بينهما في زمن الحرب، وأصابهما القنوط في زمن اليأس .

تصر الزوجة على قرار العودة إلى فرنسا، وترتيب مستقبل أحسن وأفضل لابنهما الوحيد، وعلى النقيض من ذلك يقرر الزوج البقاء في الوطن والعمل في عيادته الطبية، حبث ينعكس هذا الصراع على إهمال الابن “فهيم ” الذي يرفض اقتراح الوالدة، ويسلك الشارع عبر تعاطي المخدرات رفقة أصدقاء سوء خلفتهم الأزمات النفسية لأبائهم بعد الحرب.

وتمثل هذه التناقضات أهمية الفيلم، حيث تتفرع عنها مجموعة من الأفكار والمواضيع، أرادت صافية بن جبار ترجمتها سينمائيا، كي تعكس صورة واقعية لما يجري داخل المجتمع الجزائري، من خلال رصد شخصيات اخرى تعيش حياة النسيان باحثة عن أمل ولو كان سرابا بعد أن أصبحت حياتهم فاقدة للمعنى تكتنفها التعاسة في تناقض واضح مع عنوان الفيلم .

ومن خلال “السعداء” سلطت المخرجة الضوء على حياة الناس وأوجاعهم، منطلقة من أحداث لا تدور الوقائع في زمنها، ولكن آثارها لاتزال جاثمة على النفوس، ولهذا كانت التناقضات واضحة لدى الشخصيات، تناقضات نفسية وسلوكية وأخلاقية أيضا، افضت الى الكثير من المفارقات التي تتجسد في صراع الاجيال والتفكك الأسري.

ويعتبر هذا الفيلم الروائي الطويل، الأول للمخرجة صافية بن جبار، وقبله قدمت مجموعة من الأفلام القصيرة وانطلقت تجربتها كمخرجة وككاتبة سيناريو سنة 2011 عبر الفيلمين القصيرين “حابسين” و”الخطوات المائة للسيد إيكس”.

ويتنافس فيلم “السعداء” (ساعة وأربعون دقيقة)، على الجائزة الكبرى، ضمن فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمهرجان السينما الإفريقية، المنظم إلى غاية ال22 دجنبر الجاري تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

ح/م

التعليقات مغلقة.