توفيق صولاجي: يشكل الثامن من مارس من كل سنة محطة مهمة بالنسبة للمرأة، تقف من خلالها على مختلف التطورات التي عرفتها في كل المجالات، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الرياضة.
وعلى غرار العديد من الدول العربية سطعت أسماء عديدة من الرياضيات المغربيات في المحافل المحلية والإقليمية والدولية، وكن بحق نجمات عصرهن ومفخرة لبلدهن.
ففي المجال الرياضي، الذي يعتبر من أكثر المجالات التي يصعب على المرأة التفوق فيها، تحدت المرأة المغربية الكثير من الصعاب والعقبات، وأثبتت جدارتها في هذا المجال، حيث أكدت بالفعل قدرتها وتفوقها في مختلف الأنواع الرياضية وتمكنت من تحقيق خطوات متقدمة جدا سواء على مستوى الممارسة أو على مستوى التسيير والإدارة.
كما أثبتت المرأة المغربية وجودها متبارية وممارسة متألقة، حتى قبل أن تفوز نوال المتوكل بالميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية بلوس أنجلوس في 1984، من خلال تألق فاطمة الفقير وفاطمة عوام وحسنية الدرامي وغيرهن من البطلات اللواتي برهن عن علو كعبهن في العديد من الملتقيات الدولية والتظاهرات القارية.
وباتت المرأة المغربية نموذجا يحتذى به بالنسبة للنساء في عدد من البلدان، حيث إنها لم تكتف بمجرد خوض غمار الألعاب والمسابقات على اختلاف أنواعها، بل احتلت مراكز متميزة في الكثير من المحافل إن على المستوى القاري أو الدولي وسجلت اسمها كرقم صعب إلى جانب الرجل.
ولعل من أبرز النماذج التي تستحق الإشادة في كل مرة وجب التذكير بالتاريخ التليد للرياضيات المغربيات وإنجازاتهن، العداءة الأسطورة نوال المتوكل التي تعتبر أول بطلة أولمبية عربية وأول وزيرة للرياضة في العالم العربي وأول امرأة عربية وإفريقية تشغل منصب النائب الأول لرئيس اللجنة الأولمبية، فضلا عن ترؤسها لعدة لجان تنظيمية داخل اللجنة الأولمبية الدولية.
فقد شكل إنجاز المتوكل، الذي سيبقى راسخا في الأذهان، بداية طريق عبد آنذاك من أجل بطلات أخريات، كفاطمة عوام وحسنية الدرامي (أولمبياد سيول 1988) ونزهة بدوان (نحاسية أولمبية في 400 م حواجز) وحفيظة الواصف ورحمة باحو ولمياء بلقاسم ومنى بن عبد الرسول ومونية بوركيك والصاعدتان صفية صالح وفاطمة الزهراء أبو فارس في رياضة التايكواندو، وسارة البكري في السباحة، ونوال السلاوي وغالية السبتي في الألعاب الشتوية (المنعرجات الكبرى والصغرى) وزهرة واعزيز في ألعاب القوى، ووفاء العمري وهند بهاجي في الشطرنج ونعيمة الغواتي (ناديا كومانيتشي العرب) في الجمباز، وغيرهن من النماذج النسائية الرياضية الناجحة.
فكما كان الشأن بالنسبة للرعيل الأول من الرياضيات المغربيات، كرس الجيل الثاني منهن الاستثناء لقاعدة مفادها أن الإبداع والتفوق الرياضي يبقى حكرا على الرجال دون غيرهن، مثل نزهة بدوان وحسناء بنحسي (ألعاب القوى) وبهية محتسن (كرة المضرب) ونجاة الكرعة (ألعاب القوى لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة) وأسماء نيانغ (التايكواندو) وفاطمة الزهراء الحياني المتوجة بميدالية ذهبية في بطولة إفريقيا للدراجات ولمياء بومهدي العميدة السابقة للمنتخب الوطني لكرة القدم وغيرهن من النماذج النسائية الرياضية الناجحة.
كما دخلت المرأة المغربية، مجال التسيير والتحكيم على الصعيدين القاري والدولي من بابه الواسع، بانتخاب رئيسة الجامعة الملكية المغربية للكرة الطائرة ، بشرى حجيج ، مؤخرا نائبة لرئيس الكونفدرالية الإفريقية للعبة، وقبلها سميرة بناني، إحدى رائدات سباقات السيارات على الصعيدين العربي والإفريقي، كأول امرأة مغربية يتم تعيينها ممثلة للقارة الإفريقية في الاتحاد الدولي للسيارات، وفطومة فريد رئيسة لجنة المرأة والتنمية بالجامعة الملكية للزوارق الشراعية.
أما في مجال التحكيم فبرزت وتألقت نزهة الحنفي كحكمة مغربية ودولية في كرة السلة وسهير اللمتوني البطلة القارية والحكمة الدولية في رياضة الجيدو وغيرهن كثير.
ولم تقف انجازات المرأة المغربية عند انتزاع ميداليات اختلف معدنها، والانخراط في الهئيات الرياضية القارية والدولية، بل اقتحمت عالم المغامرة، الذي كان محمية ذكورية بامتياز، حيث رفعت بشرى بايبانو تحدي العمر وتحقيق أسمى ما يتطلع إليه متسلقو الجبال في جميع أنحاء العالم، بوقوفها على أعلى نقطة في القمم السبع الأكثر شراسة (كليمنجارو في أفريقيا 2011) ، إلبروس في أوروبا 2012، أكونكاغوا في أمريكا الجنوبية 2014 ، جبل ماكينلي في أمريكا الشمالية 2014، بيراميدس كارستنزي في إسيانيا 2015 ، إفريست في آسيا 2017، ثم فينسون في القطب الجنوبي 2018 )، لتكون أول امرأة مغربية ترفع العلم المغربي على أعلى قمة في العالم.
وعلى الرغم من الإكراهات والصعوبات المتعددة الأوجه التي لا زالت تعترض المرأة الرياضية المغربية في المجال الرياضي، فإن المغرب أنجب العشرات من البطلات على المستوى الوطني والعربي والإفريقي والعالمي، بطلات فرضن أنفسهن بإصرار في كل حقل وحلبة.
بيد أن هذه الإنجازات، التي ستظل موشومة بمداد الفخر والاعتزاز في السجل الرياضي المغربي، تحقق أغلبها على المستوى الفردي، ليبقى حضور الرياضات النسوية الجماعية محتشما في المحافل القارية والدولية، وتظل بالتالي في حاجة إلى تأهيلها ودعمها حتى تكون في المستوى الذي يسمح لها بالحضور في مختلف الاستحقاقات، ولن يتأتى ذلك إلا بوجود منهجية للعمل القاعدي مع التخطيط والتأطير، من خلال وضع آليات للاشتغال ومعرفة الحاجيات الحقيقية التي تحتاجها الرياضة النسوية الجماعية.
ح
التعليقات مغلقة.