اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال : انخراط المغرب في القضاء على “محنة الصغار” ! – حدث كم

اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال : انخراط المغرب في القضاء على “محنة الصغار” !

يشكل اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال الذي يحتفل به المغرب غد الأحد على غرار باقي دول المعمور، مناسبة للوقوف على الجهود التي يبذلها المغرب من أجل القضاء على “محنة الأطفال” في أماكن العمل في إطار انخراطه المتواصل لتزيل مقتضيات الدستور والوفاء بالتزاماته الدولية ذات الصلة بحماية الاطفال.
وإذا كانت جهود المجتمع الدولي قد انصبت على القيام بإصلاحات تشريعية وسياسية تضمن القضاء على عمالة الأطفال وتوفر الحماية الاجتماعية للعمال المنزلين الذين بلغوا السن القانونية للشغل، فإن المغرب اتخذ عدة مبادرات لحماية حقوق الطفل وصون كرامته مع مراعاة خصوصية تكوينه، والمتمثلة بالخصوص في المصادقة على البروتوكول الاختياري الثالث للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الخاص بإجراء تقديم البلاغات. كما تتجلى هذه التدابير بوضوح، حسب الرئيس السابق للجمعية المغربية لمفتشي الشغل محمد طارق، في إحداث آليات ومؤسسات عهد إليها بتنزيل حقوق الطفل كما ينص على ذلك دستور 2011، بينما أفردت مدونة الشغل بالمغرب موادا خاصة بالتصدي لظاهرة تشغيل الأطفال، تماشيا مع مقتضيات اتفاقيتي العمل الدولية 138 و183 المتعلقتين بالحد الأدنى لسن العمل، إضافة إلى مراجعة شاملة للترسانة القانونية المتعلقة بتشغيل الأطفال وبإعداد مشاريع قوانين جديدة لتقنين هذا المجال.
وأبرز السيد طارق، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الجهود تبقى محدودة في الحد من تطور وخطورة الظاهرة ، بالنظر للتحديات التي يواجهها المغرب والمتمثلة أساسا في تحقيق تنمية اقتصادية اجتماعية شاملة تنعكس إيجابا على مستوى عيش سكان المغرب بمختلف فئاتهم الاجتماعية وانتماءاتهم الترابية.
و شدد السيد طارق، وهو أستاذ جامعي بكلية المحمدية، على ضرورة بذل المزيد من الجهود للتحسيس والتوعية بحقوق الطفل وجعلها جزءا لا يتجزأ من ثقافة أشمل لحقوق الإنسان داخل المجتمع.
وبالفعل، فإن أبرز دليل على انخراط المغرب في هذا المسار يتجلى في المصادقة، مؤخرا، بالأغلبية بمجلس النواب على مشروع قانون رقم 19.12 يقضي بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين.
و”تجاوبا مع مطالب بعض فئات المجتمع بمراجعة السن الأدنى للقبول في العمل المحدد في 16 سنة في المادة 6 من المشروع”، تمت المصادقة على مقترح تقدمت به الحكومة يقضي بإدخال تعديلات على المادة السالفة الذكر من خلال تحديد السن الأدنى للقبول في العمل في 18 سنة مع التنصيص على أنه “يمكن تشغيل العاملات أو العمال المنزليين المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و18 سنة لفترة انتقالية مدتها 5 سنوات تبتدئ من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ.
وقد حظيت مبادرات المغرب لمناهضة تشغيل الأطفال بإشادة دولية، إذ هنأ المدير العام لمنظمة العمل الدولية غي ريدر المغرب لجهوده الرامية إلى النهوض بالمعايير الدولية في مجال التشغيل والحماية الاجتماعية، في إشارة إلى المصادقة على القانون المتعلق بالعمل المنزلي .
وقد مكنت معطيات البحث الوطني حول التشغيل الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط من قياس تطور ظاهرة تشغيل الأطفال وخاصياتها بالمغرب، إذ تبين من خلال معطيات المندوبية أن عدد الأطفال المشتغلين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 سنوات وأقل من 15 سنة بلغ، سنة 2012 نسبة 1,8 في المائة من مجموع الأطفال الذين ينتمون إلى هذه الفئة العمرية.
وحسب هذه المعطيات، فقد عرفت هذه الظاهرة تراجعا كبيرا منذ 1999، حيث كانت تهم قرابة 9,7 في المائة من مجموع الأشخاص المنتمين لهذه الشريحة العمرية. وأشارت المندوبية إلى تمركز ظاهرة تشغيل الأطفال بالوسط القروي، حيث همت 3,6 في المائة من الأطفال (76.000) سنة 2013 مقابل 16,2 في المائة سنة 1999 (452.000 طفل)، في حين لا تهم هذه الظاهرة بالوسط الحضري سوى 0,4 في المائة من الأطفال (10 آلاف) مقابل 2,5 في المائة سنة 1999 (65.000 طفل) .
وعلى الصعيد الدولي، تشير دراسة أنجزتها، مؤخرا، منظمة العمل الدولية إلى أن عدد الأطفال العاملين في العالم يبلغ 168 مليون طفل، من بينهم 120 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عاما.
وبحسب هذه الدراسة فإن نحو 20-30 في المائة من الأطفال في الدول ذات الدخل المنخفض ينتقلون من المدرسة إلى العمل قبل سن 15 عاما، وأن نسبة أكبر من ذلك تترك المدرسة قبل هذا السن.
وخلصت إلى أن عمل الطفل يترافق مع انخفاض تحصيله العلمي ومزاولته لاحقا كبالغ مهنا لا تلبي المعايير الأساسية للعمل اللائق، كما أن احتمال حصول من يغادر المدرسة مبكرا على وظيفة مستقرة يتقلص، بل ويصير أكثر عرضة للبقاء خارج سوق الشغل كليا.
وفي انتظار القضاء بشكل نهائي على تشغيل الأطفال بالمغرب، يبقى الأمل مرهونا بالعمل على التسريع بإخراج إلى حيز الوجود قانون يحدد شروط الشغل والتشغيل ويكفل حقوق هذه الفئة من المجتمع المغربي.

إعداد سهام توفيقي : (و.م.ع)

 

التعليقات مغلقة.